تواجه أغلب بلديات العاصمة مشكل تشبع المقابر وعدم قدرة المجالس المنتخبة على إيجاد قطع أرضية إضافية لتوسيعها، أو فتح مقابر جديدة بديلة تسمح للمواطنين بدفن موتاهم بدون تعب، حيث أصبح من الصعب الحصول على قبر في بعض البلديات التي امتدت فيها أزمة العقار إلى الأموات. وفي المقابل تمكنت مصالح ولاية الجزائر من رصد 42 هكتارا لإنشاء 10 مقابر جديدة. وتتوزع المقابر الجديدة عبر عدد من بلديات الولاية، والتي ستدعَّم أيضا بمشروع إنجاز مركز جديد على مستوى مقبرة العالية لحفظ الجثث يتماشى مع المعايير الدولية. وذكرت مصادر من الولاية أن هذه المقابر الجديدة تتوزع عبر كل من بلديات أولاد فايت والحمامات وعين البنيان والعاشور والدرارية والدويرة وتسالة المرجة والمعالمة وبرج البحري وعين طاية. المقابر امتلأت عن آخرها وأزمة العقار تتواصل ويُعد مشكل المقابر التي امتلأت عن آخرها من الانشغالات المطروحة من قبل المواطنين ببلديات العاصمة، الذين يجدون صعوبة في إيجاد قبور لموتاهم، مقابل عجز المنتخبين المحليين عن حل هذا الإشكال، خاصة في بعض البلديات، على غرار، برج البحري، وادي قريش، تسالة المرجة، زرالدة، اسطاوالي، عين البنيان وحسين داي التي حال نقص العقار بها دون توسيع المقابر أو تعويضها بأخرى جديدة تستوعب الموتى ودفنهم في ظروف أفضل. وأدى ضيق المقابر في بعض البلديات إلى فتح القبور القديمة لإقامة قبور جديدة، مثلما ذكرت ل "المساء" مواطنة فقدت أمها مؤخرا، حيث أشارت إلى أن امتلاء مقبرة بوروبة استدعى دفن والدتها في قبر جدتها التي توفيت منذ عدة سنوات، بينما أوضح أحد سكان عين البنيان أن مقبرة البلدية أصبحت هي الأخرى، لا تكفي لدفن المزيد من الموتى باستثناء الأطفال الصغار، الذين تتطلب عملية دفنهم مساحة صغيرة. كما أدى هذا المشكل إلى استغلال المسالك الضيقة بين القبور في انتظار إيجاد عقار مناسب بين الأراضي التي اقترحها المجلس المنتخب، الذي لم يجد، إلى حد الآن، حلا لهذا المشكل الذي زادت حدته بسبب دفن أموات عائلات من خارج البلدية. مواطنون يبحثون عن قبور لموتاهم ومن بين البلديات التي تواجه مشكل العقار وتشتكي من انعدام المقابر، بلدية هراوة التي يواجه سكانها متاعب إيجاد أماكن لدفن موتاهم، حيث يضطرون إلى البحث عن مقابر في بلديات مجاورة، مثل عين طاية، الرغاية والرويبة، مما جعلهم يلحون على السلطات البلدية والولائية إيجاد حل عاجل وتخصيص مساحة أرضية لدفن الموتى وتجاوز المشاكل الإدارية المعقدة التي يواجهونها مع البلديات المجاورة، التي ترفض دفن موتى هراوة بمقابرها بحجة الاكتظاظ. وهو المشكل الذي تواجهه أيضا بلدية تسالة المرجة التي تشارك بلديتي الدويرة وبئر توتة مقابرهما. كما يلجأ سكان المرادية إلى مقبرتي المدنية وسيدي يحيى بحيدرة لإكرام موتاهم، بينما يدفن سكان حسين داي موتاهم بمقبرة قاريدي بالقبة، التي استفادت من مشروع توسعة ثانية من أجل استقبال العدد الكبير من الموتى، الذين يضطر أهاليهم، في غياب مقبرة على مستوى مناطقهم، إلى الجوء إليها، الأمر الذي جعلها تكتظ وتسجل عجزا كبيرا، ما أصبح يؤرق العديد من سكان المنطقة الذين يطالبون بتوفير مساحات دفن جديدة. فوضى كبيرة بأغلب المقابر بالعاصمة ما يثير الانتباه عند زيارة المقابر إقدام البعض على بناء قبور من الحجم الكبير وتسييجها واستغلال مساحة كبيرة، رغم مشكل الاكتظاظ الذي تواجهه أغلب المقابر بالعاصمة، والذي صعّب مهمة دفن الموتى، مثل ما لاحظناه خلال زيارتنا لمقابر