تمكن الكاراتي الجزائري من فرض وجوده وتحقيق نتائج جيدة، خلال مشاركته في الدورة ال11 للألعاب الإفريقية الجارية حاليا ببرازافيل، حيث نجح مصارعو المنتخب الوطني في الظفر ب13 ميدالية كاملة (6 ذهبيات و7 فضيات)، حاسمين بذلك اللقب الإفريقي لصالحهم. وعلى ضوء هذه النتائج، عبر رئيس الاتحادية الجزائرية للكاراتي دو، فاتح بن عثمان لدى نزوله ضيفا على جريدة "المساء"، عن سعادته الكبيرة بهذا اللقب وهذه النتائج التي حققها الكاراتي دو الجزائري، والتي بشأنها قال إنها كانت "جيدة جدا" مقارنة بالألعاب الإفريقية الماضية التي جرت في مابوتو عام 2011، حيث حاز الكاراتي الجزائري على ثلاث ميداليات ذهبية فقط. بداية، كيف تقيّم مشاركة الكاراتي دو الجزائري في الدورة ال11 للألعاب الإفريقية ببرازافيل؟ أولا، النتيجة في حد ذاتها تتكلم عن نفسها، حيث حصلنا على 13 ميدالية، وهذا يعني أننا شاركنا في 13 نهائيا، وتحصلنا على 6 ميداليات ذهبية و7 فضية، وهو رقم قياسي في رياضة الكاراتي دو الجزائري في هذه الألعاب الإفريقية. ما هي أهم النقاط التي خرجتم بها بعد هذه المشاركة؟ هناك عدة نقاط، فجل هذه الميداليات المحققة كانت من إنجاز عناصر شابة، فمثلا في وزن أقل من 50 كلغ إناث وأقل من67 كلغ رجال المنتمون للمنتخب الوطني للآمال، فقد تحصلوا على ميداليات ذهبية وبرونزية في الألعاب الإفريقية، وكانت المصارعة ليديا بسباس مفاجأة الدورة بعد تفوقها على المصرية في نصف النهائي وفازت في النهائي بالمعدن النفيس. وأيضا المصارع عبد اللطيف بن خالد في وزن أقل من67 كلغ، إضافة إلى المغتربة لمياء معطوب التي كانت بمثابة الإضافة للمنتخب الوطني في وزن 68 كلغ. كما حاز منتخب السيدات على اللقب الإفريقي في"الكاتا" و"الكوميتي" بجدارة، دون نسيان منتخب الرجال، الذي وصل للمرة الأولى إلى النهائي في اختصاص "الكوميتي".. هذه كلها نقاط إيجابية خرجنا بها من هذه الدورة. إذن، أنتم راضون بالنتيجة التي حققها المصارعون الجزائريون في هذه الألعاب الإفريقية؟ دون أدنى شك، فمنتخبنا الوطني في أغلبه متكون من عناصر شابة لا يتجاوز عمرها 21 سنة، وله مستقبل واعد بالنظر إلى هذه الانجازات، كما أنني راض تماما عن العمل الذي قام به الطاقم الفني المتكون من عناصر شابة أيضا، باعتبار أنهم كانوا مصارعين سابقين في المنتخب الوطني ولا تتجاوز أعمارهم 35 سنة، على غرار ياسين غوري في اختصاص كوميتي رجال، ومعيزة فواز في كوميتي سيدات، ولغويل إيمان في الكاتا... كلها عناصر وضعنا فيها الثقة وهم بدورهم كانوا في الموعد. عانى الكاراتي دو الجزائري كثيرا في وقت سابق، لكنه عاد مجددا إلى الواجهة، ما هي الأمور التي ساهمت في هذا التحول الايجابي؟ الاتحادية مرت بفترة فراغ في السابق كادت تعصف بالكاراتي دو، لكننا خرجنا من هذه الأزمة من خلال البرنامج الذي طرحته على أعضاء الجمعية الانتخابية منذ انتخابي رئيسا في مارس الماضي، حيث أكدت على ثلاثة محاور أساسية، وهي الاستقرار في بيت اتحادية الكاراتي دو، واسترجاع هيبة الكاراتي من جديد، وإعادة بعث الروح في المنتخب الوطني، وإعادته إلى سكة المحافل الدولية، خاصة وأن هذا الأخير عانى كثيرا من المشاكل التي كانت تنخر الاتحادية. والدليل على ذلك أن المنتخب الوطني أكابر لم يشارك في البطولة الإفريقية عامي 2012 و2014، وأنا شخصيا كنت متخوفا من هذا الغياب، لكني من عائلة الكاراتي دو، وبالإخلاص في العمل والجدية وروح المسؤولية، التي تحلى بها الجميع وخاصة الطاقم الفني والرياضيين أيضا، الذين كانوا واعين تماما بحجم المسؤولية، عاد الكاراتي دو من جديد إلى منصة التتويج. المنتخب الوطني للكاراتي دو، نجح في الوصول إلى 13 نهائيا من أصل 16، وهي سابقة في تاريخ الكاراتي دو الجزائري، ما سر ذلك؟ أكيد، وهو من بين الأرقام القياسية التي حققناها في هذه الدورة من الألعاب الإفريقية، ففي اليوم الأول من انطلاق المنافسة وصلنا إلى 5 نهائيات من أصل 6، وحتى منافسينا لم يكونوا يتوقعون أن يصل منتخبنا الوطني إلى هذا المستوى، فقد كان مجهولا بالنسبة لهم، لأنه لم يشارك في الأربع سنوات الماضية، وهي النقطة التي قمنا باستغلالها لصالحنا، إضافة إلى التحضير البسيكولوجي والانضباط لدى كامل عناصر الوفد، وروح المسؤولية العالية عند الجميع، وهو الأمر الذي كان وراء نجاحنا في هذه الدورة. بالحديث عن مرحلة الفراغ الماضية للكاراتي دو، ما الذي حدث خلالها وأثر على مشاركة المنتخب الوطني في المواعيد السابقة؟ أنا شخصيا وكمسؤول حاليا على اتحادية الكاراتي دو، لا أريد الحديث عن تلك الفترة لأنني لم أكن شريكا فيها، وأفضل الحديث عن الفترة التي أتواجد فيها حاليا، لأن ذلك يعتبر من الماضي. لقد توليت الإشراف على اتحادية منهارة إداريا وماليا، ونحن الآن نعاني من ضائقة مالية كبيرة، حيث تفوق ديوننا الخمسة (5) ملايير سنتيم، ولا أحد كان يجرؤ على الترشح لرئاسة الاتحادية بوجود هذه المشاكل المالية. أما إداريا، فالمنتخب الوطني لم يشارك في دورتين متتاليتين لبطولة إفريقيا، وهو دليل على أن المنتخب تأثر كثيرا بهذه المشاكل، وحتى الآن نعاني من هزاتها الارتدادية. ماذا تقصد بهذا الكلام؟ الأمر الذي نعاني منه هو الأنانية وطغيان المصالح الضيقة، في الوقت الذي يجب فيه تغليب المصلحة العامة على الخاصة، والمصلحة العامة هو أن يكون الكاراتي دو بخير وأن ينتقل من 200 ألف أو 300 ألف إلى 500 ألف مستقبلا على المستوى الوطني، ولتحقيق ذلك يجب أن نرتقي بالتسيير الإداري إلى الاحترافية. فلو قارنا أنفسنا بأشقائنا المصريين، الذين نجحوا في إقامة دوري ممتاز للكاراتي ولديهم مليون و400 ألف ممارس لهذه الرياضة، ويشارك الكاراتي دو المصري في كل المواعيد الدولية، وهو الأمر الذي جعلهم يحققون نتائج كبيرة، وكل ذلك نتيجة التسيير الاحترافي الذي يعتمدونه، وحبذا لو أن الاتحادية تصل إلى الاحترافية وتضع الأنانية وكل المشاكل جانبا لنفكر في مصلحة الكاراتي أولا... وأريد أن أضيف شيئا. تفضل... هذا الأمر دفعني لتقديم طلب رسمي باحتضان الجزائر للبطولة العربية للكاراتي دو في 2016، وفزنا بذلك، وأيضا سنحتضن البطولة الإفريقية في 2017، ونحن نسعى من خلال كل ذلك إلى إعادة الكاراتي دو الجزائري إلى الواجهة، من خلال احتضان بطولات عربية وإقليمية، وأيضا من خلال مشاركة الفرق الوطنية في المنافسات المقبلة، حيث سيكون منتخب الأواسط والآمال حاضرا في بطولة البحر الأبيض المتوسط في أكتوبر المقبل، والبطولة العالمية في أندونيسيا، إضافة إلى منتخب الأكابر الذي تنتظره خمس منافسات في السنة القادمة، كالبطولة العربية في الجزائر، بطولة البحر الأبيض المتوسط في المغرب، البطولة الإفريقية في الغابون والبطولة العالمية في النمسا، دون أن ننسى الألعاب الإفريقية للرياضات القتالية في مصر. بعد تحقيق المنتخب الوطني للقب الإفريقي، ما هي الأهداف القادمة التي تعملون على تحقيقها؟ بعد أن نجحنا في الظفر باللقب الإفريقي، باتت أولويتنا تحقيق لقب عالمي، حيث ستتم إقامة البطولة العالمية في النمسا العام المقبل، وهو الأمر الذي نحضر له من الآن، وسنسير وفق برنامج احترافي سيعتمد أولا على مصادر التمويل، لأن التربصات والمعسكرات التحضيرية داخل الوطن، لن تكون كافية لمنتخبنا الوطني ليصل إلى المراتب العالمية، يجب أن تتوفر مصادر تمويل وبرمجة تربصات خارج الوطن للاحتكاك بالمستوى العالمي. لقد تكلمت مع رئيس الاتحاد المصري للكاراتي دو ورئيس الاتحاد السعودي أيضا وكذلك رئيس الاتحاد الفرنسي، من أجل إقامة شراكة وتبادل للخبرات وإجراء دورات تدريبية سواء لأعضاء المنتخب أو المدربين الوطنيين، كما سبق أن قمنا ببرمجة تربص دولي للحكام، حضره خبراء دوليون، والقصد من ذلك هو إعادة الكاراتي دو الجزائري للعالمية. وبالنسبة لي، فاللقب العالمي للكاراتي دو الجزائري لن يكون مفاجأة، وما يتوجب علينا الآن هو الاعتناء برياضيينا وتوفير الإمكانيات لهم من خلال التمويل اللازم، حتى يكونوا في الموعد. تتحدثون عن التمويل، ولكنكم أشرتم سابقا إلى معاناتكم من ديون كبيرة، كيف ستواجهون هذا الأمر؟ صحيح نحن نعاني من ضائقة مالية بسبب الديون، ولقد تقدمت بطلب لوزارة الشباب والرياضة، وهناك وعود لمسحها، فالاتحادية لم تتحصل على التمويل الخاص بها بسبب الظروف التي عاشتها آنذاك، وبمسح هذه الديون سنعود إلى نقطة البداية، ونسعى إلى البحث عن ممولين للكاراتي، وأتمنى أن تأخذ الشركات الجزائرية بعين الاعتبار النتائج الجيدة التي حققها الكاراتي دو من أجل دعمه في الدورات المقبلة. هل ترى أن الوقت سيكون كافيا أمامكم لتطبيق برنامجكم؟ أمامي عام ونصف قبل انتهاء عهدتي، وأنا الآن في مهمة إنقاذ للكاراتي دو من الأزمة التي كان فيها، وهو الهدف الأول الذي سطرته منذ توليت رئاسة الاتحادية... أنا أملك برنامجا طموحا بأهداف قريبة المدى وأخرى بعيدة المدى، وإذا رأت الجمعية العامة في 2017، أنه يتوجب علي مواصلة المشوار لتكملة الأهداف فلن يكون هناك أي مشكل. هناك معلومات تشير إلى وجود من يحاولون إثارة المشاكل في داخل الاتحادية؟ استقرار الأمور داخل الاتحادية هي من أولوياتي، ولا أبالي بأي كلام أو أي شيء لأنني هنا لإعادة ترتيب البيت، وكما يقول المثل "القافلة تسير والكلاب تنبح"، ربما طريقة عملي لا تعجب بعض الأطراف، وأنا هنا للعمل وليس للدخول في صراعات أخرى، ولعل النتائج الجيدة التي حققناها لخير دليل وأحسن رد على من يريد انتقادنا، ففي فترة وجيزة وفي أقل من ستة أشهر نجحنا في العودة إلى منصة التتويج، وجوابي لهذه الأطراف هو أن يتركونا نعمل فقط، ولن أترك الفرصة لأي شخص يريد ضرب استقرار الاتحادية. وحتى وزير الشباب والرياضة أكد لي أن الباب مفتوح أمامنا في أي وقت، وأشكره بالمناسبة على دعمه الدائم، كما أن الزيارة التي قام بها لوفد الكاراتي دو، قبيل تنقله إلى برازافيل كانت بمثابة الحافز البسيكولوجي للرياضيين، دون نسيان دور اللجنة الأولمبية أيضا، وعلى رأسها مصطفى براف، والذين لم يدخروا أي جهد ووفروا لنا كل شيء، وساندونا من أجل تحقيق هذه الميداليات. الكاراتي يبقى الرياضة التي لا تشارك في الألعاب الأولمبية رغم امتلاكها لقاعدة جماهيرية كبيرة؟ أتمنى أن تختار رياضة الكاراتي دو في الألعاب الأولمبية، حيث هناك بعض الرياضات التي رشحت لتكون في هذه الألعاب، من بينها الكاراتي، وأتمنى أكون أول رئيس لاتحادية الكاراتي دو يشارك في عهدته في الألعاب الأولمبية مستقبلا.