تلعب المكتبات العامة، باعتبارها مؤسّسات علمية وثقافية، دورا أساسيا ورائدا في غرس ثقافة المطالعة في أوساط العامة، بالخصوص فئة المثقفين، وعن واقع هذه المكتبات العامة، تحدّثت "المساء" مع بعض المختصين، التقت بهم على هامش اليوم الدراسي الذي نظمته المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية سكيكدة مؤخرا بدار الثقافة "محمد سراج"، والمعنون ب"تسيير مكتبات المطالعة العمومية بالجزائر بين النّظرية والتّطبيق". في هذا الصدد، يرى الأستاذ بوشارب بولوداني لزهر أستاذ بقسم علم المكتبات والعلوم الوثائقية في جامعة باجي مختار (عنابة)، أنّ أهم دور تلعبه المكتبات العامة هو تنمية الميول القرائية عند المواطن، خاصة فئة الأطفال، ومنه -كما أضاف- يمكنها أن تعوّض الأسرة الصغيرة في هذا المجال من خلال فتح آفاق للأطفال من أجل المطالعة، زيادة إلى إمكان المكتبة أيضا من خلال دورها التثقيفي، أن تصنع الوعي المُواطِني والوعي الاجتماعي ومنه المساهمة في صنع إطارات المستقبل، وعن رأيه حول ما إذا كان بالإمكان في عصر المعلوماتية الاستغناء عن المطبوع، قال الأستاذ بأنّه لا يمكن الاستغناء عن المطبوع بوجود المكتبة الإلكترونية قياسا بالدول المتطورة في هذا المجال. نفس الشيء أكّده الأستاذ بلال بن جامع الأستاذ بجامعة "20 أوت 55" بسكيكدة، الذي أضاف بأنّ المكتبة تلعب أيضا دورا علميا ثقافيا ومعلوماتيا، بالرغم من أنّ ذلك الدور يتغيّر بنوع المكتبة، مضيفا بأنّ المكتبات بصفة عامة تعمل على جمع مصادر المعلومات وعلى تنظيمها والتعريف بها، ومنه إتاحتها في المحيط المدرسي، ومنه تعمل على تنمية البرامج الدراسية، كما تعمل على تقديم الدعم العلمي للتلاميذ وتطوير روح المطالعة، إضافة إلى تسهيل العمليات التعليمية للأساتذة في كلّ الأطوار، وإلى جانب هذا الدور، يرى الأستاذ ابن جامع أنّ المكتبات العامة تهتم أيضا بعدد من المسائل الإدارية والعلمية من أجل تقديم أفضل الخدمات لمختلف كل الفئات الاجتماعية المستفيدة منها. من جهته، اعتبر الأستاذ دربيخ نبيل من جامعة سكيكدة، أنّ المكتبات العمومية يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في تطوير خدماتها وتحسين أدائها من أجل مواكبة متطلّبات المجتمع، من معرفة ومعلومات والتشجيع على التثقيف والقراءة والمطالعة والبحث العلمي، وهذه المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق المكتبات العمومية يجعلها -كما قال- أمام تحديات كبيرة فيما يخصّ أداء تلك الخدمات وتطويرها حسب معايير وأسس الجودة، وحسب متطلّبات المجتمع وحاجاته المتزايدة للمعلومات والمعرفة، مركّزا على عامل الجودة الذي اعتبره أحد أهم العوامل التي تساهم في جلب الباحثين والرواد لها وتشجيعهم على القراءة والمطالعة في زمن التكنولوجيا والأنترنت. وفيما يخص المكتبة التي يسيرها على مستوى بلدية صالح بوالشعور، أشار السيد رياض صيفي إلى الإقبال الكبير الذي تشهده خصوصا من قبل المتمدرسين، أما غير المتمدرسين فيعترف بوجود قلة قليلة جدا تتردّد على المكتبة، مرجعا سبب ذلك إلى نقص الوعي وعدم الاهتمام بقيمة الكتاب، بالرغم من أنّ مكتبة بلدية صالح بوالشعور تحوز على رصيد مكتبي جدّ متنوّع. طبيعة الكتب التي يكثر التهافت عليها، حصرها المسؤول في الكتاب المدرسي للأطوار الثلاثة، بما فيها الكتب الجامعية الذي قال عنها بأنها رصيد متحرّك، بينما الكتب الأخرى رصيد نائم، وعن ظاهرة الاهتمام بالكتاب المدرسي عن سواه، اعتبر أنّ ذلك ينم عن عدم فهم الدور الحقيقي الذي من المفترض أن تلعبه المكتبة باعتبارها مكانا مخصصا للمطالعة بالمفهوم التثقيفي.