زعم مسؤولو مختلف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، لتبرير عدم منع الجرائم التي يقترفها المتطرفون اليهود ضد المواطنين الفلسطينيين بدعوى انخراطهم في مجموعات صغيرة يصعب اختراقها، إلى جانب عدم استخدامهم للهاتف المحمول وإصرارهم على التزام الصمت خلال جلسات استنطاقهم تنفيذا لتعليمات يجب انتهاجها أمام قوات الأمن. وكانت إذاعة الاحتلال أكدت عثور أجهزة الأمن خلال عملية مداهمة لمعاقل هذه المجموعات على وثيقة تضمنت توجيهات حول كيفية إضرام النار في المساجد والكنائس ومنازل الفلسطينيين دون ترك أي أثر. وهي مبررات واهية إذا علمنا أساليب الاستنطاق التي تمارسها المخابرات الداخلية الإسرائيلية ضد المواطنين الفلسطينيين وأطفال الحجارة لمجرد الاشتباه فيهم وجعلهم يعترفون بأشياء لم يفعلوها، تفاديا للموت في زنزانات جهاز "الشين بيت" المخابرات الداخلية. وجاء رد الأجهزة الأمنية للتنصل من مسؤوليتها ومن سيل الانتقادات التي كالتها مختلف المنظمات الحقوقية الدولية إزاء هذه الجريمة البشعة واللاعقاب الذي يتمتع به المستوطنون اليهود والذي كان أهم عامل زاد في جبروتهم وجعلهم قوة موازية لا أحد تجرأ على ردع عناصرها. وهو ما جعل إسحاق هرزوق، زعيم معارضة يسار الوسط الإسرائيلية يؤكد في طعن لهذه المبررات أن "الدولة عندما تريد فبإمكانها محاربة الإرهاب". وطالب أكبر حكومة يمينية يعرفها الكيان الإسرائيلي المحتل بأن تقوم بمحاسبة ضميرها. وفي وخز للضمير، راح الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز ينتقد الوزير الأول الإسرائيلي وحليفه السابق بنيامين نتانياهو قائلا إن "الذي يحرض على العنف وكراهية العرب لن يتفاجأ عندما يتم حرق كنائس ومساجد وأخيرا حرق طفل رضيع في عز الليل". وما تزال تداعيات اغتيال الرضيع الفلسطيني، علي الدوابشة حرقا تلقي بظلالها على الوضع العام في الأراضي الفلسطينية وسط موجة غضب عارمة رافضة لقتل الفلسطينيين الأبرياء والمطالبة بمحاكمة الجناة. وعرفت باحات المسجد الأقصى المبارك مواجهات بين مصلين فلسطينيين وشرطة الاحتلال بعد إغلاق كل الطرق المؤدية إلى المسجد الشريف لمنع وصول المصلين إليه تفاديا لتكرار المواجهات المندلعة منذ حرق الرضيع الفلسطيني الذي رفع المتظاهرون صوره تعبيرا عن درجة سخطهم واستنكارهم لتلك الجريمة. وهو اتهام مبرر بدليل أنه وإلى حد الآن، لم يتم إلقاء القبض على منفذي جريمة حرق عائلة الدوابشة ولا حتى تحديد هويتهم مما جعل الفلسطينيين الغاضبين يفقدون الأمل في إمكانية مثول المجرمين أمام القضاء بسبب استيلاء الأحزاب الدينية والاستيطانية على مقاليد مختلف الهيئات والمؤسسات الحكومية الإسرائيلية. وهو حال 11 ألف اعتداء نفذه مستوطنون يهود ضد الفلسطينيين خلال عشر سنوات الأخيرة دون أن يلقى واحد منهم جزاءه، حيث بقيت 85 بالمئة من الدعاوى القضائية المرفوعة ضدهم أمام القضاء الإسرائيلي دون رد أو تحت ذريعة انتفاء وجه الدعوى. وهي تصرفات كرست العجرفة اليهودية على أبناء الأرض وجعلتهم اليوم يعيثون فسادا في أملاك وأرواح الفلسطينيين دون ملاحقة ولا عقاب.