أكّد السيد رضا مالك، رئيس الحكومة الأسبق، أنّ الدبلوماسي الراحل محمد الأمين دباغين، آمن بضرورة الكفاح المسلّح لنيل الاستقلال منذ بداية نضاله السياسي في حزب الشعب الذي ترأّسه سنة 1939، مضيفا أنّ وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة الجزائرية، ارتأى انعزال الساحة السياسية ثلاث مرات؛ الأولى سنة 1948، والثانية سنة 1959، والثالثة بعد الاستقلال. قدّم السيد رضا مالك شهادته عن الدبلوماسي محمد الأمين دباغين في الذكرى الثالثة عشرة لرحيله، وهذا بالمركز الثقافي "العربي بن مهيدي"، في لقاء نظّمته جمعية "مشعل الشهيد" وبلدية الجزائر الوسطى. وقال إنّ محمد الأمين دباغين كان إنسانا كتوما يفضّل الإنصات على الحديث، وهو ما انعكس على سلوكه السياسي الذي اتّسم بالسرية، مشيرا إلى أنّه بدأ النضال بتشجيع الكتابات الحائطية التي تدعو إلى استقلال الجزائر، ومن ثم قام بتحريض الشباب على عدم الالتحاق بصفوف الجيش الفرنسي والاهتمام بتحرير البلد؛ وهو ما كلّفه السجن والتعذيب. وأضاف المتحدّث أنّ دباغين كان يرفض فكرة الاندماج، وكان يؤمن إيمانا كبيرا باستقلال الجزائر الذي لن يتحقّق إلاّ بالكفاح المسلح، كما ساهم في كتابة بيان جزائري موجّه لحلفاء فرنسا في الحرب العالمية الثانية، وكذا للمستعمر في حدّ ذاته، للمطالبة باستقلال الجزائر، ومن ثم جاء تأسيس حركة "أحباب البيان والحرية"، التي أكّدت على ضرورة رفع السلاح في وجه المحتل للظفر بالاستقلال. بالمقابل، أكّد رضا مالك أنّ دباغين كان مهندس مؤتمر حزب الشعب سنة 1947، كما شهد خلافات بينه وبين مصالي الحاج الذي كان يدعو إلى المشاركة في الانتخابات، لينجح الأخير في فرض رأيه، ويُشرك دباغين في هذه العملية، التي أسفرت عن انتخابه، فأصبح رفقة آخرين، نائبا في البرلمان الفرنسي، يدافع عن القضية الجزائرية في عقر دار المستعمر. وأضاف رضا مالك أنّ دباغين كان أوّل من تحدّث عن تأسيس المنظمة السرية، ليعتزل السياسة والكفاح سنة 1948، ويعود إلى ممارسة الطب في العلمة، وتمّ الاتصال به قبل اندلاع الثورة التحريرية إلاّ أنّ الأمور لم تتغيّر، ليتّصل به عبان رمضان ويطلب منه تمثيل الجبهة في الخارج، وبالضبط في القاهرة، حيث كان هناك بن بلة وآيت أحمد، وهو ما خلق بعض المشاكل. وفي هذا السياق، قال رضا مالك إنّ مهمة دباغين تمثّلت في جلب الأسلحة من الخارج وتسليمها للثوّار، فكان ذلك، إلاّ أنّ دباغين اشترط أن يكون السلاح من احتياطات الأسلحة المتبقية من الحرب العالمية الثانية، وأن لا تكون من صنع الدول التابعة للاتحاد السوفياتي حتى لا يتم اتّهام الجزائر بالوقوف إلى جانب القطب السوفياتي ضدّ قطب الولاياتالمتحدةالأمريكية. كما أشار رضا مالك إلى إجراء دباغين رفقة آخرين، مفاوضات سرية مع الفرنسيين لم تأت بنتيجة مجدية، بحكم أنّه كان شخصية محنّكة وتعرف جيدا ألاعيب العدو، كما تمّ تعيينه وزيرا للخارجية في الحكومة المؤقتة، ليستقيل مجددا سنة 1959 بحكم خلافه الدائم مع فرحات عباس. وأضاف المتحدث أنّ دباغين انتقل بمحض إرادته إلى تونس لحضور اجتماع "العشرة" (المسؤولين عن الثورة) الذي استمر ثلاثة أشهر، وانبثقت عنه قرارات مهمة، ليختتم حديثه بكون دباغين رجلا سياسيا محنّكا، أحبّ بلده حبا جما. للإشارة، تمّ، بهذه المناسبة، تكريم الراحل محمد الأمين دباغين من طرف جمعية "مشعل الشهيد" وبلدية الجزائر الوسطى. كما تمّ تكريم رضا مالك نظرا لمساهمته الفعّالة في تبليغ رسالة نوفمبر لجيل الاستقلال.