حملت دولة الكويت زادها الثقافي، وتحمّل وفدها متاعب السفر، لتنقل لشقيقتها الجزائر جزءا من الموروث الثقافي والفني الكويتي، وتشاركها فرحة العرس الثقافي العربي الكبير، المتمثل في ”قسنطينة عاصمة الثقافة العربية”، لتُفرح مع فرح الجزائريين وتقول للعالم إنّ العالم العربي قطعة واحدة، وأبناؤه يتألمّون بتألّم أيّ عربي في أيّ بقعة من الأرض، هي الكويت التي اختيرت لتكون مركزا إنسانيا عالميا، ويكون أميرها قائدا للعمل الإنساني من طرف الأممالمتحدة، هي كويت الأصالة والحداثة، التي تسعى دوما للحفاظ على اللغة العربية وحرف الضاد، طارت إلى عاصمة الشرق الجزائري لتقول بكلمات الملحن والمؤلف الكويتي محمد الرويشد: ”حيوا الجزائر بأجمل تحية.. من شعب الكويت هذه الهدية”. افتتح عز الدين ميهوبي وزير الثقافة بقاعة الحفلات ”أحمد باي”، ليلة أوّل أمس، الأيام الثقافية الكويتية التي تندرج ضمن فعاليات الأسابيع الثقافية العربية في إطار ”قسنطينة عاصمة الثقافة العربية”، وهو الأسبوع الثقافي السادس، حيث دشّن ميهوبي رفقة بدر فيصل الدويش رئيس الوفد الكويتي والأمين العام لقطاع الثقافة، معرض الصور الفوتوغرافية التي تبرز صورة الكويت في أبهى حلة. كما يضمّ المعرض صورة كبيرة لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أثناء تكريمه واختياره قائدا للعمل الإنساني من طرف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وفي هذا الإطار، أكّد ميهوبي أنّ العلاقة بين الجزائروالكويت متينة وقوية، مضيفا أنّ الكويت بتاريخها المجيد وماضيها المشرف، من البلدان التي أسّست لفعل ثقافي متميّز، فكانت بلدا رائدا في دعم العمل الثقافي، ومن البلدان التي تشكّل مرجعية ثقافية هامة للجزائر، معتبرا أنّ مجلة ”العربي” التي أُسّست سنة 1958، ساندت الثورة عندما وضعت في أوّل عدد لها ملفا حول الثورة الجزائرية. وقال ميهوبي إنّ الذين يزورون الكويت سيجدون حديقة اسمها ”وهران”، وشارعا باسم ”الجزائر”، ومدرسة باسم ”جميلة بوحيرد”، مؤكّدا أنّ للجزائر مكانة كبيرة في قلوب الكويتيين، والصلات التاريخية بين الجزائروالكويت ليست جديدة، وهناك علاقات أخوية متينة تربط بين قادة البلدين. واعتبر الوزير أنّ الشيخ أحمد الجابر الصباح كانت له أيد بيضاء على الجزائر ومواقف كبيرة، تواصلت هذه العلاقة منذ الاستقلال إلى اليوم، وهي مواقف عديدة أسّسها الكويتيون في الجزائر، وعلى رأسهم واحد من أعلام الكويت والثقافة العربية، وهو عبد العزيز سعود البابطين رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، الذي أخذ على عاتقه تنظيم الدورة العاشرة عام 2000 بالجزائر، وكانت من أنجح الدورات، كما تكفّل ببناء ثانوية بولاية الأغواط سميت بثانوية ”الأخوّة الكويتيةالجزائرية”، وتكفّل ببناء عدد من السكنات لفائدة عدد من ضحايا الإرهاب على مشارف العاصمة. وقال ميهوبي - الذي دعا وسائل الإعلام المختلفة للاهتمام بهذه الأيام الثقافية - إنّ الجزائر كانت دائما سندا لشقيقتها الكويت، فشعب الكويت شعب مضياف وكريم، ويقدّم النموذج الناصع في التنمية والتقدّم والتطوّر وبناء الثقافة الواعية الأصيلة، مثنيا التحضير المتميّز والبرنامج الثريّ للوزير الكويتي الشيخ سلمان الصباح، الذي كان حريصا على أن يكون للكويت الحضور المتميّز في هذه التظاهرة. من جهته، أثنى بدر فيصل الدويش رئيس الوفد الكويتي والأمين العام لقطاع الثقافة خلال كلمته الترحيبية، على العلاقات المتميزة بين الجزائر وبلده، مؤكّدا أنّ مشاركة دولة الكويت في هذا العرس الثقافي العربي إنّما تأتي في إطار التأكيد على عمق العلاقات الجزائريةالكويتية في شتى المجالات، وهي علاقات يتطلّع البلدان لتعزيزها وتطويرها باستمرار لاسيما من خلال اللقاءات والفعاليات الثقافية في ظلّ النهضة التنموية والتنويرية والانفتاح على الثقافات التي تعيشها الدولتان على الساحة العربية والدولية. ونقل الدويش تحيات وتمنيات وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب الشيخ سلمان صباح السالم الحمود الصباح، بنجاح فعاليات ”قسنطينة عاصمة للثقافة العربية”، مشيرا إلى الدور البارز للمجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب بالكويت في عملية التنمية الفكرية والثقافة والفنية وبذل الجهود العملية والمادية، وهو ما يتجلى - حسب تأكيده - في رعايته الفنانين الشعبيين القدامى وحماية