بدأ أمس الرئيس الإيفواري السيد حسن عبد الرحمان وتارا زيارته إلى الجزائر، وهي الزيارة التي تدوم إلى الخميس القادم، وجاءت تلبية لدعوة من الرئيس السيد عبد العزيز بوتفليقة. زيارة الرئيس الإيفواري تحمل أبعادا عديدة، وتأتي في توقيت مدروس بالتأكيد، تميّزه رهانات وتحديات كثيرة، ثنائية وإقليمية قارية. الزيارة التي تُعد الأولى من نوعها لرئيس إيفواري إلى الجزائر، تكتسي أهمية خاصة؛ كونها تشكل بداية عهد جديد في علاقات بلدين يمتلكان كل مقومات التعاون الاستراتيجي بالنظر إلى الإمكانات الكبيرة التي يتوفران عليها، وخاصة في مجالات الصناعات الصغيرة والمتوسطة والتحويلية وفي القطاع الفلاحي. وهي كلها مؤشرات كافية لأن تجعل من زيارة الرئيس الإيفوراي فاتحة عهد جديد في علاقات البلدين، ضمن رؤية اقتصادية تراعي مصالح البلدين، قد ترقى في حال تم تطوريها، إلى إقامة محور اقتصادي الجزائر أبيدجان، يبقى هدفه النهائي تحقيق تكامل في كل مجالات التعاون. وفي حال تحقق مثل هذا الهدف الاستراتيجي فإن طفرة اقتصادية سيتم تحقيقها بين البلدين ضمن عملية تكامل اقتصادي، سيصب في مصلحة شعبي البلدين والمتعاملين الاقتصاديين فيهما، الباحثين كل من جهته، عن أسواق للترويج لمنتجاتهم. فكوت ديفوار منذ تولي الرئيس حسن وتارا مقاليد هذا البلد سنة 2011 وتمكنه من استعادة الاستقرار بعد حرب أهلية دامية، تريد تحقيق إقلاعها الاقتصادي كقوة إقليمية فاعلة ضمن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا الخمسة عشرة، التي تمكنت خلال العقدين الأخيرين من تحقيق نسبة نمو فاجأت المتتبعين الاقتصاديين بعد أن أصبحت سوقها المشتركة نموذجا اقتصاديا يُعتد به. والمؤكد أن الرئيس وتارا العارف بخبايا التحولات الاقتصادية التي يعيشها العالم بحكم تجربته كخبير اقتصادي، سيعطي لزيارته إلى الجزائر بصمة في هذا الاتجاه، وسيجد وفد المتعاملين الذين سيكونون رفقته، فرصة "ذهبية" من أجل بحث سبل تسويق منتجاتهم وخاصة الفلاحية والصيدية في الجزائر، بينما سيكون لنظرائهم الجزائريين الفرصة لاستشراف مستقبل استثماراتهم وحتى تسويق منتجاتهم في سوق إيفوارية قوامها 20 مليون نسمة. وتكتسي البوابة الاقتصادية الإيفوارية أهمية أكبر بالنسبة للمتعاملين الاقتصاديين إذا علمنا بأهمية كوت ديفوار في نطاق مجموعة دول غرب إفريقيا "إيكواس"، التي شكلت قوة اقتصادية صاعدة، تماما كما هو الشأن بالنسبة لمجموعة دول شرق إفريقيا بقيادة دولتي كينيا وإثيوبيا. وإذا علمنا أن دول غرب إفريقيا تُعتبر سوقا لأكثر من 200 مليون نسمة وبمؤهلات استثمارية ضخمة في سوق "عذراء"، جعلها تتحول في السنوات الأخيرة إلى نقطة استقطاب ليس فقط للدول الكبرى، ولكن أيضا لدول الجوار الإفريقي التي تريد تعزيز علاقاتها مع دول مثل كوت ديفوار والسينغال وغانا وبوركينا فاسو ونيجيريا، التي تبقى أحد أقطاب اقتصاد القارة رفقة جنوب إفريقيا. وتعكس التوجهات الاقتصادية الجديدة في الجزائر وكوت ديفوار، حاجة كل واحدة للأخرى في ظل حالة الانكماش التي يعرفها الاقتصاد العالمي الذي اشتدت تبعاته على الدول الصغيرة وخاصة في دول قارة إفريقيا، مما حتّم عليها تغيير وجهتها من الشمال إلى محيطها الإقليمي والقاري، كخيار غايته استحداث اقتصاد بيني قوي، سيكون بداية التحرر الاقتصادي لقارة تمتلك كل مقومات إقلاعها. وهي الغاية المراد تحقيقها من أكبر منتدى للاستثمار الإفريقي، الذي يُنتظر أن تحتضنه الجزائر شهر نوفمبر القادم ضمن أكبر "سوق عكاظ" استثمارية، سيبحث خلالها أكثر من ألفي متعامل اقتصادي إفريقي، عن متنفس ومجالات لتسويق منتجاته، ولكن أيضا بحث شراكات ثنائية ومتعددة الأطراف مع النظراء الأفارقة. وتأتي دعوة الجزائر إلى عقد هذا المنتدى الأول من نوعه في القارة الإفريقية، ليؤكد التوجهات الاقتصادية الجديدة للجزائر، الرامية إلى التخلص من اقتصاد الريع النفطي لصالح اقتصاد يخلق الثروة بالاعتماد على القطاعات المنتجة في مجال الصناعة والفلاحة ضمن معادلة تكاملية بين عنصرين هامين للنهوض بأي اقتصاد. وهي خطة يمكن اعتمادها في التعاون المرجو مع كوت ديفوار، المعروفة بمنتجاتها الزراعية المختلفة والتي يريد المتعاملون الجزائريون استغلالها في مجال الصناعات الغذائية، التي تبحث عن أسواق في العمق الإفريقي، وقد تكون كوت ديفوار ضمن تجاربه الناجحة، التي يمكن اعتمادها كنموذج ناجح وتوسيعها إلى دول أخرى. الرئيس الإيفواري يترحّم على أرواح الشهداء بمقبرة العالية ترحم رئيس جمهورية كوت ديفوار السيد حسن عبد الرحمن واتارا أمس، بمقبرة العالية بالجزائر العاصمة على أرواح شهداء الثورة التحريرية المجيدة. وقام الرئيس الإيفواري الذي كان مرفوقا برئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح بوضع إكليل من الزهور بمربع الشهداء. وكان الرئيس الإيفواري قد حل بالجزائر في وقت سابق اليوم في زيارة دولة بدعوة من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تدوم أربعة أيام . وتشكل هذه الزيارة التي تعد الأولى من نوعها لرئيس دولة كوت ديفوار إلى الجزائر "فرصة لقائدي البلدين لإعطاء دفع جديد للحوار والتعاون بين الجانبين وكذا لاستعراض المسائل ذات الاهتمام المشترك لاسيما فيما يتعلق بالوضع في القارة الإفريقية عموما والسلم والأمن في المنطقة".