ثمّن الخبير الأمني السيد عمر بن جانة، درجة الاحترافية والكفاءة العالية التي بات يتمتع بها الجيش الوطني الشعبي في مكافحة الإرهاب. وأكد أن هذه الخبرة أصبحت مرجعية حتى لدى عديد الدول التي تسعى إلى الاستفادة من خبرة مفارز الجيش الوطني الجزائري. السيد بن قانة أوضح أن قوات الجيش أصبحت أكثر تحكّما في ملاحقة فلول الإرهاب ومحاصرته. بل يمكن القول إن قوات الجيش أصبحت تتحرك أمام "كازمات " الإرهابيين. يعني تضييق الخناق على تحرّك تلك البقايا. وما عمليات الاستسلام المتتالية والمسجلة في عديد الأماكن إلا دليلا وتأكيدا على نجاح الإستراتيجية المحكمة لوحدات الجيش الذي وجد في الشعب خير داعم وسند. إن الجزائريين أصبحوا سندا كبيرا وعظيما للجيش الوطني الشعبي، لما قدمه ويقدمه هذا الأخير من تضحيات كبيرة حماية للحدود الجزائرية ولأمن المواطنين، خاصة في ظل التهريب والانتشار الواسع للأسلحة في 14 دولة أغلبها مجاور للجزائر. والتي قدّرت ب30 مليون قطعة سلاح سربت أغلبيتها من ليبيا أو عبرها. الخبير الأمني أثنى في لقائه ب"المساء" على العمليات الواسعة التي قام بها الجيش مؤخرا والتي مكّنته من استرجاع كميات كبيرة من الأسلحة وكذا القضاء على عديد العناصر الإرهابية. مشيرا إلى أن ذلك يندرج في إطار إستراتيجية محكمة تتبعها القوات المسلّحة الجزائرية للقضاء على الإرهاب وحماية الحدود الجزائرية والذود عن الوطن. المساء: تمكّن الجيش الوطني الشعبي مؤخرا من استرجاع كميات معتبرة من الأسلحة والقضاء على عدد كبير من العناصر الإرهابية في عمليات تمشيط واسعة عبر الحدود وكذا في مناطق داخلية مختلفة.. ما تعليقكم؟. الخبير بن جانة: العمليات التي قام بها الجيش الوطني الشعبي مؤخرا والتي أسفرت عن القضاء على عديد الإرهابيين واسترجاع أسلحة معتبرة على غرار عملية البويرة ووادي سوف، تندرج في إطار إستراتيجية دائمة ومحكمة وفعّالة تسعى إلى وضع حد للإرهاب ببلادنا. والقضاء على آخر ما تبقى من المجرمين. يتم ذلك بالعمل الدؤوب وملاحقة الإرهاب في معاقله بواسطة كمائن يضعها الجيش، وكذا بتوسيع وتكثيف عمليات التمشيط التي باتت تشمل كافة المناطق والأماكن التي يتم فيها رصد تواجد أو تحرك هذه الجماعات. كما لا يفوتنا أن ننوّه ونؤكد بالكفاءة العالية التي باتت تتمتع بها القوات المسلحة الجزائرية. فهي تخطط وتنسّق وتعمل بحنكة وذكاء وهذا ما جعلها تحقق هذه الانتصارات المتتالية بالقضاء على هذه الأعداد الكبيرة من الإرهابيين. وتسترجع كل تلك الكميات من مختلف الأسلحة والذخائر الحربية. المساء: الكميات المحجوزة من طرف الجيش مهرّبة كلها عبر الحدود الليبية حسب مختصين. هذا يعكس ويؤكد خطورة الوضع على الحدود، كيف تقرؤون ذلك؟. بن جانة: الأسلحة التي تسرّبت من لبيبا كلها بسبب الأزمة التي يعيشها هذا البلد الشقيق اليوم. لقد أدت الأزمة إلى انتشار واسع للأسلحة في المنطقة الحدودية سواء الشرقية أو الغربية. لقد تم تهريبها إلى ما لا يقل عن 14 دولة كما سبقت الإشارة. استنادا إلى دراسات سلطت الضوء على هذه القضية. المصادر تتحدث عما لا يقل عن 30 مليون قطعة سلاح حسب مراكز البحوث (التقرير لهيئة الأممالمتحدة). الأسلحة أصبحت محل تجارة متبادلة بين جماعات إرهابية وإجرامية عابرة للحدود. وكذا بين أيدي وتعاملات جماعات مختصة في المخدرات وشبكات متاجرة بالسلاح. لقد أصبحت تجارة مربحة ونشيطة بأتم معنى الكلمة، أما بالنسبة للحدود الجزائرية فقوات الجيش الوطني الشعبي تدرك جيدا حجم المخاطر والتحديات الحدودية. ولها من الإمكانيات والمهنية والكفاءة لما اكتسبته من خبرة طوال سنوات العشرية الدموية ما يؤهلها للتصدي لهذه الجماعات وإفشال مخططاتها والقضاء عليها. المساء: شساعة الحدود الجزائرية تجعلها معرّضة ومهددة أمام احتمال تسلل بعض العناصر الإرهابية، كيف ستواجه القوات المسلّحة هذا الخطر؟ بن جانة: القوات المسلّحة الجزائرية ومنذ الأزمة الليبية وهي في حالة طوارئ وتأهب سيما أمام شساعة الحدود سواء ما تعلق بالحدود التي تربطنا مع ليبيا وتونس أو مع بلدان الساحل أي حدودنا الجنوبية. يعني ما يقارب 5 آلاف كلم من الحدود، هذه المناطق (الجنوبية) لها ميزة خاصة فهي مفتوحة يصعب السيطرة عليها وتتميز بطابعها الصحراوي الحار، وبطبيعة الحال تسعى المجموعات الإرهابية والإجرامية إلى استغلال هذه الظروف وصعوبة التضاريس والمناخ لاختراق الحدود يوميا وبأي طريقة... لكن المؤكد فإن القوات المسلّحة الجزائرية تواصل انتشارها بشكل مدروس ويقظة متواصلة ضمن إستراتيجية محكمة وعلمية عسكرية فعّالة . وتتصدى لهذه المحاولات بشكل ناجع. بالتأكيد ثقل كبير يقع على كاهل جيشنا الوطني اعتبارا من أن الجارة ليبيا مشتتة الوضع الداخلي فهي تعيش أزمة داخلية. وكذلك الشقيقة تونس التي تجابه هي الأخرى وضعا صعبا مع تغلغل الجماعات الإرهابية إلى مناطق داخلية، حيث سجلت عدة عمليات إرهابية بما في ذلك بالعاصمة التونسية. وهي أيضا تواجه تلك الجماعات، الوضع أيضا مشابه في مالي بل أكثر حرجا أيضا. ومن ثمة فهو عبء آخر يلقى على عاتق جيشنا المرابط في حدودنا الجنوبية. هذا العبء يتقاسمه الجزائريون مع جيشهم وقواتهم الأمنية بمختلف أسلاكها بعطف كبير ومساندة غير مشروطة. لقد باتوا سندا كبيرا لقوات الجيش ويرفضون العودة إلى سنوات الدم والفتنة والدمار والجنون، بل إنّهم أغلقوا نهائيا أبواب العشرية السوداء.