تمر يوم غد الذكرى السابعة لتفجيرات الحادي عشر سبتمبر 2001 التي قلبت المعطيات في عالم متغير وجعلت الولاياتالمتحدة تجد في الإرهاب ورقة محورية لتمرير سياساتها في عالم الألفية الثالثة تحت غطاء محاربة الإرهاب ولكن بخلفية تحقيق أهداف استراتيجية. وتعود ذاكرة العالم يوم غد سبع سنوات إلى الوراء لتتذكر تلك التفجيرات المروعة التي لم يكن بالامكان تصورها حتى في أفلام الخيال الهوليودي وهو يرى القطب الواحد يضرب في قلبه بانهيار مركز التجارة العالمي رمز القوة الأمريكية وهلاك 3 ألاف شخص في صورة حقيقية وواقعية. واستفاق العالم مع هول تلك الكارثة على حقيقة جديدة اسمها الارهاب الدولي وتنظيم القاعدة وأسامة بن لادن وسط استفهامات لم تجد إلى حد الآن إجابات شافية على حقيقة ما وقع لم تمنع من سريان شكوك حول حقيقة منفذيها والسهولة التي تم بها بما القيام بعملية بحجم تدمير التوأمين رمز الكبرياء والقوة الأمريكية. والواقع أن ضرب مركز التجارة العالمي لم يكن إلا حلقة من ضمن حلقات مسلسل طويل بدا قبل سبع سنوات ولكنه لم ينته ولم يكشف حقيقة ما جرى ولا ما تحقق من الاستراتيجية الأمريكية في ضرب رموز الإرهاب ومعاقلهم. ويغادر الرئيس بوش البيت الأبيض وقبله واضعو السياسة الأمريكية في العالم من كولين باول إلى دونالد رامسفيلد والعديد من الشخصيات الأمريكية من صناع القرار في دوائر السلطة الأمريكية ولم يتحقق أي من أهدافهم في القضاء على بن لادن ولا على الملا عمر ولا على الظواهري دون الحديث عن اسماء جديدة ما انفكت تعزز قائمة مختلف التنظيمات الارهابية. ولم تتأخر الولاياتالمتحدة شهرين بعد التفجيرات في شن اكبر عملية عسكرية جندت لها أكثر من 30 الف عسكري للقضاء على عناصر حركة طالبان الأفغانية الهدف الأول لتمرير تلك الاستراتيجية. واعتقد العالم حينها أن أيام الملا عمر المطاح به في افغانستان واسامة بن لادن احد اكبر الداعمين له أصبحت معدودة ولكن مرت الأيام والأسابيع ثم الشهور ونحن في السنة السابعة ولكن لا شيء من ذلك تحقق الى حد الآن. فابن لادن المطلوب الأول عالميا ومعه الملا عمر والظواهري مازالوا احياء، فلا المخابرات الأمريكية تمكنت من اعتقالهما ولا وعمليات القنبلة الاستراتيجية لجبال ومغارات تورا بورا الافغانية حققت الهدف الاول الذي سطرته الولاياتالمتحدة من خلال تلك العمليات الضخمة. والأكثر من ذلك فإن التعزيزات الأمريكية ومعها قوات التحالف ضد الإرهاب لم تتمكن من القضاء لا على حركة طالبان ولا على تنظيم القاعدة اللذين تمكنا من اعادة ترتيب وتنظيم صفوفهما واصبحا يضربان في الاماكن التي يريدان في أفغانستان بما فيها قلب العاصمة كابول. وبدلا من ان تحسم القوات الامريكية عمليتها العسكرية في اجلها في هذا البلد، فقد اضطرت الى المطالبة بمزيد من التعزيزات والاموال لمواجهة تهديدات القاعدة وطالبان. وكان الارهاب ورقة استغلها الرئيس بوش في حملته لعهدته الرئاسية الثانية وهي نفسها الورقة التي مازالت صالحة لحملة الانتخابات الامريكية في نوفمبر القادم وربما ستكون صالحة لحملات رئاسية قادمة. واذا كانت الولاياتالمتحدة استعملت ورقة الارهاب في مناطق محدودة في بداية تنفيذ إستراتجيتها الدولية في مكافحة الظاهرة فقد تغيرت لغة تعاملها معها واخذت رقعة المواجهة مناطق اوسع بدليل مطالبتها باقامة قوة امريكية في افريقيا تحت غطاء مواجهة تنامي قوة هذا التنظيم. والحقيقة ان التحذير من مخاطر تهديد التنظيمات الإرهابية ما انفكت تتوسع في مناطق ارتبط اسمها بوجود البترول الذي اصبح محل صراع دولي، بل أنه أضحى المحرك لسياسات كل الدول الكبرى التي تتزاحم فيما بينها من أجل السيطرة واقتسام مناطق تواجد رائحة الخام في كل العالم.