قتلت طائرة حربية أمريكية، فجر أمس، ثمانية عراقيين من عائلة واحدة يوجد بينهم ثلاث نساء وأصيب طفل في قصف جوي استهدف منزلهم بالقرب من مدينة تكريت شمال العاصمة بغداد.وفي الوقت الذي أكدت السلطات العراقية مقتل هؤلاء الأشخاص، قالت القيادة الأمريكية في العراق إنها بصدد التأكد من صحة هذه المعلومات. وأكدت مصادر أمنية عراقية وأقارب الضحايا أن القوات الأمريكية التي حاصرت منزل الضحايا بحي الدور بالقرب من مدينة تكريت، نفذت قصفها الجوي من دون معاينة المكان أو استجواب قاطني المنزل المستهدف والتأكد من هويتهم. وليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها القوات الأمريكية في العراق مدنيين أبرياء بمبرر تعقّب المسلحين. وفي هذا السياق، أكد موقع الأنترنت "عراق بودي كونت" أن حصيلة الضحايا المدنيين الذين سقطوا على يد قوات التحالف الدولي في العراق تجاوز 95 ألف قتيل منذ غزو العراق في مارس 2003. وكانت الحكومة العراقية ومنظمة الصحة العالمية نشرتا، شهر جانفي الماضي، أرقاما مرعبة أكدت مصرع أكثر من 223 ألف عراقي بين مدني وعسكري منذ الاحتلال الأمريكي للعراق قبل خمس سنوات. وأكدتا أن نسبة كبيرة من هؤلاء القتلى سقطوا نتيجة الغارات الجوية التي نفذتها قوات التحالف في مناطق مختلفة بدعوى استهداف عناصر المقاومة العراقية ليتبيّن فيما بعد أن القتلى مدنيين. وكانت القيادة الأمريكية تتعهد في كل مرة بإجراء تحقيقات ومعاقبة المسؤولين عن مقتل هؤلاء الضحايا ولكنها نادرا ما كانت تنشر نتائج تلك التحقيقات. ويأتي هذا الخطأ في استهداف المدنيين في الوقت الذي أكدت فيه الولاياتالمتحدة استمرار المحادثات مع الحكومة العراقية بشأن الاتفاقية الأمنية التي تسعى واشنطن إلى إبرامها مع بغداد في أقرب وقت ممكن. وهي الاتفاقية التي تتضمن تحديد طبيعة التواجد العسكري الأمريكي في العراق بعد انتهاء تفويض الأممالمتحدة المنظم لهذا التواجد إلى غاية 31 ديسمبر المقبل. وقال غوردون غوندرو المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي إن إدارة الرئيس جورج بوش تواصل مناقشة فقرات الاتفاقية مع الجانب العراقي إلا أنه رفض الكشف عن أي تفاصيل إضافية. وجاء تصريح المسؤول الأمريكي ردا على تصريحات عدنان الجبوري، عضو مجلس النواب العراقي عن جبهة التوافق السنية، الذي أكد أن المفاوضات بين بغداد وواشنطن حول الاتفاقية الأمنية وصلت إلى طريق مسدود. وأشار الجبوري إلى أن الكتل السياسية تثق بقدرة الحكومة العراقية على عدم تقديم أي تنازلات للولايات المتحدةالأمريكية تضر بالسيادة العراقية. كما استبعد التوصل إلى اتفاق قريبا بالنظر إلى وجود اختلافات جوهرية بين الجانبين حول العديد من القضايا الحساسة فضلا عن عدم وجود تكافؤ بين الجانبين نتيجة العدد الكبير من القوات الأمريكية في العراق الأمر الذي يشكل ضغطا على المفاوض العراقي. ولا تزال هذه الاتفاقية تثير جدلا كبيرا بين مختلف الأطياف السياسية والدينية العراقية التي شككت في النوايا الحقيقية من وراء سعي واشنطن إلى إبرام مثل هذه المعاهدة الأمنية بالرغم من التطمينات التي ما فتئت الإدارة الأمريكية تقدمها بعدم نيتها في إقامة قواعد عسكرية دائمة فوق الأراضي العراقية. ولكن تأجيل توقيع هذه الاتفاقية الذي كان من المقرر أن يتم مع نهاية شهر جويلية الماضي يثبت إصرار الجبهة الداخلية العراقية على رفضها لعديد البنود خاصة تلك المتعلقة بسيادة الدولة العراقية فوق الأراضي العراقية ومصالح الشعب العراقي. وهو الأمر الذي دفع برئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، للتأكيد مجددا على أنه لن يبقى أي جندي أمريكي مع نهاية عام 2011 وقال إن الجانب الأمريكي وافق على هذا الأمر.