يفتتح البرلمان بغرفتيه اليوم، آخر دورة له في العهدة التشريعية الحالية في ظل ظروف مميّزة أبرزها مصادفته للدخول الاجتماعي، كما ينتظر أن يفصل في العديد من مشاريع القوانين المنبثقة عن الدستور، واستكمال سلسلة القوانين التي تمت المصادقة عليها منها قانون المالية الذي ينتظر أن يشهد نقاشا حادا بين النواب، في الوقت الذي بعث فيه الوزير الأول عبد المالك سلال، من ولاية سعيدة بحر الأسبوع الماضي، تطمينات للجبهة الاجتماعية بعدم تخلي الدولة عن دعم الفئات الهشة. على غرار مشاريع القوانين الموجودة على مستوى البرلمان في الوقت الحالي، ينتظر تسجيل مشاريع قوانين أخرى على مدار الدورة من بينها النظام الداخلي لعمل الغرفتين والذي ينتظر أن يتضمن إجراءات جديدة لمواجهة ظاهرة تغيّب النواب عن الجلسات على وجه الخصوص، لا سيما أن رئيس المجلس الشعبي الوطني، توعد في ختام الدورة الربيعية الماضية بعقوبات صارمة في هذا الشأن. فظاهرة الغيابات المتكررة لنواب المجلس الشعبي الوطني أدت إلى تأجيل جلسة التصويت على عدد من القوانين نتيجة عدم اكتمال النصاب القانوني، وهو ما دفع رئيس المجلس العربي ولد خليفة، للتاكيد على أن هذه الظاهرة التي تعاب على البرلمان ستجد الحل قريبا في إطار النظام الداخلي للمجلس الذي ستتم مراجعته خلال الدخول المقبل أي الدورة الأخيرة، حتى يتماشى مع الأحكام الجديدة للدستور التي تنص على ضرورة المشاركة الفعلية، إذ لمح في هذا الصدد إلى تقليص تعويضات النواب المتغيّبين عن حضور الجلسات وذلك بمقتضى الضوابط التي سيتضمنها القانون الداخلي الجديد. كما ينتظر أن يحدد النظام الداخلي مواد جديدة تتعلق بالعقوبات التي تتخذ ضد النواب الذين يغيّرون أحزابهم التي انتخبوا عنها وفقا لما تضمنه الدستور الجديد، فضلا عن تعديل قانون التقاعد الذي مازال يثير الكثير من الجدل في سياق الحديث عن ضرورة الحفاظ على مداخيل الصندوق الوطني للتقاعد من النصوص التي ينتظر أن تستأثر بنقاش واسع من قبل النواب، مشروع قانون قائمة المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية التي تشترط لتوليها التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها، وينقسم المشروع إلى قسمين، الأول يتعلق بالمسؤوليات والوظائف المدنية وتخص أحكامه رئيسي غرفتي البرلمان ورئيس المجلس الدستوري والوزير الأول وأعضاء الحكومة ورئيسي المحكمة العليا ومجلس الدولة ومحافظ بنك الجزائر ومسؤولي أجهزة الأمن، ورئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، أما الثاني فيخص الخدمة في الجيش الوطني الشعبي، ويشمل المسؤوليات والوظائف الرئيسية فيه، في وقت يمكن توسيع هذه الأخيرة لتمس أي مسؤولية عسكرية يتم إقرارها بموجب مرسوم رئاسي. بالإضافة إلى ذلك سيكون مشروع قانون الأحزاب الجديد بمثابة تحد في دورة العمل البرلماني الحالي، إذ نتذكر كيف أن قانون الانتخابات لم يحظ بقبول المعارضة بتياراتها الإسلامية واليسارية والديمقراطية، والتي وصفته بأنه قانون "تصفية" الساحة السياسية من تشكيلات المعارضة. على المستوى السياسي ستكون هذه الدورة ساخنة بالنسبة للأحزاب التي ستشارك في تشريعيات ماي 2017، في ظل إبداء العديد من النواب رغبة الترشح لعهدة تشريعية أخرى بعد استكمال عهدتهم. ولذلك ينتظر أن يعملوا خلال هذه الدورة على استثمارها من أجل تحقيق مأربهم الحزبية. غير أنه لابد من الإقرار بأن المسؤولية الملقاة على عاتق النواب ثقيلة لأنهم سيجدون أنفسهم متفرغين للعمل من أجل التموقع في القوائم الانتخابية بما يضمن لهم العودة إلى العمل البرلماني لخمس سنوات أخرى، وهو ما سيكون على حساب التكفّل بانشغالات المواطنين الذين منحوا لهم ثقتهم لتمثيلهم ومن ثم تقييم إنجازاتهم. للإشارة وصفت حصيلة الدورة الربيعية الأخيرة للبرلمان بالايجابية، حيث تمت المصادقة على جملة من القوانين خاصة تلك التي جاءت للتكيّف مع أحكام التعديل الدستوري.