ما الذي يفرح المتشردين والأشخاص من دون مأوى الذين يرفضون التنقل إلى المراكز المتخصصة في فصل الشتاء، أكثر من وجبة عشاء ساخنة لتدفئة أجسادهم، وغطاء للاحتماء به من قساوة الطقس في الليل؟ ... هو العمل الذي يقوم به مركز الإسعاف الاجتماعي لولاية الجزائر، الذي ينشط في مجال التكفل بهذه الشريحة من المجتمع منذ 1998. وحول تجربة توزيع الوجبات الساخنة وكيفية التكفل بالأشخاص دون مأوى حاورت "المساء" رضا بابو رئيس مصلحة الإسعاف الاجتماعي الكائن مقرها بدالي إبراهيم ومسؤول الفرق المتنقلة. - بداية حدثنا عن دور مركز الإسعاف الاجتماعي في مجال التكفل بالأشخاص دون مأوى؟ * يسعى مركز الإسعاف الاجتماعي منذ تأسيسه إلى العمل على تحقيق هدف واحد، وهو التكفل بالأشخاص دون مأوى والمشردين المتواجدين عبر شوارع العاصمة، وذلك من خلال الاعتماد على مساعدة الأخصائيين النفسانيين والأطباء، والمربين الاجتماعيين المتواجدين على مستوى المركز، بعدها فكرنا في إنشاء فرق متنقلة تجوب شوارع العاصمة ليلا، حيث نملك اليوم ست فرق ليلية وفرقتين تعملان بالنهار، تتكون هذه الفرق من أخصائي نفساني وممرض ومربية، مهمتهم البحث عن أماكن تواجد المشردين والمرضى عقليا، ليتم إحضارهم إلى المركز حيث يستحمون وتتم تغذيتهم، بعدها تأتي مرحلة البحث عن السبيل الصحيح للتكفل بهم، إما بإعادة إدماجهم اجتماعيا في عائلاتهم أو بإرسالهم إلى المراكز المتخصصة مثل دور العجزة كل حسب حالته، ومن خلال عملنا الميداني ثبت لنا أن 80 بالمائة من المشردين جاءوا من الولايات المجاورة للاختباء بالعاصمة من شيء ما، أو لإخفاء عار ما كالنساء الحوامل ضحايا العلاقات غير الشرعية. - أعتقد أنه من الصعب التقرب من هؤلاء المشردين خاصة بالليل، ما قولك؟ * في الواقع نقابل بالترحيب والقبول من بعض المشردين الذين يقبلون المجيء معنا إلى المركز بغية إسعافهم، فيما يرفض الحضور آخرون ألفوا حياة الشارع وتعودوا عليها، ونحن لا نستطيع إلزامهم ولكننا نحاول في كل مرة نخرج فيها تغيير رأيهم وإقناعهم بالمجيئ.. حقيقة هو عمل صعب ولكنه يستحق العناء، لذا حاولنا خاصة مع فئة المشردين من الأحداث إنشاء فرقة متنقلة تحوي أخصائيين يحسنون التعامل مع هؤلاء الأحداث الذين يشكلون بالنسبة لنا صعوبة كبيرة، لا سيما وأنهم يتعاطون المخدرات ويشربون الكحول، ومن جهة أخرى أحب أن أوضح لكم أن هناك بعض المشردين يأتون طواعية إلى مركزنا، مثل النساء الحوامل اللواتي يحملن بطريقة غير شرعية ويرغبن في إخفاء حملهن حيث شهدنا قدوم سيدات من تيارت، سطيف، الشلف، تيزي وزو وسيدي بالعباس. - إذاً يمكننا القول إن فكرة الوجبات الساخنة والأغطية جاءت كحل بالنسبة للشريحة التي ترفض المجيء إلى المركز؟ * في الواقع شرعنا في توزيع الوجبات الساخنة منذ 2009 من خلال الفرق المتخصصة التي تجوب الشوارع ليلا لإطعام الفئة التي لا تستطيع العيش بالمراكز بحكم أنها تعودت على حياة الشارع، وفي العادة نجد هذه الفئة من الذين يمارسون التسول في النهار ويعتبرونها مهنة لهم لا يمكنهم التخلي عنها، وعلى العموم شرعنا في تطبيق هذه الإستراتيجية الجديدة منذ الفاتح نوفمبر 2009، وتستمر إلى غاية 31 مارس 2010 عندما ينتهي موسم البرد، يبلغ عدد الوجبات التي يتم توزيعها في اليوم الواحد 400 وجبة، بينما نوزع يوميا بين 20 إلى 30 غطاء، وأستطيع القول إنه منذ 15 ديسمبر 2009 إلى غاية 20 جانفي 2010 وزعنا 14513 وجبة و513 غطاء. - ماهو عدد الفرق التي توزع الأكل، وما نوع الوجبات التي توزعونها؟ * أحب أن أخبركم أولا بأنه عندما يحين موعد خروج فرقنا والتنقل إلى الشوارع التي تعودنا العمل بها نجد المشردين على أهبة الاستعداد، يترقبون وصولنا بفارغ الصبر إلى درجة الوقوف في طوابير من أجل الظفر بطعام ساخن وغطاء دافئ، وحول سؤالك فإن عدد الفرق هي ثلاث تجوب الفرقة الأولى نواحي باب الوادي بولوغين وساحة الشهداء، حيث يتمركز المشردون بكثرة، بينما تعمل الفرقة الثانية على مستوى بلديات سيدي أمحمد وبلوزداد وشوارع حسيبة بن بوعلي وصولا إلى الحامة، في حين أوكلنا للفرقة الثالثة مهمة العمل في الدوائر الإدارية التالية بالتناوب في بوزريعة، درارية وشراة. لأنها لا تحتوي على عدد كبير من المشردين، وعن نوع الوجبات لا أخفي عليكم في البداية كنا نوزع ساندويتشات بها بعض الكاشير والجبن، إلا أن هذه الوجبة لم تحظ بالترحيب عند المشردين الذين يبحثون عن وجبة ساخنة، فلجأنا إلى إعداد وجبة الفاصوليا والعدس والكسكسي مع قطع اللحم والفاكهة. - هل يمكنك أن تطلعنا على عدد الأشخاص الذين تم التكفل بهم بلغة الأرقام؟ * بالنسبة لآخر إحصائية سجلها مركزنا لسنة 2009 فقد بلغ مجموع المشردين المتكفل بهم 1314 شخص، منهم 989 كهل و281 امرأة و44 طفلا، ووجهنا 34 مريضا عقليا إلى المراكز المتخصصة، بينما تمت إعادة إدماج 37 شخصا في وسطهم العائلي، منهم سبعة كهول خرجوا من منازلهم وتاهوا في الشوارع، إلى جانب 23 امرأة منهم 16 امرأة مطلقة، وأربع أمهات عازبات وسبع أطفال.