تراثهم وآثارهم من الضياع؛ من خلال توثيق الموسيقى والموروث غير المادي، خاصة أنّ التراث يعكس الكثير من مظاهر الحياة والجوانب الثقافية والفنية للمجتمع الكويتي، ومن منطلق أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية القومية العربية التي تُعتبر عنصرا هاما في تنمية الروح الوطنية وتكوين الصلات الشخصية للمجتمع. وقال رئيس الوفد الكويتي إنّ هذا المجلس يعمل على حفظ ونشر التراث العربي من خلال إصدار السلاسل وموسوعات، على غرار تاج العروس للزبيدي، التي تضم 60 مجلدا ضخما، سلسلة عالم المعرفة، سلسلة المسرح العالمي وغيرها من الإصدارات التي شكلت وجدان القارئ العربي. الفنان قتيبة السالمي: مشاركة واسعة وجمهور رائع أكّد الفنان قتيبة السالمي ل«لمساء”، أنّ هذه المشاركة جميلة وكان الجمهور الجزائري رائعا من خلال تجاوبه مع الحفل الفني الذي قدّمته الفرقة الفنية خلال أمسية الافتتاح بقاعة الحفلات الصغرى، وقال ”سعداء بالمشاركة في مثل هذه الفعاليات الثقافية بين البلدان العربية، نتمنى أن تتقدّم هذه اللقاءات إلى الأحسن، ولقد قدّمت أربع أغاني، وكلّ أغنية كانت تحمل طابعا غنائيا كويتيا من طابع السامري، الطنبورة والرمبا الخليجي”. فضل الوفد الكويتي أن يكون حضوره إلى ”قسنطينة عاصمة الثقافة العربية” بحقيبة ثقافية ثرية ومتنوّعة، حيث حمل معه الفن والموسيقى التراثية الكويتية، كما حمل معه معرضا للصور الفوتوغرافية وآخر للخط العربي واللوحات التشكيلية، تترجم تجارب مختلفة في الرؤى والأفكار وأساليب واتجاهات فنية متعدّدة لبعض الفنانين البارزين بالكويت، على غرار الفنانة العنود الرشيد، بدر حياتي، عبد الله الزيد، عبد الله دكسن، فاضل الرئيس ومنى الغربللي. كما حمل وفد الكويت معه معرضا للحرف اليدوية، على غرار صناعة صناديق المشربكة ومعدات الغوص وشباك الصيد للأستاذ نواف العصفور، وحرف النسيج اليدوي والسدو للأستاذ حمد عوض إدبيس، وحرفة شك المسابيح للأستاذ يوسف عبد اللطيف لأحمد القلاف.وتضمّن المعرض أيضا إصدارات المجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب، على غرار سلسة ”عالم المعرفة” ومجلة ”الثقافة العالمية” ومختارات مترجمة من أحدث ما يُنشر في الدوريات الأجنبية. وتعرف الأيام الثقافية الكويتية تنظيم محاضرات، على غرار محاضرة ”الكويت بلد الإنسانية، الدولة .. والقائد” للدكتور عبد الرضا علي أسيري، و«المشاريع الثقافية في الكويت” للدكتور بدر فيصل الدويش و«جهود الكويت في الحفاظ على التراث الثقافي” للأستاذ شهاب عبد الحميد الشهاب. كما تمّ برمجة عرض فيلم سينمائي بهذه المناسبة، يتحدّث عن اختيار أمير الكويت كقائد للعمل الإنساني من طرف الأممالمتحدة، وتم برمجة أيضا أمسية أدبية من تنشيط الأديبة جميلة سيد علي ومحمد هشام المغربي. الفن الخليجي بإيقاعات كويتية أحيت الفرقة الموسيقية الكويتية، حفل افتتاح الأيام الثقافية الكويتية بقسنطينة عاصمة الثقافة العربية، من تنظيم الديوان الوطني للثقافة والإعلام، حيث أدت الفرقة المكونة من 12 فنانا باللباس التقليدي الخليجي، على آلات مختلفة مثل العود، الكمان، القانون والدف، بقيادة الملحن محمد الرويشد، وصلات غنائية تراثية تعكس تشبّت الكويت بالمورث الثقافي الفني الخليجي. نشّط الجزء الأول من السهرة الفنان قتيبة السالمي، الذي أدى أربع أغاني استهلها بأغنية ”يا ناس دلوني”، تلاه عزف منفرد لمقطع موسيقي على آلة العود، ليؤدي بعدها أغنية ”أحبك يا سلام”، ثم جاء عزف منفرد على آلة الكمان، لتأتي مباشرة بعدها أغنية ”عشقت حبك يا بدر”، وهي الأغنية التي تجاوب معها كثيرا الجمهور الحاضر، ليدخل مباشرة بعدها الناي في عزف منفرد ويضفي هدوءا تاما على القاعة. وأدى بعدها الفنان قتيبة السالمي، آخر أغانيه وهي ”حبك أسرني”، ليترك بعدها المجال لفرقة الطبول المشكّلة من أربع عازفين تفنّنوا في قرع طبول صغيرة أكثر بقليل من كف اليد وقدمت إقاعات راقصة تجاوب معها الحضور بالتصفيق، الرقص والزغاريد التي دوت القاعة، ثم تغير ريتم قرع الطبول بتغير الآلات من خلال الاعتماد على الدف، الدربوكة والطبل، ونشط الجزء الثاني من السهرة الفنان ”سليم المعلي” الذي قدم في الطابع الخليجي ”غالي حبيبي غالي”، ”يا أهلي يكفي ملام العتاب”، وأدى أغنية ”ديو” رفقة زميله قتيبة وأغنية ”من الكويت للجزائر ألف تحيّة” كانت مسك الختام وهدية للجمهور الجزائري.