الحرب المقرونة بالدم والدموع التي نحبها إذا كان الوطن هو الداعي إليها، الحرب التي خضناها في ثورتنا المباركة والحرب التي خضناها مع أشقائنا العرب في الجبهة الغربية بعد الهزيمة التي تكبدوها في جوان من عام 1967، كان هناك من الشباب الجزائري الذي سفح دموعا لأنه لم يحصل له شرف القتال فبقيت عيونه تفيض من الدمع، وكان رئيسنا الراحل هواري بومدين وهو يودع أبناء الجزائر والمجاهدين الذين حظوا بشرف الذهاب الى الجبهة يقول لهم »إما النصر أو الاستشهاد« وكان المقاتل الجزائري يضع نصب عينيه هذه الوصية ويطبقها في الميدان ولا يحيد عنها قيد أنملة، ووقف الجيش الجزائري الباسل بالضفة الغربية من قناة السويس في حرب استنزافية ووراء خطوط الصهاينة يجاهد من أجل اعادة الأرض والشرف العسكري الذي داسته الدبابات الإسرائيلية، لم تكن ثقافة المقاتل الجزائري ثقافة سينمائية ولا روائية ولم يكن قتاله تسجيلا لمذكرات يومياته في الجبهة وهو ينتظر يوم الإعلان عن الزحف الأكبر، بل كان مرابطا في سبيل الله مقاتلا عنيدا يرفض الذّل والإحتلال وهكذا سجّل المجاهد الجزائري ملحمة قتالية رائعة وإن صمت عليها الأشقاء من مسؤولين وأدباء وسينمائيين ولم يذكروه في مسلسلاتهم وأفلامهم وتكريماتهم ومذكراتهم، بل ضربوا حوله سياجا من الصمت وتنكروا لدمائه ومجهوداته وقتاله المبين الذي حققه في الضفة الغربية. ويأتي بعد حرب الاستنزاف أكتوبر المجيد وتأتي الثغرة التي تسلّل منها الجيش الاسرائيلي وعبر من خلالها الى الضفة الغربية والذي كاد يحوّل النصر الى هزيمة والعبور الى أكذوبة سينمائية لولا الجيش الجزائري الذي واجهه بعد أن أصبح الجيش الثالث المصري محاصرا معزولا.. الأشقاء من أدباء وسينمائيين وقادة أركان ومهندسين وحتى مطربين لا يذكرون دور الجيش الجزائري ولم يفكروا حتى في تكريم بعض قادته وأفراده الذين أبلوا البلاء الحسن، ولا يذكرونه ولو في حواراتهم وفي مذكراتهم وكأنه لم يقم بواجبه حيالهم، بل ينسبون الانتصار الى أنفسهم فقط ويجحدون تضحيات الأشقاء والدماء الزكية التي سالت في سبيل أرض الكنانة، ونحن في الجزائر كرمنا من ردّد أغنية أو قصيدة وقلدناه أوسمتنا الوطنية أما آن للأشقاء أن يعترفوا لاخوانهم الذين آزروهم إبان الحرب ليس بالمال وحده وانما بالدم وكم هو الدم غال أيها الأشقاء، فأين نحن من جملة أكتوبر؟