الكثير منا يعتقد أن السير في الطرقات لايعدّ سلوكا من السلوكات التي تحدد الشخصية باعتبارها شخصية حضارية تمارس حقها الحضاري في توظيف المركوب توظيفا انسانيا يحترم القانون، بل ويجعله سلوكا من سلوكاته اليومية وليس له في ذلك من رقيب إلا رصيده الثقافي وضميره الذي يحييه حياة انسانية حقيقية، إلا أن الكثير من المشاهد التي نشاهدها على الطرق تصيبنا بصدمات وإحباطات لا يمكن معالجتها إلا بتهذيب سلوكاتنا ومعاملاتنا فيما بيننا، وأيضا في التزامنا بالقانون كسلوك حضاري وليس به سلوكا قمعيا يحدّ من تصرفاتنا وحريتنا والأمثلة على ذلك كثيرة كربط الأحزمة، عدم استعمال الهاتف المحمول أثناء السير، عدم استعمال الألفاظ والكلمات النابية عند التجاوز والشتائم والتي كثيرا ما تؤدي الى الاشتباكات بالأيدي والأرجل وتخرج حينها من شكلها الآدمي الى العنف الحيواني الذي يتصف بالناب والمخلب، الطريق سلوك والطريق حقوق مشتركة بين الناس، والطريق نظام حتى نحافظ على الأرواح والأبدان، وقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم حقوق الطريق وأمرنا بإعطاء الطريق حقّه، الشيء المذهل والمفزع أن الأمور أصبحت تتخبط في فوضى الطريق فالراجل يمشي في وسط الشارع وصاحب السيارة يركن سيارته على الرصيف، أضف الى ذلك التجار أصحاب المحلات التجارية، حيث يضعون سلعهم على الأرصفة ويجبرون المشاة على النزول الى الشارع بدل الرصيف وكأنما الرصيف أصبح جزءا من محلاتهم فأينما توجهت تجد صناديق الحليب البلاستيكية على الأرصفة، وسلل الخبز وصناديق المثلجات وغيرها من السلع، أما الخضر والفواكه فأصبح احتلال الأرصفة من اختصاص التجار المتجولين والقارين وهكذا يتعاون هؤلاء وهؤلاء على إيذاء المواطن وأطفال المدارس واجبارهم إلى النزول للطريق والتعرض للخطر الداهم، أما السلوكات الأخرى من قبل شبابنا الذي لديه سيارات فإن حوادث المرور والضحايا والخسائر التي نتكبّدها في الأرواح والأموال وارتفاعها هي وحدها التي تحدّث أخبارها بأن سلوكات الطريق غير سوية وأن الطريق أصبح يتحرك فيه المجانين وأن التصرفات التي تحدث عليه بعيدة عن العقل وعن الحكمة وعن الضمير والوعي بالمسؤولية في احترام القانون والإلتزام بالسلوك الحضاري مثلما نشاهده في الدول المتطورة، حينما يصبح احترام قانون المرور فرض عين على كل مواطن دون حاجة لرقيب أو شرطي لأن سلوك الانسان هناك يتّسم بسلوك حضاري.