في إحدى الحصص التلفزيونية لقناة عمومية فرنسية، تناولت ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى الدول الأوروبية، أفحمت كاتبة سينغالية مقيمة بفرنسا، الحاضرين بردها على من رموا بكل المسؤولية على الدول الإفريقية والعربية التي كما قالوا تتساهل في ترك مواطنيها يغامرون في البحار على أمل الوصول إلى شواطئ أوروبا وأراضيها. وزبدة ما قالت إن الظاهرة هي مشكلة أوروبية قبل أن تكون إفريقية، لأن أوروبا هي السبب في هذه الهجرة السرية، فأوروبا مسؤولة باستعمارها ونهبها لخيرات القارة طيلةعقود من الزمن، مما أفقر الدول العربية والإفريقية التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار، يضاف إلى ذلك أن الحروب التي تشنّها الدول العظمى ضد هذه الدول سواء المباشرة، كما وقع في ليبيا والعراق، أم الحروب التي تشنّها عن طريق ”المناولة” وتدعيمها للميليشيات المتطرفة التي تغذي الإرهاب لضرب استقرار الدول الإفريقية والعربية. فكيف تتنصل أوروبا من مسؤوليتها أمام تنامي ظاهرة الهجرة السرية، التي تحولت إلى مأساة إنسانية بعد أن أصبحت جثث آلاف الأشخاص تطفو على سطح البحار وغذاء للحوت؟ الكاتبة السينغالية تساءلت أيضا لماذا التركيز على الهجرة من الجنوب إلى الشمال، ولا أحد يسلط الضوء على هجرة الشمال إلى الجنوب. في إشارة إلى وجود رجال الأعمال والشركات الأوروبية في دول الجنوب بذريعة الاستثمار، ومعظمهم يواصل نهب الخيرات بطريقة جديدة مقنّنة. ومهما يكن فإن لأوروبا مسؤولية كبيرة في مأساة المهاجرين السريين، وبات لزاما عليها التعجيل بإيجاد حل بالشكل الذي يضمن لهؤلاء المهاجرين عيشة كريمة في بلدانهم، أما الذين ساعفهم الحظ ونجوا من الموت ووطئت أقدامهم اليابسة، فعلى أوروبا أن توفر لهم سبل العيش للتكفير عن الذنب على الأقل.