تحت شعار "البيداغوجيا في خدمة الوقاية المرورية"، ومن أجل إدراج الثقافة المرورية في جميع الأطوار الدراسية بدءا من دور الحضانة إلى باقي المستويات التعليمية، نظمت الكشافة الإسلامية الجزائرية فوج محمد درويش ببوزريعة بالتنسيق مع المدرسة العليا للأساتذة، يومين دراسيين للفت انتباه الجهات المعنية إلى أهمية إدراج الثقافة المرورية بصورة معمقة بجميع الأطوار التعليمية، إلى جانب العمل على تنظيم ورشات تكوينية تستهدف تكوين أساتذة المستقبل الذين يعول عليهم في تربية النشء على الأساليب الحضارية لإيصال الرسالة الوقائية وترسيخ التربية المرورية. وعن أهمية الوقاية المرورية كمادة تربوية بالمؤسسات التعليمة، قال سعيد بن زرقة أستاذ جامعي مكلف بالإعلام بالمدرسة العليا للأساتذة، إن الهدف الأساسي من تنظيم هذين اليومين الدراسيين هو التركيز على الإنسان وكيفية تلقينه الثقافة المرورية بصورة حضارية قبل الحديث عن المركبة أو العقوبة، لذا وجه الاهتمام إلى تلاميذ المدارس إذ يمكن تلقين الثقافة المرورية بالأساليب التربوية المتاحة البعيدة عن الزجر والأوامر والنواهي، وذلك بالاعتماد على القصيدة والمسرحية والأناشيد الهادفة، ومن أجل الوصول إلى تحقيق هذه النتيجة لابد من تكوين أساتذة يعرفون الطرق الصحيحة لإيصال الرسالة المرورية إلى التلاميذ، وتم العمل من خلال اليومين الدراسيين على فتح ورشات تكوينية تستهدف تكوين أول دفعة من الأساتذة حول آليات التحسيس، حيث يشرف على تكوينهم مختصون في القانون وممثلون عن الأمن الوطني وعن الديوان الوطني للوقاية من حوادث المرور. ويكمن الهدف الأسمى يضيف المتحدث إلى لفت انتباه السلطات الوصية للتعجيل بإدخال الثقافة المرورية في المنظومة التربوية بصورة مفصلة عبر المناهج الدراسية التي تمس جميع الأطوار الدراسية بما في ذلك دور الحضانة. من أجل مواطن مشبع بالثقافة المرورية من جهته، اعتبر عبد الله قلي، مدير المدرسة العليا للأساتذة ومن خلال مداخلته، أن فتح ملف البيداغوجية في خدمة الوقاية المرورية، موضوع غاية في الأهمية، لان الأمر يتعلق بتعليم ثقافة تكاد تكون غائبة في المجتمع الجزائري، ومن اجل الوصول إلى تكوين مواطن متشبع بهذه الثقافة لا بد من تضافر جهود كل الجهات ذات الصلة كالكشافة الإسلامية الجزائرية، الدرك والشرطة ورجال القانون، ولأن الأمر يتعلق بالسلامة المرورية وتكريس السلوك الحضاري، فإن الأمر لا يتحقق إلا بإدراج مقررات ومحاور بالمناهج التربوية، وذلك من خلال البدء بالطفل في رياض الأطفال، لأن الثقافة المرورية تعني أن هذا الطفل عندما يكبر يحترم القانون كونه سلوكا حضاريا وليس خوفا من العقوبات المقررة عن مخالفته أو خوفا من الساهرين على تطبيقه. من جهة أخرى، اعتبر ذات المتحدث أن العقوبة مهمة للحد من حوادث المرور بما في ذلك صيانة السيارة لتحقيق معادلة السلامة المرورية، إلا ان الإنسان كطرف فعال مغيب من هذه المعادلة ولأن حوادث المرور يعتبر فيها العامل البشري المتسبب الأول، أصبح من الضروري توظيف كل الأشكال التعبيرية ومختلف الأنشطة التربوية في المناهج الدراسية بالمدارس الجزائرية، للوصول إلى إعداد جيل متشبع بما يعرف بالثقافة المرورية. الطفل ناقل جواري للثقافة المرورية من جهته، وصف القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية، السيد نور الدين بن ابراهم، الارتفاع الكبير في حصيلة حوادث المرور، بالظاهرة التي أصبحت تستنزف أرواح الأمة الجزائرية، وهو واقع يجر آلاما كبيرة بسبب غياب الوعي. واعتبر إدراج التربية المرورية في المناهج التربوية اكبر استثمار، حيث قال: "نملك اليوم 8 ملايين متمدرس يؤطرهم نصف مليون أستاذ، ولأن التربية المرورية تستهدف الطفل، فإننا أكيد نصل إلى تحقيق نتيجة مهمة وهي صياغة ناقل جواري على مستوى كامل التراب الوطني يسهم في نشر الثقافة المرورية بأسرته ومحيطه«... وعليه يضيف " أننا إذا اعتمدنا التربية المدنية كوحدة تعليمية قارة في البرامج والمناهج المقررة بالمؤسسات التربوية، فإننا أكيد نصل إلى إيجاد مواطن واع ليأتي بعدها الحديث عن الردع كأسلوب تقويمي تجسده النصوص القانونية". حوادث المرور تعد ثالث أسباب الوفيات في العالم أشار المقدم بلوطي من الدرك الوطني في مداخلته إلى ما كشفت عنه منظمة الصحة العالمية مؤخرا، حين اعتبرت حوادث المرور من اخطر الآفات الاجتماعية. مشيرا إلى ان استمرا الحال على ما هو عليه في 2010، يجعل حوادث المرور تحتل المرتبة الثالثة عالميا من حيث أسباب الوفيات، علما أن حوادث المرور اليوم تحتل المرتبة التاسعة عالميا. ومن اجل الحد من حوادث المرور في الجزائر أكد ذات المتحدث، أن الجزائر بكل أجهزتها التي تنشط في مجال السلامة المرورية مجندة لاحتواء الظاهرة، من خلال التفكير في الحلول الكفيلة بالتقليل من آثارها. مشيرا في ذات السياق إلى أهمية إشراك المجتمع المدني في كل العمليات التحسيسية والتوعوية، باعتبار ان المسؤولية مشتركة، حيث اعتبر الأيام الدراسية الهادفة إلى إدراج التربية المرورية كمادة تربوية في المؤسسات التعليمة، دليل على نضج الوعي بخطورة الظاهرة. الخروج بتوصيات ميدانية بالمقابل، تحدث الأستاذ عبد السلام حاريتي، مدير الدراسات بالمركز الوطني للوقاية من حوادث المرور، عن عدم تفاجئه عند الحديث بلغة الأرقام عن الارتفاع الكبير لحوادث المرور التي تسجلها الجزائر سنويا، حيث قال إنه في سنة 2009 فقط سجلنا4607 قتيل و3000 معاق.... وأوضح أن السبب في تفاقم الظاهرة هو الاعتماد على القانون من خلال صياغة نصوص ردعية، إلا ان الاعتماد على هذا الأخير وحده غير كاف لإيجاد مواطن صالح. إذ بات من الضروري وضع ميكانيزمات جديدة للحد من الظاهرة. مشيرا إلى ان الدراسات أثبتت ان اللجوء إلى سياسة الردع والزجر غير كافية، بل قد تأتي بنتيجة عكسية، واعتبر اليومين الدراسيين الهادفين إلى الخروج بتوصيات من شأنها إدراج التربية المرورية ضمن المناهج التربوية كمادة تستهدف كل الأطوار، أهم نتيجة ينبغي الإسراع في تجسيدها، وهو نفس الرأي الذي ثمنه محمد فيلالي محافظ الشرطة لأمن ولاية الجزائر، حين وصف من خلال مداخلته، المدرسة والمدرس، بمثابة المنارة التي ينبغي ان تتوجه جهودها إلى تقويم السلوك الإنساني، لأن 90 بالمئة من حوادث المرور سببها العامل البشري بالدرجة الأولى. لا سيما وان هذا الأخير لا يمارس السياقة كسلوك حضاري، وبالتالي يضيف ان إدخال التربية المرورية بجميع مؤسسات الضبط الاجتماعي كالروضة والمدرسة والمسجد... أصبح أكثر ضرورة للوصول إلى إعداد مواطن يعرف كيف يحترم القانون.