انتهاج سياسة تجويع المشردين لإرغامهم على مغادرة الشوارع جمعيات خيرية تُتهم بتشجيع التشرد سعيا منه على فعل الخير وإغاثة المحتاج دأب الشباب المتطوع بالجزائر منذ سنة 2010 وتزامنا مع فصل شتاء على التكثيف من حملات إغاثة المشردين بالعاصمة وهذا بتوزيع الوجبات الساخنة والأغطية عليهم، وعرفت تلك النشاطات تقدما من خلال إنشاء تنسيقية المجموعات الخيرية التي تضم حاليا أكثر من 20 مجموعة. سيد أحمد يونس وعلي حسب تصريحات الأعضاء الموسم الحالي كان قد بدأ في الفاتح من نوفمبر الفارط وهو الموسم الشتوي التي تكثر فيه معاناة المشردين بسبب انعدام مأواهم وملبسهم ومشربهم، حيث اجتمعت عشرون مجموعة تطوعية وقاموا بوضع مخطط عمل وتنظيم المجموعات حسب الأيام، وكانت الأمور تسير بشكل جيد وفي ظروف وتنظيم محكم من طرف أعضاء التنسيقية الذين يعملون على قدم وساق لإنقاذ ونجدة المشردين المحرومين من مخالب الجوع والعراء والأخذ بيدهم واقتسام معاناتهم عبر الشوارع، إلا أن الوالي زوخ قدم بيانا لوزارة التضامن وبالتحديد لمديرية النشاطات الاجتماعية وأيضاً قدم بياناً للشرطة مفاده إيقاف وحظر هذه النشاطات. سياسة التخويف والبداية بأول مجموعة المجموعة الأولى التي طبق عليها هذا القرار كانت مجموعة (مازال كاين ناس الخير) التي تم تقديم إنذار لها ولمسؤول المجموعة، وللإشارة فإن هذه المجموعة حديثة التكوين ولا تنتمي لشبان تنسيقية المجموعات الخيرية لتكون هذه الحالة عبرةً للمجموعات الأخرى عامةً ولأعضاء التنسيقية خاصةً التي لم تكن تنتظر تصرفاً كهذا من السلطات. وكانت قد قامت مجموعة أخرى تابعة لتنسيقية المجموعات الخيرية بخرجة لإغاثة المشردين مؤخرا لتفاجأ بإيقافها من طرف الشرطة وأخذ أسماء الشباب المتطوع بالمجموعة وكأنهم ارتكبوا جرما ولم يسعوا إلى فعل الخير فكما يقول المثل (عيش تشوف). تبريرات واهية لوزارة التضامن من جهة أخرى وفي اتصالنا بمديرية النشاطات الاجتماعية تم إعلامنا أن مثل هذه النشاطات تُشجع المشردين على البقاء خارجاً وأن الولاية وبالتنسيق مع وزارة التضامن تسعيان لإدخال المشردين في مراكز خاصة ليتم التكفل بهم. يأتي هذا القرار من الوالي زوخ بعد مرور 11 شهرا عن توليه حكم ولاية الجزائر ويحتمل أن يكون هذا القرار تنفيذا لمشروع الجزائر البيضاء. ولا ننفي أن بعض المراكز نفسها تبين ضجرها من بقاء المشردين على مستواها بل حتى الأبناء مجهولي النسب يدخلون في خانة المشردين بعد أن تتخلص منهم المراكز ببلوغهم سن 18 سنة، ووجب أن نقر أن فئة المشردين تحوّلت إلى واقع في مجتمعنا وجب التأقلم معه وفق سياسة مضبوطة تضمن عدم تضيع حقوق هؤلاء المحرومين، ووجب الكف عن انتهاج سياسة تجويع المشردين الذين نراهم في مشاهد وصور تقشعر لها الأبدان، بحيث يتلهفون على تلك العلب المليئة بالحساء، فهم لا يستعملون حتى الملاعق كباقي البشر ويشربون مباشرة ذلك الحساء من العلب من شدة جوعهم وبؤسهم، ووجب أن نقر أن مراكز الإسعاف الاجتماعي دورها غائب منذ زمن بعيد، كما وجب أن لا نجعل تنظيف مدينة الجزائر على حساب هؤلاء (الغلابة) ومادام أنهم لازالوا قابعين على الأرصفة ليس من الواجب تجويعهم، فقرار منع تقديم الوجبات قرار سابق لأوانه وكان من الأجدر أن تسبقه حلول لنقل هؤلاء إلى أماكن مريحة ومضمونة، في ذلك الوقت ستعود المجموعات الخيرية من حيث أتت ولوحدها من دون قرارات بعد أن تخلو الأرصفة والأقواس من فئة المشردين. سعينا لفعل الخير.... فلفقت لنا التهم ولمعرفة رأي المجموعات في القرار القاضي بإلغاء حملات إغاثة المشردين اتصلنا ببعض مسؤولي المجموعات التي تعتبر رائدة في التكفل بالمشردين على غرار شباب الرحمة، قافلة الأمل، وغيرها، حيث تم إخبارنا أن هذا القرار كان منتظراً وأنه تم التطرق له في السنة الماضية، ولكن نريد فقط أن نعرف أين هو دور الإسعاف؟ فالمتوفرة حاليا كديار الرحمة ببئرخادم ودار المسنين بباب الزوار أو دالي إبراهيم أو سيدي موسى لا تستطيع استيعاب المشردين كما أنهم يفضلون الهروب منها لانعدام الشروط الأساسية للحياة حسب ما أدلوا به. وأجمع الأعضاء على القول (إن كنا نحن حقاً السبب وراء بقائهم بالشارع فسنقوم من جهتنا بإيقاف الخرجات بصفة مؤقتة حمايةً لأعضاء المجموعة وتفادياً للمشاكل)، (ولكن نريد أن نذكر أن هؤلاء الشباب المتطوع هم من كانوا وراء إنقاذ العديد من المشردين من الموت جوعاً أو برداً خاصة في أيام الثلج التي شهدتها العاصمة في 2012، حيث تم تسجيل وفيات في أوساط المشردين، كنا يومها وحدنا بالشارع، أين اختفى الكل وتجردوا من مسؤولياتهم الإنسانية، وكان المشردون ينتظروننا على أحر من الجمر لرحمتهم من الجوع وتقديم وجبات ساخنة). الأيام كفيلة بتبيين الحقائق يأتي هذا القرار بعد أيام فقط من نشرنا لروبورتاج لنا مع المشردين عبروا فيه عن عدم رضاهم عن مراكز الإسعاف والخدمات التي تقدمها لهم، والآن وبهذا القرار لن يجدوا من يقدم لهم الوجبات كل ليلة ولكن بالمقابل ستكون هناك حافلات إسعاف - سامو- لنقلهم لدور الإسعاف،. الأيام القادمة ستخبرنا عن نجاعة هذا القرار وعن مدى تقبل المشردين له.