تتحول عاصمة الكورنيش جيجل كل سنة إلى قبلة ملايين المصطافين، أغلبهم عائلات جزائرية يقبلون من مختلف ولايات الوطن الجنوبية والداخلية لقضاء أيام معدودات على رمال شواطئها الذهبية، الملتفة بغابات الصنوبر والفلين وأرخبيل من الجزر، ومزدانة بغطاء الأمن والحرمة والاحتشام، كلها جعلت من جيجل عذراء لم تعرف تحسنا في الإمكانيات السياحية والمؤسسات الفندقية المصنفة التي تثير اهتمام المصطاف بشكل أو بآخر. استطاعت ولاية جيجل التي تملك شريطا ساحليا طوله 120 كلم، يتربع على قرابة 50 شاطئا، من بينها 24 شاطئا محروسا ومفتوحا للسباحة، أن تحتل الصدارة كتقييم أولي لعدد المصطافين خلال هذه السنة، باستقبالها إلى غاية الأيام الأخيرة من شهر أوت 11.009.325 مليون مصطاف، استطاعت من خلال هذا الرقم أن ترد على حملات المقاطعة التي تعرضت لها عبر شبكات التواصل الاجتماعي في بداية موسم الاصطياف. رغم نقص المرافق السياحية وندرة المؤسسات الفندقية وغياب المراكز التجارية الكبرى التي من شأنها أن تستهوي المصطاف، حيث تملك ولاية جيجل 27 مؤسسة فندقية بقدرة إيواء قدرها 1730 سريرا، وضع قطاع السياحة خلال موسم 2016، 19 فندقا للاستغلال بقدرة استيعاب قدرها 1300 سرير، فيما تم غلق فنادق أخرى لأسباب مختلفة، منها مخالفة الأمور التنظيمية المعمول بها وعدم توفير أدنى الخدمات للمصطاف بالشروط الصحية اللازمة، هذا المشكل لم يؤثر على ولاية جيجل كوجهة سياحية يختارها المصطاف، حسبما صرح به مدير السياحة لولاية جيجل، السيد نور الدين منصور، خلال تقديمه تقييما أوليا لموسم الاصطياف لسنة 2016 ل«المساء"، حيث يرى بأن جيجل لا تملك فنادق بالقدر المطلوب، لكن ليس لديها مشكل إيواء، فالطلب على ولاية جيجل هو طلب سياحة عائلية، تفضل من خلاله العائلات الجزائرية كراء المساكن لتكون أكثر راحة واستقلالية وتمارس حياتها العادية خلال الصيف، كما أن المواطن الجيجلي تأقلم مع ظاهرة الإقامة لدى القاطن وأصبح معظمهم يقومون بكراء منازلهم لتلبية حاجيات المصطاف من جهة وتحقيق مداخيل تعيلهم على تكاليف الحياة من جهة أخرى، فقام معظمهم باستثمار أموالهم من خلال بناء شقق تتناسب وموسم الاصطياف. أما بالنسبة لتقييم مستوى الخدمات بجيجل، فيأكد مدير السياحة بأن مادام هناك إقبال بزيادة قاربت المليوني مصطاف عن السنة الماضية و لم يسجل عزوفا، فإن الخدمات المقدمة في المستوى المطلوب ومقارنة بما يجب أن يكون في الفعل السياحي، فإن مصالحه غير بعيدة عن تحقيق ذلك وتسعى إليه من خلال مشاريع سياحية سينطلق في إنجازها في القريب العاجل بمنطقة التوسع السياحي بالعوانة وزيامة منصورية، أما إذا قارنا بالسنوات الماضية فهناك تطور من خلال تظافر جهود مصالح السياحة والثقافة بتسطير برنامج نشاطات وسهرات الصيف، مديرية التجارة، النقل ومصالح الأمن لتحسين خدمات لها علاقة مباشرة بالمصطاف. تطبيق مجانية الشواطئ وراء تنظيم موسم الاصطياف عرف موسم الاصطياف لهذه السنة منذ بدايته، صدور تعليمة عن وزارة الداخلية، تقضي بمجانية الشواطئ وعدم كراء لوازم البحر بطرق غير شرعية والاستغلال العقلاني لمحطات توقف السيارات، عملت السلطات المدنية والأمنية على السهر على تطبيق هذه التعليمة بحذافيرها بالشواطئ، وحسب نفس المصدر، فإن هذه التعليمة تم تطبيقها في ولاية جيجل بنسبة 80 بالمائة، من خلال قيام مصالح الأمن والدرك الوطني بجملة من المحجوزات، كان آخرها حجز 84 مضلة و27 خيمة و71 طاولة و157 كرسيا بلاستيكيا، كان يتم عرضها على مستوى شواطئ أفتيس، الخليج الصغير، ماريغا، صخر البلح والتربة الحمراء، بطرق غير