تعرف المستشفيات مع دخول شهر رمضان نقصا واضحا في عدد المقبلين على التبرع بالدم. لذا سعت الجهات المعنية إلى تكثيف الحملات الداعية إلى التبرع بالدم قبل دخول الشهر الفضيل، إلى جانب العمل على توزيع العربات المكلفة بجمع الدم خلال شهر رمضان بالليل أمام المساجد، وذلك لدفع الناس إلى التبرع بالدم بعد الصلاة، من منطلق أن حياة بعض الناس مرتبطة بما يقدمه هؤلاء وأن التبرع في حد ذاته يعتبر صدقة جارية. ولمعرفة أسباب نقص الإقبال على التبرع بالدم خلال شهر رمضان، قصدنا مستشفى مصطفى باشا الجامعي بالعاصمة، حيث التقينا الدكتورة بودة فتيحة وهي طبيبة عامة بقسم حقن الدم، فقالت حول الموضوع " لابد أن نوضح أولا أن للتبرع بالدم أهمية كبيرة، ذلك أن حياة بعض الناس مرتبطة به، وعليه فكلما كانت الكمية كبيرة كان ذلك أفضل، ومن بين الأشخاص الذين يحتاجون إلى الدم بالدرجة الأولى الذين يتعرضون للحوادث، لاسيما حوادث المرور، وأيضا الذين يخضعون للعمليات الجراحية. إلى جانب هؤلاء، يوجد المرضى الذين يعانون من فقر الدم المحتاجين إلى التزويد بكمية من الدم كل 15 يوما أو شهر على الأكثر، أي أن حياتهم مرتبطة بما يجود به المتبرعون". وحتى يقدم الشخص على التبرع بالدم، لابد أن تتوفر فيه بعض الشروط اللازمة، ويعد ذلك واحدا من الأسباب التي ينجم عليها انخفاض عدد المتبرعين - حسب محدثتنا - التي أشارت إلى أنه أحيانا لا تتوفر هذه الشروط إلا في متبرع واحد من بين 20 متبرعا يرغبون في منح دمهم للمرضى.. ومن أهم الشروط اللازم توفرها في المتبرع أن يكون ضغطه متوازنا، ألا يكون حاملا لمرض مزمن كالسكري أو الربو، وان لا يقل عمره عن 18 سنة وان لا يتعاطى دواء معينا حتى يكون دمه صحيا مئة بالمئة. وترى الدكتورة بودة أن القول بأن التبرع بالدم يقل مع دخول الشهر الفضيل "غير صحيح"، إذ تؤكد أن الناس يقبلون على التبرع بالدم بعد الإفطار عند الخروج للسهر. وتضيف "حقيقة العدد ليس بالكبير ولكن المهم أن المتبرعين موجودون وخاصة المنتظمين في منحهم". وفي هذا الخصوص تشير إلى أن الناس تعودوا ربط دخول شهر رمضان بقلة الإقبال على التبرع بالدم من منطلق انه لا يمكن التبرع بالدم في رمضان، ولكن هذا غير صحيح، فإذا لم يكن بوسع الشخص التبرع بالنهار لأن ذلك يسبب له حالة دوار توجب عليه أن يأكل شيئا بعد الانتهاء من العملية، فإنه يمكنه أن يتبرع ليلا في العربات التي وجدت لتسهيل المهمة على المتبرع أمام المساجد بالساحات العمومية حيث تكثر تجمعات الموطنين«. خرجنا من المستشفى وقصدنا الموطنين لمعرفة إن كان لديهم استعداد للتبرع بالدم في رمضان، فكانت ردود الفعل مختلفة، بعضها يبعث على الغرابة مثل ما قالته خديجة ذات 21 سنة لم يسبق لها وأن تبرعت بدمها ولم تفكر حتى بالتبرع يوما » لأنه لا يوجد لدي ما يحفزني أو يدفعني إلى التبرع أو لم تأت الفرصة«.. هذه الإجابة التي وجدناها عند الكثيرين ممن سألناهم، تؤكد أنه حتى يتم التبرع بالدم لابد من وجود سبب واضح ومقنع وإلا فلا... وهذا من العوامل المؤدية إلى قلة التبرع بالدم في الأيام العادية، فما بالك برمضان، في حين أرجعت فئة قليلة سبب عدم التبرع بالدم إلى الخوف من العملية في حد ذاتها، إذ تقول سامية في هذا الإطار » فكرت في العديد من المرات في التبرع بالدم ولكن بمجرد الوصول إلى العربة أتراجع خوفا من إبرة الحقن ومن خطر الإصابة ببعض الأمراض«. وإذ كان الأصحاء يعزفون عن تقديم هذه الصدقة الجارية بدون سبب واضح، فإن فئة زخرى من الناس الذين التقيناهم ابدوا رغبة كبيرة في التبرع لولا معاناتهم من بعض الامراض كالسكري أو ضغط الدم، التي حالت دون قدرتهم على التصدق بدمهم. وإذا رجعنا الى بعض الاحصائيات يتضح بأنه تم تسجيل 367887 تبرعا سنة 2007 أي ما يعادل 10.81 تبرع لكل 1000 نسمة، وتؤكد الارقام أن نصف هذه التبرعات ترد من المتبربعين من عائلة المريض وأقاربه، أما الباقي والذي يعادل 23 بالمائة، فيأتي من المتبرعين الدائمين، أما بالنسبة للمتبرعين الظرفين فقدرت نسبتهم ب 26 بالمائة.