قامت السيدة فريدة جبالي، رئيسة لجنة الشؤون الاجتماعية الثقافية والشؤون الدينية والأوقاف والشباب والرياضة، بخرجة تفقدية إلى مراكز الإسعاف الاجتماعي، بعد أن بلغها على خلفية خروج مديرية النشاط الاجتماعي بأن المشردين يفضلون البقاء في الشوارع، رافضين الالتحاق بالمراكز لعدة أساب، أهمها الحقرة وسوء المعاملة.. "المساء" خرجت رفقة اللجنة لاستطلاع الأسباب والوقوف على بعض الحقائق الموجودة بكل من مركز دالي إبراهيم ودار المسنين بسيدي موسى ودار الرحمة ببئر خادم. كانت الوجهة الأولى نحو مركز الإسعاف الاجتماعي الكائن بدالي إبراهيم، وكانت المفاجأة كبيرة بالنسبة للجميع، بمن في ذلك رئيسة اللجنة التي يبدو أنها نسيت أن المركز انطلقت فيه الأشغال، لكن السؤال الذي تبادر إلى أذهاننا؛ أين ذهب المشردون الذين كان يأويهم المركز، وبعد الاستفسار من إدارة المركز، صرحت لنا رئيسة اللجنة بالقول؛ "إن مشروع إعادة تهيئة مركز دالي إبراهيم الذي كان عبارة عن شاليات جاء تنفيذا للتوصية التي رفعتها اللجنة سنة 2014 بهدف إزالتها وتحويلها إلى هيكل مبني من الإسمنت، وحسب المعاينة الميدانية فإن الأشغال تسير بوتيرة سريعة وينتظر أن يتم تسليم المشروع بعد سنتين على أكثر تقدير، ليستوعب حوالي 400 متشرد"، مشيرة إلى أن مركز دالي إبراهيم يهدف في الأساس إلى تقديم المساعدات الاجتماعية لفائدة الأمهات والأطفال بدون مأوى، وكذا الشباب الذين يعانون من مشاكل معنوية ومعوزين، ومن أهم أهداف المركز؛ القيام بفرز المشردين وتحويلهم كل حسب وضعيته الاجتماعية". وردا عن انشغالنا حول مصير المشردين الذين كانوا فيه، قالت رئيسة اللجنة السيدة فريدة بأن كل المشردين تم توزيعهم بصورة مؤقتة في مقرات الحرس البلدي سابقا في كل من رغاية وتسالة المرجة، ولأن الغاية من الخرجة هي الاحتكاك بالوافدين على المركز من المشردين، كانت محطتنا التالية مقر الحرس البلدي بتسالة المرجة. المستشفيات تأبى التكفل بالمشردين المرضى عقليا عندما وصلنا إلى مركز دكاكنة للإسعاف الاجتماعي بتسالة المرجة، تبين لنا أن الطاقم العامل بالمركز كان على علم بقدوم اللجنة التي يفترض أن خرجتها كانت مفاجئة، حيث سارع الطاقم لاستقبالنا والإجابة على انشغالنا، ومن المعاينة الأولى تبين لنا أن المركز لا يستجيب لاحتياجات المشردين بسبب صغر حجمه، حيث كانت الغرف مكتظة بالأسرة وكانت الرائحة الكريهة المنبعثة من الغرفة قوية، مما يعني أن المشردين لا يستحمون، حيث فاق عدد الأسرة 13 في الغرفة الواحدة، وكانت هناك ساحة صغيرة اجتمع فيها كل المشردين، حاولنا التقرب من بعضهم لمعرفة الطريقة التي قصدوا بها المركز وإن كانوا مرتاحين، غير أننا لم نفلح، بحكم أن أغلب الموجودين مصابون باضطرابات عقلية ونفسية، وحسب تصريح أحد المشردين الذي كان يتعاطى الأدوية وكانت حالته شبه مستقرة، قال؛ "بأن القائمين على المركز طلبوا منه المغادرة لأنه مركز عبور وليس للإقامة"، مشيرا إلى أنه "لا يشعر مطلقا بالراحة فيه"... نقلنا انشغاله إلى القائمين على المركز، فكان رد المشرف عليه سريعا بالقول؛ "إن الذين يؤتى بهم إلى المركز يرفضون البقاء، لأنهم لا يحبون الأماكن المغلقة ولا يستجيبون لنظام المركز الداخلي الذي يفترض أنه بعد استقبال المشرد يمنع من الخروج ويخضع لجلسة بغية معرفة وضعيته، ومنه تحديد الجهة التي تتكفل به، غير أن الإشكال الذي يطرح أن عائلاتهم بعد التعرف عليها، ترفض استقبالهم"، ويفتح محدثنا قوسا في هذا الإطار بأن مشردا تم استقباله وشاءت الأقدار أن يتوفى وبعد إبلاغ عائلته، ردت بالحرف الواحد "الحمد لله أن الدولة تكفلت بدفنه"، ويضيف: "بينما الذين يجري توجيههم إلى المصالح الاستشفائية بعد التأكد من إصابتهم باضطرابات عقلية أو نفسية مستعصية ترفض التكفل بهم، حيث تعطى لهم بعض الأدوية المسكنة، ومنه يجري تسريحهم للشارع، مما يعني أننا نظل ندور في دائرة مفرغة ولا نحل مطلقا مشكل المشردين"، مشيرا إلى أن المصالح الاستشفائية لا تقوم بدورها كما يجب عندما يتعلق الأمر بالتكفل بهذه الفئة المصابة باضطرابات عقلية، بسبب عدم وجود مراكز متخصصة، "الأمر الذي يجعلنا كمركز عاجزين عن التصرف". الحافلات أضحت هي الأخرى مشردة شد انتباه "المساء" عند تواجدها في الورشة المفتوحة في مركز الإسعاف الاجتماعي بدالي إبراهيم، منظر الحافلات التي يفترض أنها الوسيلة التي كان يعتمد عليها المركز من أجل نقل وتفقد المشردين في الخرجات الليلة التي يباشرها، حيث كانت في حالة متقدمة من الإهمال، وبعضها حسبما تشير إليه الصورة أصبح غير صالح للاستعمال، الأمر الذي يقودنا إلى الاستفسار: هل إعادة بناء المركز يجعل هذه الحافلات خارج الخدمة؟ أم أنه بعد ما تم نقل المشردين إلى مراكز أخرى مؤقتة أصبحت هذه الحافلات من دون فائدة؟ أم أن المركز الجديد الذي ينتظر أن يستفيد منه المشردون يتطلب أيضا وسائل نقل جديدة، مما يعني ميزانية إضافية في زمن التقشف؟.