بوروبة والقطّار والعالية، التي تتباين فيها القبور بين البسيطة وكبيرة الحجم والمزيّنة بالرخام، والتي أصبحت كثيرة الطلب من طرف العائلات التي تعتبر ذلك إكراما للميت وحفاظا على قبره من الزوال، وهو ما لاحظناه خاصة بمقبرة العالية، التي تبقى الوحيدة التي لاتزال قادرة على استيعاب المزيد من الموتى، بالنظر إلى مساحتها الشاسعة، حيث تتربع على 800 ألف متر مربع، غير أن الأمر ليس كذلك بالنسبة لأغلب مقابر العاصمة التي تتطلب إعادة تنظيم لتجنّب الفوضى في الدفن، ومنع بناء القبور للقضاء على مشكل الاكتظاظ الذي يزداد حدة من سنة إلى أخرى، والذي نتج أيضا عن الدفن العشوائي الذي يميّز أغلب المقابر. أكثر من 6 آلاف ميت دُفنوا بمقابر العاصمة العام الماضي تبقى مشاريع المقابر الجديدة المقرر فتحها عبر عشر بلديات بالعاصمة، الحل المناسب إلى حد الآن لمواجهة حالة الامتلاء التي وصلت إليها المقابر القديمة، حسبما أكد رئيس الدائرة التقنية للمؤسسة العمومية الولائية لتسيير الجنائز والمقابر كيدوش عبد العزيز. وأوضح نفس المسؤول أن امتلاء مقابر العاصمة يعود لسنوات مضت، مبرزا أمثلة عن مقابر بلوزداد وسيدي امحمد والقطّار، والتي لم تعد تستوعب أي قبر إضافي، مضيفا أن المقابر الجديدة هي الحل المناسب لهذه الوضعية. وستمكّن مشاريع هذه المقابر العشر الجاري التحضير لإنجازها، من مواجهة حالة الامتلاء هذه، إضافة إلى مواقعها الملائمة للخريطة السكنية الجديدة بالعاصمة، والتي تتماشى مع عمليات الترحيل التي عرفتها الولاية منذ جوان 2014. وأضاف أن منهجية العمل المتّبعة منذ استلام المؤسسة العمومية الولائية تسيير الجنائز والمقابر مسؤولية عن كافة مقابر الولاية، المقدّر عددها ب 123 مقبرة نهاية سنة 2014؛ إذ أصبحت أكثر تنظيما باستحداث أربعة أقطاب وتسع مناطق تدخل من أجل تسهيل مهمة تسيير المقابر. وذكر المتحدث أن عدد الموتى المدفونين بمقابر العاصمة خلال السنة الماضية، بلغ 6.134 ميتا، فيما وصل عدد الموتى المسجلين والمدفونين إلى غاية نهاية شهر ماي المنصرم، إلى 3000 ميت. ملفات مشاريع إنجاز القبور في مرحلة متقدمة أكد رئيس مصلحة المقابر بذات المؤسسة عبد الرحمن محمد، أن ملفات مشاريع هذه القبور تعرف تقدما ملحوظا؛ حيث انتهت الدراسة الخاصة بها وتم تقديمها للجهة المكلفة بالإنجاز ممثلة في المديرية الولائية للميزانية. ويبقى الاستثناء - كما قال - في مشروع مقبرة بلدية المعالمة؛ بسبب استغلال المساحة من قبل شركة عمومية لإنجاز طريق جديد ومقبرة العاشور التي لم تنته بسبب عراقيل مرتبطة بموقع الأرضية المخصصة للمشروع. وعرفت سنة 2014 أيضا - استنادا إلى نفس المصدر - إنجاز برنامج رد الاعتبار وتهيئة المقابر، بحيث انطلقت أشغال التهيئة عبر 19 مقبرة موزعة على 10 بلديات، على أن تشمل العملية تباعا باقي مقابر الولاية. تجدر الإشارة إلى أن المؤسسة العمومية الولائية لتسيير المقابر والجنائز، كان قد أعيد بعث انتشارها الفعلي بناء على قرارات المجلس الوزاري المشترك، حيث أوكلت لها مهمة متابعة وتسيير وضعية كل مقابر العاصمة، التي كانت في وضعية متدهورة قبل سنة 2013، حسبما أكدت العديد من تقارير الولاية. ويبلغ عدد المقابر التي تشرف عليها ذات المؤسسة الولائية، 123 مقبرة موزعة على أزيد من 370 هكتارا، ويشرف عليها 860 عاملا. ويوجد من بين إجمالي المقابر بالعاصمة 22 مخصصة لدفن المواطنين والرعايا المسيحيين، إضافة إلى مقبرة يهودية واحدة ببولوغين، والتي مازالت في الخدمة.