أكد مدير مزرعة البرهنة وإنتاج البذور بوادي السمار (الجزائر العاصمة)، المهندس مصطفى بوحوشين، أن هذا الموسم هو الأول الذي تظهر فيه مثل هذه الآفة والتي تعد غير مسبوقة، وتسمى "المنّ الجذري" (Pusron des racines) وهي حشرة تستقر في جذر النبتة تحت التربة وتمتص الماء والأملاح من الجذور، وتمنعها من الوصول إلى الساق والأوراق، مما يؤدي إلى اصفرار النبتة وعدم اكتمال نموها وإثمارها. ذكر محدثنا الذي أطلعنا على جانب من نشاطهم بحقل التجارب لمزرعة وادي السمار، الذي زارته "المساء"، أن المصالح المختصة توصلت إلى تحديد المتسبب في هذا المشكل، وقامت بتحسيس الفلاحين منذ البداية، لكن للأسف، فإن من خصائص هذه الحشرة أن أضرارها لا تظهر إلا بعد أن تظهر السنابل، ولا يمكن التدخل بأي شكل من الأشكال لحمايتها. اكتشاف أول حالة ببومرداس قال السيد بوحوشين: "اكتشفنا أول حالة بمزرعة ببلدية زموري، في ولاية بومرداس، حيث قام صاحب المزرعة بتبليغنا، وتم إيفاد لجنة المراقبة التي تضم مختصين ويقومون كل سنة بخرجات لتسجيل مختلف الأمراض التي تصيب المحاصيل"، مفيدا أنهم لاحظوا أعراضا تشبه أعراض أمراض فطرية أخرى ومنها مرض "الفيزاريوس" (Fusarios) الذي يوجد أصلا في البذرة، فينتقل مباشرة نحو الجذور ويعفنها، وتتوقف عملية النمو، لتصفر النبتة وتذبل، وبعد الفحص والتمحيص - يقول المصدر- لاحظ المختصون أن الأعراض لا تطابق كلية هذا المرض، فتدخّل مهندسو المعهد الوطني لحماية النباتات (INPV) ليجدوا مادة في الجذور، وهي التي تفرزها حشرة تسمى "المن الجذري"، وبعدها قام المعهد المذكور بنشر "تنبيه" لتحسيس الفلاحين الناشطين في شعبة الحبوب عبر ولايات الوطن بهذه الآفة، ونصحهم بعدم استعمال أي دواء، كون الحشرة لا يمكن القضاء عليها بالرش عبر الجزء الهوائي، خاصة أن السنابل المتضررة بلغت درجة متقدمة من الاصفرار والذبول، ولا تفيد معها أية مبيدات. وحسب المهندس بوحوشين، فإن المعالجة لا يمكن أن تتم إلا بعد حصد المحصول الحالي، لأن الداء موجود في التربة وليس في البذرة، حيث ينصح بتقليب التربة تقليبا عميقا وذر المبيدات على التربة، وتحضير تربة خالية من الأمراض لموسوم البذر القادم. 9 مزارع تحقق الاكتفاء في إنتاج البذور القاعدية أكد المصدر أن بلادنا توقفت عن استيراد البذور منذ عام 2004، وكلفت مزارع البرهنة وتحسين البذور ال 9 الموجودة عبر ولايات الوطن، تشمل 39 ولاية، وتقع هذه المزارع بكل من الجزائر، المدية، عين الدفلى، تيارت، سعيدة، سيدي بلعباس، قسنطينة، سطيف وقالمة، تتكفل بتوفير هذه المادة القاعدية، ومنها مزرعة وادي السمار بالعاصمة التي تنتمي إليها أربع ولايات أخرى هي بومرداس، تيبازة، البليدة وتيزي وزو، حيث أصبحت هذه المزارع تلبي احتياجات الفلاحين من البذور القاعدية بكافة ولايات الوطن، ومنها القمح بنوعيه الصلب واللين، الشعير، الخرطال، وكذا البقول الجافة كالحمص والعدس، وبذور الأعلاف الخضراء كالفصفصة والبرسيم. ويعتقد المهندس بوحوشين أن الظروف المناخية المتقلبة، وهي غياب الأمطار في شهر ديسمبر، وتحسن المغياثنية منذ جانفي، فيفري ومارس، ربما تكون وراء ظهور مثل هذه الآفة، ومن حسن الحظ أنه لم تنتشر بشكل مقلق، لكنها تعد سابقة لم نعهدها من قبل، وقد أخلطت فعلا أوراق المهندسين والمختصين في عالم الفلاحة، كما أعطت دفعا للبحث في مجال أمراض النباتات. تقليب التربة العميق يكسر دورة حياة الحشرة ينصح مدير مزرعة وادي السمار الفلاحين الذين سجلوا انتشار هذه الآفة في حقولهم بالحرث العميق، لكسر دورة حياة هذه الحشرة الطفيلية، مطمئنا من جهة أخرى المزارعين بكون هذه الحشرة لا تنتقل إلى البذور عند الحصاد، على عكس مرض "الفيزاريوس" الفطري الذي ينتقل مع بذور المحصول، ويتم معالجته في التعاونيات الفلاحية بمبيدات خاصة، وأفاد المهندس أن من بين الآفات التي تصيب المحاصيل أيضا "المن الأخضر" (pusron vert) الذي يغزو أوراق المحاصيل، وتتم مكافحته عن طريق رش النبتة بمبيدات خاصة، لكن لا علاقة له ب"من الجذور".