شرعية من طرف مواطنين مخالفين للقرار الولائي المتضمن منع عرض المضلات الشمسية والخيم على مستوى شواطئ الولاية، ولم يتم تسجيل أية حالات اعتراض عن وضع المصطافين لمضلاتهم الشمسية الخاصة بهم على شاطئ البحر. حملات تحسيسية ومراقبة لضمان موسم بدون تسممات عملت مديرية التجارة لولاية جيجل خلال موسم الاصطياف الجاري، على تسطير برنامج خاص يهدف بالدرجة الأولى إلى تقديم خدمات صحية للمصطاف كمستهلك لمختلف المواد الغدائية، وحسب مصادر "المساء"، فقد قامت بتنظيم حملة تحسيسية للوقاية من التسممات الغدائية في الفترة الممتدة بين 08 و19 ماي الماضي، وحملة وطنية للتحسيس والوقاية من التبذير الغذائي من الفاتح جوان إلى 10 جويلية، حيث لم تسجل نفس المصالح أية حالة تسمم في إطار نشاطها، باستثناء تسمم عائلة واحدة متكونة من 09 أفراد من ولاية باتنة يوم 13 أوت الماضي، بعد تناول وجبة عشاء بأحد المطاعم ببلدية سيدي عبد العزيز، لكن وبعد التحقيق تبين أن السبب هو تناول العائلة لوجبة طعام في عرس ببلدية مروانة في باتنة، تسمم خلالها قرابة 90 شخصا، ولضمان خدمات غدائية صحية، سخرت مصالح التجارة قرابة 50 فرقة مكونة من 150 عونا لمراقبة الجودة وقمع الغش، استطاعت أن تسجل خلال مراقبتها لجودة خدمات المطاعم خلال شهري جويلية و15 يوما من شهر أوت؛ 695 تدخل، سجل على إثرها 87 مخالفة، و126 تدخلا لمراقبة المقاهي، سجلت خلالها 12 مخالفة، أما بالنسبة لمحلات الحلويات والمرطبات فقد سجلت 563 تدخلا و73 مخالفة وتحرير 73 محضرا، أما في مجال الممارسات التجارية فقد سجلت فرق مديرية التجارة خلال نفس الفترة؛ 595 تدخلا و150 مخالفة قامت على إثرها بغلق 21 محلا تجاريا، ضمانا لحماية المستهلك. إمكانيات بشرية و مادية لحراسة شواطئ الولاية كشفت الملازم الأول" بومالة أحلام" مكلفة بالإعلام بمديرية الحماية المدنية، بأن موسم الاصطياف الجاري عرف تسجيل حالة غرق واحدة في الشواطئ المسموحة وداخل أوقات عمل الجهاز، و12 حالة غرق بالشواطئ الممنوعة والمسموحة للسباحة خارج أوقات عمل الجهاز، وهو ما يثبت مدى نجاعة وفعالية هذا الجهاز في حراسة وحماية حياة المصطاف عبر الشاطئ، والذي تم تنصيبه من الفاتح جوان وإلى غاية الفاتح سبتمبر، جند خلاله 400 عون للسهر على راحة المصطاف، يتوزعون عبر 24 شاطئا مسموحة السباحة فيها، إلى جانب توفير وسائل مادية كبيرة، على غرار سيارات إسعاف واقتناء 20 برج مراقبة ليصبح بذلك عددها 45 برج مراقبة عبر الشواطئ. اختناق حركة المرور من بين النقائص بولاية جيجل لا زالت ولاية جيجل تشهد اختناق حركة المرور في كل موسم اصطياف، مع تزايد الإقبال على الولاية عبر نقاط سوداء، من بينها المدخلين الشرقي والغربي للولاية منطقة برج بليدة، غار الباز وبعض منعرجات على مستوى الطريق الوطني 43، حيث يرى مدير السياحة بأن حركة المرور من المشاكل التي تسعى الجهات المعنية إلى إيجاد حلول لها خلال تقييم موسم الاصطياف في كل سنة. وكذا البحث عن مدعمات لتقويم السياحة بالولاية وجعلها عصب الاقتصاد المحلي، فقد استطاعت العديد من بلديات الولاية خلال موسم الاصطياف 2016، من تحقيق مداخيل إضافية تغطى بها تكاليف التحضير لموسم الاصطياف، قارب في بعض البلديات الساحلية ملياري سنتيم، وهو ما يفتح الشهية أمام الجهات المعنية لتجسيد مشاريع سياحية تسعى إلى تقديم خدمات في المستوى المطلوب، بل خدمات راقية، لاسيما في ظل ما ينتظر جيجل من استثمارات سياحية، وفك العزلة عن السياحة الجبلية، لتعمل جنبا إلى جنب مع سياحة البحر في ظل استتباب الأمن في المناطق الجبلية بالمنطقة.