قرر قادة الدول الإفريقية في اليوم الثاني والأخير من أشغال قمة الاتحاد في دورتها السابعة والعشرين بالعاصمة الرواندية كيغالي تأجيل انتخاب رئيس جديد للجنة الإفريقية خلفا للجنوب إفريقية نكوسازانا دلاميني زوما إلى غاية قمة أديس أبابا المنتظر عقدها شهر جانفي من العام القادم. ولم يتمكن القادة الأفارقة من تحقيق الإجماع حول أحد من المترشحين الثلاثة، وزير الشؤون الخارجية لغينيا الاستوائية اغابيتو مبا موكي ووزيرة خارجية بوتسوانا بيلونومي فانسون مواتوا ونائبة الرئيسة الأوغندية سبيسيوزا فانديرا كازيبوي الذين لم يحصلوا على نسبة الثلثين للظفر بهذا المنصب الهام في الهيكل التنظيمي للاتحاد. وكشفت مصادر من داخل اجتماع قادة الدول والحكومات المشاركين في جلسة التصويت التي تمت في اجتماع مغلق أن 28 دولة من بين الأعضاء ال54 امتنعوا عن التصويت في الدور الأخير من عملية الانتخاب مما حال دون فوز أحد من بين المترشحين. يذكر أن دلاميني زوما التي ضمنت رئاسة المفوضية منذ 2012 رفضت الترشح لعهدة جديدة. وشارك الوزير الأول عبد المالك سلال الذي يمثل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في هذه القمة التي تجري أشغالها في جلسة مغلقة في عملية الانتخاب. وكان وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل قد أكد على هامش الأشغال أن الجزائر رشحت السفير إسماعيل شرقي لمنصب مفوض السلم والأمن الإفريقي. وكان الوزير الأول عبد المالك سلال عرض خلال اليوم الأول من أشغال القمة التجربة الجزائرية في مجال ترقية حقوق ودور المرأة مؤكدا بأن الإصلاحات التي باشرها الرئيس بوتفليقة "تسمح بتحسين مكانة ودور المرأة في المجتمع الجزائري ب«شكل معتبر" وتجسد "الإرادة القوية" في توسيع الفضاءات الديمقراطية واعتماد حكامة ناجعة". كما دعا السيد سلال إلى " تكثيف جهود" الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي من أجل استكمال استحداث المنطقة القارية للتبادل الحر في آفاق سنة 2017، حيث جدد "التزام الجزائر ببذل كل ما في وسعها من أجل المساهمة بشكل فعال وبالتشاور مع جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول القارة " بقناعة أن منطقة التبادل الحر "تعد أهم محرك لهذا التكامل. ورافع سلال في إطار المساعي لتحقيق "أجندة إفريقيا 2063 "للإصلاحات التي قامت بها الجزائر وقال إنها "تندرج ضمن "منطق وامتداد الحيوية الشاملة لورشات الإصلاحات الواسعة التي باشرها رئيس الجمهورية في الجزائر منذ 1999 والتي يتمثل هدفها الوحيد في المضي نحو تجسيد دولة القانون وتعزيز الديمقراطية التشاركية". وقال الوزير الأول لجزائري أن موضوع هذه القمة "محفز" لترقية دور المرأة في البناء الإفريقي لأنه "يؤكد بقوة الدرجة السامية لتمسك منظمتنا بالبعد الإنساني وخصوصا ترقية حقوق ودور المرأة الإفريقية وأشار السيد سلال الى تعزيز حضور المرأة على مستوى مراكز القرار في الجزائر على أساس نظام الحصص من خلال تخصيص نسبة 30 بالمائة على الأقل للنساء للحصول على مرا كز عالية على مستوى مؤسسات الإدارة العمومية والمؤسسات العمومية والخاصة. كما جدد تمسك الجزائر بالموقف الإفريقي المشترك بخصوص إصلاح الأممالمتحدة والذي تمت المصادقة عليه من طرف لجنة الدول العشر التي تعد الجزائر عضوا فيه من خلال ما يعرف ب"اجتماع ايزلويني" الذي طالب بإصلاحات "عميقة" لمجلس الأمن الدولي. وطالبت إفريقيا التي لا تملك سوى ثلاث مقاعد غير دائمة في هذه الهيئة الأممية بمقعدين دائمين مع حق النقض "الفيتو" وخمس مقاعد غير دائمة. ووقع إجماع القادة الأفارقة على هذا المطلب وكلفوا لجنة العشرة، القيام بحملة في هذا الاتجاه على كافة المستويات وخاصة على المجموعات الإقليمية. وفي مداخلاتهم لدى افتتاح القمة عبر بعض القادة الأفارقة عن إرادتهم في التحرر من "التبعية للتمويلات الخارجية المثبطة للعزيمة والمهددة" لاستقلالية الاتحاد. وركز الرئيس التشادي إدريس ديبي الذي تضمن بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي على ضرورة التحرر من التحدي الهام الذي تمثله التبعية للتمويلات الخارجية وطالب بضرورة توفير "موارد كافية" لتجسيد الطموح المرتقب في إطار أجندة 2063. ومن جهتها أكدت رئيسة المفوضية الإفريقية، نكوسازانا ديلاميني زوما أن إعداد أجندة 2063 يهدف إلى تشجيع بروز "قارة مدمجة يسيرها مواطنوها". وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي من جهته أن "الوحدة لا يجب أن تبقى مجرد شعار" بل حافزا بالنسبة للقارة الإفريقية ككل من أجل التخلص من "حدود تعود إلى عصر آخر. كما تميزت الجلسة بمداخلة لرئيس دولة فلسطين محمود عباس الذي سلم لنكوسازانا ديلاميني زوما "نجمة القدس" عرفانا ب"جهودها ودعمها للقضية الفلسطينية". وقف القادة الأفارقة دقيقة صمت على روح الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز، كما حيوا الرئيس الصحراوي الجديد إبراهيم غالي وعبروا عن دعمهم الثابث لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. واستغل الوزير الأول عبد المالك سلال هذه القمة من أجل إجراء محادثات مع عدد من قادة الدول الإفريقية تناولت الراهن الإفريقي والعلاقات الثنائية. وتحادث سلال مع الرئيس الرواندي بول كاغامي ورئيس زيمبابوي روبيرت موغابي بحضور وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة ووزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل. كما تحادث مع نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني الذي بحث معه مستقبل العلاقات الثنائية والوضع الأمني الذي تعرفه ليبيا والعملية السياسية التي باشرها المجلس الوطني الليبي.