تعيش مدينة سطورة الساحلية ككل سنة أزهى الأيام وأجملها، فهي المكان الوحيد الذي تظل فيه الحركة دائمة ومتواصلة إلى غاية ساعة جد متقدمة من الليل، بخلاف وسط المدينة الذي يتحول بمجرد أن يسدل الليل ستائره الأولى إلى شبه مدينة أشباح بعد أن يغلق التجار مبكرا محلاتهم الممتدة على طول شارع الأقواس، بما في ذلك تلك المتواجدة بشارع الممرات. وعدا أصوات المقاهي المتناثرة على مستوى الساحات وداخل الأحياء وضجيج محركات السيارات التي تعبر الشارع الرئيسي "ديدوش مراد" وحركة العائلات المتجهة إلى الكورنيش، وبهذه الحركية فإن "سطورة" تأبى أن تستسلم للروتين الممل... وبخلاف المشهد اليومي الذي تعيشه أعرق مدينة خلال كل صائفة بسكيكدة، فإن الحياة تبدأ في الانتعاش والحركية بداية من النهج المطل على البحر إلى غاية سطورة، مرورا بشواطئ القصر الأخضر وماركاث والجنة وبيكني، أين تشدك مناظر العائلات والشباب والشابات والأطفال متجهين زمرا زمرا نحو سطورة مشيا على الأقدام بضجيجهم الذي يختلط بأصوات أمواج البحر، حينما تلامس الرمال والصخور والأغاني والموسيقى المنبعثة من المحلات وقاعات الأفراح وبضجيج أصوات أبواق السيارات ومواكب الأعراس وحتى صراخ الأطفال. فالثلاثة كيلومترات التي يقطعونها مشيا ووسط هذه الأجواء الحالمة لا تمثل بالنسبة إليهم أي شيء أمام الازدحام الكبير ونسمات البحر التي تنسيهم حر المساكن وروائح السمك المشوي على الفحم والشواء ورائحة البشنة أو المستورة المشوية أيضا والديكور الذي تصنعه المحلات المختلفة بأنوارها المتلألئة منها المتخصصة في بيع الأكلات الخفيفة والأخرى في بيع مختلف المثلجات، كلها مشاهد تجعل من هذا الكورنيش لوحة فنية في غاية الجمال، وما يلفت الانتباه في كل هذا استمرار العديد من المصطافين في العوم ليلا بالرغم من المخاطر، فيما تتخذ بعض العائلات من شواطئ كورنيش سكيكدة مكانا مفضلا لتناول العشاء أو السمر وسط أكواب من الشاي المنعنع الذي تصطحبه العائلات معها. أما بسطورة التي تعد بحق عروسا، بالخصوص بعد أن طالتها أشغال التهيئة وتدعمت بمارينة زادتها جمالا، فإنها تبقى المكان الوحيد دون منازع الذي تؤمها العائلة السكيكدية التي تفضل قضاء سهراتها الليلية بها مستمتعة بما أضحت عليه، خاصة على مستوى المارينة التي تبقى المكان المفضل لديها. ولابد أن نشير هنا إلى أن التوافد القياسي على سطورة حوّل الطريق المؤدي إليها إلى جحيم حقيقي وسط استياء كبير من قبل أصحاب المركبات، لاسيما أصحاب "الصفراء" أي التاكسي- الذين يعزفون بداية من الفترة المسائية في نقل العائلات بسبب الازدحام الذي يصل إلى حالة التشبع. فمسافات 03 كيلومترات تقطعها السيارات في 04 ساعات ذهابا فقط وهي النقطة السوداء التي تبقى تميز هذا المسار بالخصوص بداية من تلك الفترة أمام غياب حلول ناجعة تساهم في التخفيف من حركة السير على طول هذا المحور، بما في ذلك الطريق العلوي المؤدي إلى سطورة الذي يشهد نفس الازدحام. وفيما يخص الخدمات المقدمة من قبل المحلات الممتدة على طول الكورنيش، فإنها تبقى أمام ارتفاع أسعارها دون المستوى، خاصة الجانب المتعلق بالنوعية وكذا الخدمات المقدمة. وعن سر هذا الإقبال على سطورة، فقد أرجعته العائلات التي تحدثنا معها إلى توفر عنصر الأمن في إطار المخطط الأزرق الذي ضبطته مصالح أمن سكيكدة خلال الموسم الصيفي الجاري.