كشف رئيس لجنة التعمير والسكن بالمجلس الشعبي الولائي عبد القادر صافي ل "المساء"، عن حلول هامة لاستعادة العاصمة مكانتها، منها اقتراح يوجد حاليا قيد الدراسة، لفتح أكبر شارع يمتد على طول 14كلم، من بلدية العاشور إلى المدينة الجديدة سيدي عبد الله. هو شارع كبير تحول إليه كل الإنجازات الضخمة والإدارات والوزارات. ومن ثمة إخراجها من وسط العاصمة. هذا المقترح إذا حظي بالقبول فسيكون حلا جذريا لفك الخناق والاختناق عن الوسط الحالي للعاصمة. وتسمح عملية التحويل الافتراضية بتوفير مساحات جديدة لتغيير وجه المدينة القديمة. واستفادة المستثمرين من أوعية عقارية تفوق 3000 هكتار. وذكر المتحدث في تصريح خاص ب "المساء"، أن الشارع الكبير الذي تقترح اللجنة إنجازه بسيدي عبد الله، يسمح بتحقيق التنمية في البلديات المجاورة وإنعاشها، وتخفيف الكثافة السكانية والحركة المرورية عن وسط العاصمة، خاصة أن الشارع الكبير الذي يتحدث عنه، يزوَّد بخطوط للنقل بالميترو والترامواي والقطار ومختلف وسائل النقل، مما يسمح بإخراج الجامعات والبنوك ومختلف الإدارات من وسط العاصمة، لمنح المستثمرين الفرصة لإنجاز هياكل سياحية وثقافية وعمارات في شكل أبراج، وإعطاء منظر جمالي وعصري للعاصمة، بينما يكون الوقت كافيا للسلطات المعنية بالقضاء على البنايات القديمة. هدم العمارات القديمة وتعويضها بأخرى جديدة من جهة أخرى، تقترح لجنة التعمير والسكن مشروع بناء مدينة داخل مدينة، الذي تنطلق الدراسة الخاصة به هذه الأيام، ويتعلق الأمر بهدم العمارات القديمة وتعويضها ببنايات في المستوى بالعاصمة، خاصة من بلوزداد إلى سيدي أمحمد، عوضا عن إخراج العاصمة إلى الولايات المجاورة أو الهضاب العليا. ويعتقد المتحدث أن هناك حلولا جذرية لمشكل تمركز الإدارة والقضاء على الاختناق المروري، وجعل العاصمة تتنفس والذهاب إلى عاصمة جديدة، حيث تسعى اللجنة التي يرأسها للقضاء على الفوضى التي تشهدها العاصمة، من خلال اختيار المدينة الجديدة سيدي عبد الله، كمنطقة حاملة لمختلف المقومات العصرية. وفي تعليقه على الوضع الذي تعيشه العاصمة وإمكانية تجسيد مشروع الجزائر البيضاء، أكد رئيس لجنة التهيئة والسكن بالمجلس الشعبي الولائي، أنه "من الصعب تحقيق ذلك في الوقت الحالي" بالنظر إلى العمل الكبير الذي يجب التحضير له والقيام به من قبل السلطات المعنية، من خلال تنظيم تسيير مدينة الجزائر، ومواكبة التطور الحضري والعمراني الذي تعرفه. وأوضح المتحدث أن العاصمة تُعد من بين أصغر العواصم من حيث المساحة وعدد السكان، غير أنها تفتقد للتطور العمراني والتنظيم المروري المنسجم، فضلا عن تمركز المؤسسات الهامة والإدارات التي خلقت ضغطا كبيرا بولاية الجزائر، خاصة في ظل ثقل الخدمات المقدمة للمواطن، الذي يضطر للتنقل عدة مرات، ما يخلق الضغط والاكتظاظ في حركة المرور. وأشار المتحدث إلى أن من بين الأولويات التي يجب أن تقوم بها السلطات العمومية لتطوير العاصمة وعصرنتها، تشخيص واقعها اليوم، خاصة العمران القديم الذي ورثته عن الاستعمار والفصل بين العصرنة وما هو موجود كعمران قديم، وهل نحافظ على هذا الطابع العمراني الأوروبي، أم عصرنة العاصمة والخروج بنظرة مستقبلية واتخاذ قرارات شجاعة "لإعطاء نظرة مستقبلية للعاصمة"، التي لايزال سكانها وزوارها يحلمون بمدينة نظيفة وجميلة بعيدا عن النقاط السوداء التي أفقدتها بياضها، حيث يأمل هؤلاء أن تعود لعاصمة بلادهم مكانتها بين عواصم العالم في حالة نجاح "مشروع الجزائر البيضاء" الذي تراهن عليه السلطات، وعلى رأسها ولاية الجزائر، التي شرعت في تجسيد أولى خطوات هذا المشروع بعملية إعادة الإسكان الكبرى وترحيل سكان القصدير لطي ملف الأكواخ قريبا، بينما تبقى الكثير من النقاط السوداء وفي مختلف المجالات، تنتظر الحل؛ فهل ستستعيد العاصمة بياضها ومكانتها بين عواصم العالم يوما؟ وهل ستجد السلطات حلولا للمشاكل والاختلالات العالقة منذ سنوات؟ فوضى في أكبر الشوارع وبقلب المدينة بالرغم من إطلاق ولاية الجزائر أكبر عملية ترحيل لسكان الأسطح والأقبية والبنايات الهشة في سنة 2014 والإعلان عن عاصمة بدون قصدير في الأيام القليلة المقبلة وتخصيص مبالغ مالية هامة لإعادة تأهيل العمارات القديمة التي قدّرها الوالي زوخ بألف مليار سنتيم كمبلغ أولي، فإن الكثير من النقاط السوداء ترهن مساعي تحسين وجه العاصمة وجعلها تلك المدينة التي يتمناها كل الجزائريين، والنهوض بها لترتقي إلى مصاف عواصم العالم، خاصة بعد فشل مشروع "الجزائر العاصمة لا تنام"، الذي يبقى مجرد حلم صعب المنال ما لم تُتخذ إجراءات مرافقة لهذه المبادرة. فزائر العاصمة وخاصة شوارعها الرئيسة الواقعة بقلب المدينة، كديدوش مراد، بور سعيد، ساحة الشهداء وخاصة العربي بن مهيدي، يلاحظ الفوضى الكبيرة التي تغرق فيها طيلة أيام الأسبوع، وتجعل تجسيد مشروع الجزائر البيضاء صعبا للغاية إذا لم يتم التحكم في العديد من المسائل المطروحة منذ سنوات، حيث عقّدت الكثافة السكانية التي تجاوزت 3 ملايين مواطن والمشاكل العمرانية وتمركز مختلف الهيئات الرسمية بها، الوضع، وأعاقت، بشكل كبير، تطوير العاصمة التي تمكنت من استرجاع أوعية عقارية هامة، ستُستغل لإنجاز مرافق خدماتية ومشاريع ترفيهية تعود بالفائدة على سكانها، بينما تتواصل عملية إعادة تأهيل وترميم العمارات القديمة التي خُصص لها، حسب الوالي عبد القادر زوخ، ألف مليار سنتيم، لرد الاعتبار للنسيج العمراني الهش، وإعادة طلاء البنايات التي تشوهت كثيرا، والقضاء على الكوابل الهاتفية والهوائيات المقعرة التي وُضعت بطريقة فوضوية وزادت الوضع سوءا، غير أن المشروع يسير بخطى السلحفاة في أغلب الورشات، منها تلك المتواجدة بقلب العاصمة، الأمر الذي يعيق أكثر حركة السير بسبب الأعمدة الحديدية التي تم تنصيبها منذ أشهر بدون أن تنتهي أشغال الترميم وإعادة التأهيل لقلة خبرة المؤسسات الوطنية وتهاون بعض المقاولين ومسؤولي الورشات الذين لا يتواجدون في الميدان إلا نادرا، مثلما حدث خلال زيارة أخيرة للوالي زوخ، التي شهدت حضور كل المكلفين بالأشغال والعمال، عكس الأيام العادية التي تبقى فيها الورشات خاوية على عروشها. تهاون يرهن ملف النظافة ومن المظاهر السلبية التي تصعّب استرجاع العاصمة مكانتها بين عواصم العالم، قلة النظافة التي لم ترق إلى المستوى المطلوب رغم أنها كانت ضمن أولويات زوخ، الذي أكد في العديد من المناسبات، أنه لا يتسامح مع "الأميار" الذين يتهاونون في التكفل بهذا المشكل، ودعاهم للخروج من المكاتب لمعرفة ما يجري في محيط بلدياتهم، وتحسين وضع البيئة لإعطاء اللمسة الحضارية التي تسعى السلطات لتحقيقها وسخّرت كل الإمكانيات؛ من معدات حديثة وعتاد للقضاء على النقاط السوداء، واستنجدت بأحدث الطرق لجمع ورفع النفايات، التي مازالت تصنع "ديكور" ببعض أحياء العاصمة، حيث لا تعكس الصورة التي تتواجد عليها بعض البلديات، المجهودات التي بذلتها السلطات، خاصة ولاية الجزائر، للقضاء على مشكل النفايات، وبصفة أخص بالنسبة للأحياء التي توجد بها التجارة الفوضوية نتيجة عدم التحكم في الأسواق الموازية والقضاء عليها بصفة نهائية. الاختناق المروري.. جحيم لا يطاق من جهة أخرى، يُعتبر الاختناق المروي واحدا من النقاط السوداء التي تعيق، بشكل كبير، مسعى تطوير العاصمة وارتقائها إلى المدن العالمية، وهاجسا بالنسبة للمواطنين والسلطات التي سبق وأن خصصت اجتماعا مشتركا هو الأول من نوعه لولاية الجزائر، لمعالجة مختلف الاختلالات، منها الازدحام المروري الذي تشهده مختلف الطرق الرئيسة منها والثانوية داخل المدن وبالطرق السريعة، الأمر الذي ينغّص على سكان العاصمة وزوارها يومياتهم، ويتسبب لهم في العديد من المشاكل، خاصة أن ولاية الجزائر تُعد نقطة تمركز الإدارات العليا والوزارات ومراكز الخدمات؛ ما يجعل الإقبال عليها مكثفا ومن كافة أنحاء الوطن؛ إذ أصبح الازدحام المروري من خصائص طرق العاصمة وشوارعها، في غياب الثقافة المرورية لدى السائقين، وعدم احترام قوانين المرور الذي يؤدي إلى تأزم الوضعية أكثر. وما زاد من فوضى الطرق قلة أماكن وحظائر ركن السيارات، بحيث تبقى السيارات تجوب الشوارع بحثا عن المكان المناسب للتوقف، فضلا عن ضيق الطرق التي تستغل حوافها لركن السيارات؛ ما يجعل السير بها صعبا على الراجلين رغم محاولات الحد من مشاكل النقل والتنقل، من خلال المشاريع المنجَزة مثل المترو الرابط بين حيّي البدر والحراش، والترامواي إضافة إلى الطرق الجديدة والمحولات والجسور والأنفاق ومفترقات الطرق المنجزة، وإجراءات كتلك التي تمنع سير شاحنات الوزن الثقيل في ساعات الذروة، إلا أن ذلك لم يفكّ الخناق عن العاصمة.