وقّعت الجزائروفرنسا نحو 30 عقد تعاون وشراكة في عدة قطاعات، شملت المجال الأمني والقضائي. تعاون دُعّم بجملة من الاتفاقات الأخرى، المتمثلة خاصة في تبادل التجارب والخبرات بين هيئات قضائية وأخرى أمنية، ومنها الزيارة الدراسية التي يقوم بها حاليا منتسبو المعهد الوطني الفرنسي للدراسات العليا للأمن والعدالة إلى الجزائر؛ بهدف الاطلاع عن قرب على التجربة الجزائرية في مكافحة جميع أشكال الجريمة، وخاصة التطرف الديني؛ في خطوة ترمي في الأساس إلى دعم العلاقات بين المؤسسات الأمنية الجزائرية والفرنسية في مجال التكوين في مختلف التخصصات الأمنية. في إطار تدعيم علاقات التعاون والشراكة في المجال الأمني بين الجزائروفرنسا، استقبلت أمس المديرية العامة للأمن الوطني وفدا رفيع المستوى يضم 120 خبيرا ومستشارا أوربيا في العلوم الأمنية عن المعهد الوطني الفرنسي للدراسات العليا للأمن والعدالة الفرنسي، الذي يقوم بزيارة إلى الجزائر تدوم ثلاثة أيام، يطّلع من خلالها على العديد من التجارب الجزائرية في مجال مكافحة الجريمة والإرهاب والتطرف الديني. كما سيطّلع خلال الزيارة التي تقود الوفد إلى ولاية وهران، على مختلف التجهيزات والوسائل التقنية واللوجستية التي تعتمدها المؤسسة الشرطية لتنفيذ مهامها. اللقاء الذي احتضنه مركز القيادة والسيطرة للأمن الوطني، عرف حضور مدير المركز الفرنسي السيد سيريل شوت وسفير فرنسابالجزائر السيد برنار أيمي، واللواء عبد الغني هامل المدير العام للأمن الوطني، الذي تطرق في كلمته الافتتاحية، للأهمية التي تكتسيها هذه الزيارة، التي ستسمح للجانبين بالاستفادة من خبرات ومعارف الطرف الآخر في مجال الحفاظ على الأمن، لاسيما أن العلاقة التي تربط المديرية العامة للأمن الوطني بالمعهد الفرنسي للدراسات العليا في الأمن والعدالة، قديمة. اللواء هامل عاد إلى الشراكة القوية والقديمة التي تربط المؤسستين الأمنيتين والتي تعود إلى سنة 2000، حيث تم ولأزيد من 15 سنة، تكوين العديد من إطارات الشرطة الجزائرية (نحو 20 إطارا-في تخصصات أمنية مختلفة، ساهمت في صقل معارفهم وخبراتهم)، علما أن الزيارة الدراسية جاءت تتويجا لمذكرة الاتفاق والشراكة والتبادل الموقّعة بين الجانبين العام الماضي، والرامية إلى تبادل الدعم والتكوين، والاستفادة من خبرات البلدين في مجال الأمن. في السياق قال المسؤول إن توجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الدائمة والالتزام الراسخ لوزير الداخلية، مكّنا الشرطة الجزائرية، كمؤسسة جمهورية مكلفة بتوفير الأمن والسكينة للمواطن وحماية ممتلكاته، من مكافحة الجريمة بشتى أنواعها وبكل فعالية، في إطار احترام قوانين وتنظيمات الجمهورية ومواكبة التطورات التي تجري على المستوى الدولي. من جانبه، عبّر مدير المعهد الفرنسي للدراسات العليا للأمن والعدالة السيد سيريل شوت، عن سعادته بالشراكة المتجددة بين مؤسسته والمديرية العامة للأمن الوطني، والتي تُعد بمثابة تجديد للثقة بين الطرفين، مثنيا على المستوى المهني العالي الذي يتميز به موفدو الشرطة الجزائرية، والذين لا يجدون أي صعوبة في متابعة ما يتلقونه من تكوين، بل أكثر من ذلك يقول المسؤول فإنهم يساهمون بأفكارهم واقتراحاتهم في تحسين المشروع البيداغوجي للمعهد، معتبراً أن الخبرة التي يتميز بها المعهد الفرنسي في إدارة الأزمات وحماية المؤسسات وكذا في الذكاء الاقتصادي، تشكل عنصرا هاما لمستقبل التعاون مع الجزائر.في معرض حديثه عن هذا الاتفاق الثنائي، اعتبر السيد سيريل سكوت الاتفاق الموقّع بين الجانبين هاما ليس فقط من الجانب التقني، بل لكونه ثمرة التعاون والشراكة المميزة التي تجمع الجزائروفرنسا؛ باعتبارهما قوة إقليمية سواء على مستوى إفريقيا أو أوربا، مبرزا أن لكلا البلدين تحديات مشتركة يجب التفكير في مواجهتها.. السفير الفرنسي بالجزائر السيد برنار إيمي، لم يفوّت تدخّله بدون الثناء على المستوى الذي بلغته الشرطة الجزائرية، ومنها العلاقات الثنائية بين البلدين، التي قطعت -يقول - أشواطا هامة، مركزا على الأهمية البالغة التي تكتسيها الزيارة التي شرع في التحضير لها منذ أزيد من سنة، ومذكرا في السياق بالبرنامج الثري الذي ستستفيد منه الإطارات الفرنسية، التي ستلتقي بوزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد محمد عيسى، الذي سيلقي محاضرة قيّمة سيعرض فيها مبدأ المرجعية الدينية الوطنية وأهميته في مكافحة التطرف، وكذا سماحة الدين الإسلامي والأخلاق الإسلامية التي لا علاقة لها بما يقوم به بعض المتطرفين في بقاع العالم، ومنها الأراضي الأوربية ومناطق في الشام والساحل. للإشارة، يقوم المعهد الفرنسي المتخصص بتكوين إطارات عليا في فرنسا، منهم رجال القضاء، الولاة ورؤساء المجالس الانتخابية، البرلمانيون، محامون وموثقون ومسؤولون أمنيون بالإضافة إلى رجال الإعلام المتخصصين في الإعلام الأمني ومتابعة الاتصال خلال إدارة الأزمات، مما يسمح بتبادل المعلومات والخبرات على أوسع نطاق. ويركز المعهد في دوراته التكوينية على مواضيع متعلقة بالحفاظ على الأمن العمومي وإدارة الأزمات. وتُختتم الدورات الدراسية بتقديم مذكرة نهاية الدراسة، التي يدور موضوعها حول قضايا الساعة.