تعيش غابة الساحل بزموري البحري ببومرداس خلال الصائفة الجارية على وقع أجواء العطلة من خلال التوافد اليومي لأعداد كبيرة من المصطافين والعائلات والمتجولين الباحثين عن الراحة والاستجمام في هذا الموقع الساحر والمتميز والذي يبعد عن مقر الولاية بحوالي 15 كلم شرقا، ويعد بمثابة القبلة المفضلة لهواة التخييم من عامة الناس والجمعيات وأفواج الكشافة الوافدين إليه من مختلف ولايات الوطن على غرار تيزي وزو والبويرة والبليدة وحتى من ولايات الجنوب. تستقطب هذه الوجهة السياحية المميزة ذات الشواطئ الساحرة كذلك السياح الحقيقيين خاصة منهم المغتربين بفضل توفر مرافق الإيواء على قلتها بعدما أعيد الاعتبار لبعض المخيمات الصيفية التابعة لمؤسسات عمومية وخاصة وإنجاز عدد ولو قليل من الفنادق والسكنات الجاهزة الموجهة للتخييم وغيرها حسبما لوحظ. ويثير انتباهك وأنت تتجول في ربوع هذه الغابة الجميلة خاصة بعد الظهيرة خلال أيام نهاية الأسبوع ذلك العدد الكبير من العائلات التي تحتمي من الحر تحت ظلال الأشجار بعد نيلها قسطها من الاستجمام في البحر، حيث يغتنم البعض منهم الفرصة للغذاء والبعض الآخر لأخذ قسط من الراحة والخلود للقيلولة. كما يثير الانتباه وسط هذا الجو الحميمي، البائعين المتجولين بأباريق الشاي والمشروبات الباردة والمثلجات وغيرها، حيث أكد أحدهم بأن أغلبية الباعة قدموا من المناطق الداخلية للوطن بحثا عن لقمة العيش، إلا أن النقطة السوداء تبقى في عدم الحفاظ على نقاوة المحيط، حيث يترك بعض الزوار فضلاتهم في عين المكان مما يشوه المنظر الجميل والطبيعي للغابة. شوق لماضي الموقع الساحر وبنبرة ملؤها الشوق والحصرة، عبّر سكان قدامى بزموري البحري عن افتقادهم و وشوقهم الكبير لماضي هذه المنطقة الجميل الذي يأملون في عودته ثانية، حيث كانت المنطقة خاصة في سنوات السبعينات والثمانيات مقصدا مفضلا وقبلة لأعداد غفيرة من المصطافين خاصة منهم الأجانب والمغتربين ومشاهير الفنانين والمثقفين على غرار المرحوم الهاشمي قروابي. وذكر آخرون على غرار عمي عمر، صاحب منتزه صغير للاصطياف ينشط منذ عدة سنوات بأنه متفائل جدا لاستعادة المنطقة لحيويتها وأمجادها السياحية وبريقها المعهود ولو تدريجيا نظرا لتوفرها على خصائص لا تزال تميزها إلى اليوم. وتتمثل أهم هذه المميزات حسب نفس المتحدث في بُعدها عن ضوضاء المدينة وتعقيداتها بسبب قلة سكانها وحفاظها على عذريتها الطبيعية من حيث رمالها الشاطئية الذهبية ومياه بحرها النقية وغابتها الجميلة ومساحتها الخضراء وتوفرها على ميناء قديم ينتج أحد أجود أنواع السمك وطنيا والمتمثل في "السردين". كما أعرب من جهته السيد حميد، صاحب أحد أقدم القرى السياحية المنجزة بمحاذاة غابة الساحل عن "تفاؤله الكبير" بعودة النشاط السياحي للمنطقة الذي بدأت مؤشراته الإيجابية تظهر في السنوات الأخيرة بسبب تحسن الظروف الأمنية على وجه الخصوص والتحسن التدريجي في الخدمات والشروع في توفير البنية التحتية على غرار الطرق والكهرباء والماء، إذ أن طلب الحجوزات ارتفعت هذا الموسم بشكل مرض إلى حد الآن كما أكد المصدر. خصائص طبيعية عذراء وفريدة من نوعها وتتميز غابة الساحل التي يعبر بمحاذاتها الطريق الوطني رقم 24 من الجنوب بمحافظتها على حالتها الطبيعية العذراء المتوحشة وبامتدادها على مساحة كبيرة تفوق 800 هكتار، تتقاسمها كل من بلديات زموري ولقاطة ورأس جنات.. كلها مكسوة بأشجار الصنوبر الحلبي والبحري. كما تمتاز هذه الغابة التي تستحوذ بلدية زموري على أغلبية مساحتها رغم الإهمال وعدم اكتراث المسؤولين المحليين بمصيرها حسبما لاحظته "وأج" بديكور طبيعي خلاب يمزج بين ثروة غابية ونباتية كثيفة ومتنوعة تآكلت مساحات معتبرة من جوانبها جراء القطع العشوائي للأشجار، وشواطئ رملية ساحرة نقية تمتد على أكثر من 4 كيلومترات. وما يزيد من رونق وجمال هذه المنطقة، موقعها الهام الذي يتوسطه مركب سباق الخيل "الأمير عبد القادر" الذي عاد إلى نشاطاته في السنوات الأخيرة بتنظيم عدة سباقات للخيل شهريا، إضافة إلى احتضانه لجوائز وطنية و دولية أبرزها الجائزة السنوية الكبرى لرئيس الجمهورية التي تجلب إليها جمهورا غفيرا. وتنتشر على طول هذه الغابة زهاء 10 مخيمات صيفية، حيث أن البعض منها أصبحت مهجورة لقدمها بسبب عدم تجديدها وصيانتها بعد أن تخلت عنها الشركات العمومية والخاصة المالكة لها، في حين تبقى أخرى تابعة لمؤسسات عمومية كسوناطراك، وهي لا تزال في حالة جيدة وتستقبل المخيمين من أبناء المؤسسة طيلة موسم الاصطياف.