وجدت السلطات التركية نفسها في مأزق حقيقي بعد تواتر عمليات عسكرية ضد قواتها في إقليم كردستان خلّفت مصرع ثلاثين عسكريا وشرطيا سقطوا جميعا في كمينين لمقاتلي حزب العمال الكردستاني. وتعد هذه أكبر حصيلة قتلى تتكبدها القوات التركية منذ تجدد الاقتتال بين الجانبين، وهو ما جعل أنقرة في حرج كبير إلى الحد الذي جعلها تتكتم عن حصيلة الكمين الذي نصبه مقاتلون أكراد لعناصر وحدة عسكرية تركية قبل مساء أول أمس، قبل أن تضطر إى الاعتراف بمقتل 16 جنديا في أعنف هجوم مسلّح. وفي نفس الوقت الذي أكد فيه بيان لوزارة الدفاع التركية، على هذه الحصيلة وقع كمين آخر أودى بحياة 14 شرطيا في شرق البلاد على حدود أذربيجان وإيران بنفس الطريقة. وأبدت السلطات التركية بعد هذين الهجومين إصرارا على مواصلة عمليتها العسكرية ضد المتمردين الأكراد، وأكدت أنها لن تسكت على العمليتين حيث سارعت إلى تسخير أكثر من 50 طائرة مقاتلة لدك مواقع الحزب المتمرد في شمال العراق مما أدى إلى مقتل 40 من عناصره. وهي العملية التي اتبعتها بإنزال بري في داخل الأراضي العراقية ضمن أوسع عملية مطاردة ضد مقاتلي الحزب المتمرد، أكدت أنها تدخل في إطار الحق في ملاحقة "الإرهابيين". وشدد الرئيس طيب رجب اردوغان، ووزيره الأول احمد داوود اوغلو، من لهجتهما فبينما أكد الأول أنه لن يترك تركيا فريسة لأربعة أو خمسة إرهابيين في إشارة إلى مقاتلي الحزب الكردي، توعد وزيره الأول بسحق حزب ال«بي.كا.كا" في معاقله. ويعد هذا ثاني تدخل عسكري تركي في عمق الأراضي العراقية منذ انهيار الهدنة بين الجانبين نهاية شهر جويلية الأخير، ردا على عمليات مسلحة كردية ضد القوات النظامية وخلّفت إلى حد الآن قرابة مائة قتيل في صفوف قوات الجيش والشرطة. وأدى هذا التصعيد إلى تأجيج العلاقة بين الأقلية الكردية في مختلف المدن التركية، والسلطات الحكومية في أنقرة على مقربة من موعد الانتخابات العامة المسبقة المنتظر تنظيمها في الفاتح نوفمبر القادم، بعد فشل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تشكيل حكومة ائتلافية في الآجال القانونية.