أعلن وزير التجارة بختي بلعايب، أمس، عن قرار ستتخذه الحكومة في إطار قانون المالية لسنة 2017، لرفع الحظر عن استيراد السيارات المستعملة، موضحا بأن هذا الإجراء سيتم ضبطه بشروط صارمة تحدد المواصفات التقنية ومعايير السلامة الواجب توفرها في السيارات المستقدمة من الخارج. فيما دافع الوزير عن انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة، معتبرا تكاليف عدم الانضمام أكبر بكثير مما يكلّف انضمام الجزائر لهذه المنظمة الدولية. بلعايب الذي نزل ضيفا على منتدى جريدة "المجاهد" اعتبر الجدل القائم بين الأطراف الوطنية حول خيار انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة، مرتبط بالأساس باختلافات إيديولوجية وسياسية، مشيرا إلى أنه شخصيا مع تسريع عملية الانضمام إلى هذه المنظمة التي تضم 164 دولة، 90 بالمائة منها تعتبر من الدول الشريكة التي تتعامل معها الجزائر. كما أكد أن ما تخسره الجزائر من البقاء خارج هذا الفضاء العالمي للتجارة، أكبر مما تخسره وهي داخله. وإذ ذكر بأنه كان أول من قاد الجولات الأولى في إطار مسار المفاوضات التي لازالت تخوضه الجزائر للدخول في هذا الفضاء، أوضح السيد بلعايب، أن الجزائر ستستفيد كثيرا من قواعد الشفافية في التعامل التجاري مع الشركاء، لافتا إلى أن التعامل خارج هذا الإطار المنظم يعرض الجزائر إلى فوضى عارمة في التعاملات الاقتصادية وكذا إلى التلاعب بمصالحها الاقتصادية لحساب المصالح الخاصة. كما حرص الوزير على التأكيد على أن انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة لا يمنعها من حماية مصالحها الوطنية العليا بذكاء "كما تفعل الكثير من الدول"، مشترطا في نجاح ذلك توفر توافق وحس وطني لدى مختلف فعاليات المجتمع بما فيها وسائل الإعلام.. في سياق متصل أشار بلعايب، إلى أن الجزائر أجابت في الفترة الأخيرة على 193 سؤالا تم طرحه في إطار مسار الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، ومن بين الأسئلة المطروحة ما يتعلق بمسألة رفع الحظر عن استيراد السيارات المستعملة، وكذا منع استيراد بعض الأدوية، وخلص إلى أن الإبقاء على قرار منع استيراد السيارات المستعملة لا يخدم الجزائر لا مع شركائها المتعاملين معها ولا مع مساعيها في تنظيم السوق وتطوير الاقتصاد الوطني، مؤكدا بأن قرار رفع الحظر سيتم ضبطه بشروط مشدّدة تخص بالأساس مواصفات السلامة والأمن المروري والمعايير التقنية التي ينبغي توفرها في المركبات، مع تأطير السوق بقواعد الشفافية. وعاد الوزير في هذا الإطار للحديث عن الأهداف والدوافع التي حملت الحكومة على تنظيم نشاط وكلاء السيارات بفرض رخص الاستيراد، والتي من أهمها تنظيم هذه السوق وإنهاء الفوضى والممارسات غير الشرعية التي كانت تطغى عليه، بما فيها التلاعب في الفواتير وتضخيمها، وما يترتب عنه من خسائر يتكبدها الاقتصاد الوطني. واعتبر في سياق متصل، من الطبيعي أن يبدي بعض المتعاملين استياءهم من تحديد حصص السيارات المرخص باستيرادها، لافتا إلى أن من ضمن المعايير المعتمدة لمنح الرخص، معيار الالتزام بالاستثمار في مجال صناعة قطع الغيار ولوازم السيارات وفق ما هو محدد في القانون. وفي حين نفى بلعايب، ما أثير حول ضبط وزارته لقائمة ب2000 منتوج ممنوع من الاستيراد، أوضح بأن مسعى الحكومة في هذا الاتجاه يصب في حصر المنتوجات التي تستدعي ضبط استيرادها برخص، وفرض العمل وفق قواعد تنظيمية وقانونية واضحة، منها معرفة مصدر المنتوجات المستوردة، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات التنظيمية التي تم إدخالها في مجال التعامل الاقتصادي في الجزائر سمحت بتخفيض فاتورة الاستيراد ب6 ملايير دولار في 2015 مقارنة بسنة 2014، منها 3,5 مليار دولار تراجعت في 3 منتوجات تم فيها اعتماد الرخص. وكشف وزير التجارة بأن مشروع قانون المالية 2017 يتضمن مراجعة لنظام الضرائب، حيث يعيد فرض ضرائب تم التخلي عنها سابقا، وخاصة على نشاط الاستيراد، فيما انتقد التعامل بنظام القرض المستندي "لما لهذا النظام الذي يخدم المتعاملين الاقتصاديين أكثر مما يخدم الجزائر من أضرار على الاقتصاد الوطني"، مشيرا إلى أن هذا النظام تم اعتماده بقانون لذلك تستدعي تنحيته وضع قانون آخر، غير مستبعد إمكانية إدراجه في مشروع قانون المالية القادم. تذليل الصعاب التي تعترض التصدير ورفع المصدرين إلى 1700في 6 أشهر من جانب آخر أكد السيد بختي بلعايب، أن نشاط التصدير لا يعتبر عملا اقتصاديا فحسب، بل هو أيضا عمل وطني يستدعي تشجيعه بكل الوسائل والإجراءات، مستغربا طبيعة العراقيل التي يتعرض لها المصدرون، والمرتبطة بشكل كبير حسبه بالذهنيات المتصلبة، والعراقيل الإدارية فضلا عن نقص التجهيزات المواتية عبر المطارات والموانئ، وضرب مثالا في ذلك بمصدر من قسنطينة طلب منه نقل بضاعته إلى ميناء الجزائر بسبب عدم وفرة التجهيزات، وعند وصوله للجزائر طلب منه توطين أمواله في بنك بقسنطينة، مما استدعى تدخل جهات نافذة حسب الوزير لتسهيل المهمة عليه. وأشار ممثل الحكومة إلى أن التدابير التي تتخذها الحكومة لتشجيع التصدير ساهمت في رفع عدد المصدرين الجزائريين من 1100 إلى 1700 مصدر في ظرف 6 أشهر، ما يبين حسبه بأن المتعاملين الجزائريين بدأوا يقتنعون بقدراتهم في التصدير، مبرزا الإقبال الكبير للمتعاملين الأفارقة على السوق الجزائرية في الفترة الأخيرة بفضل تحرك المتعاملين الوطنيين. وإذ لفت إلى الإقبال الكبير على المنتوجات الكهرومنزلية التي تصنع في الجزائر، كشف عن عقد مهم سيتم إبرامه في الأسابيع القادمة لتصدير كميات معتبرة من هذه المنتجات من قبل متعامل جزائري خاص، ليخلص إلى أنه لحد الآن يعد نشاط الاستيراد أكثر ربحية من نشاط التصدير "ولذلك علينا أن نعمل على قلب هذه المعادلة". الجزائر ينبغي عليها التفكير في المنطقة الإفريقية وتحدث السيد بلعايب، عن بعض الإجراءات التي يرتقب أن تتخذها وزارته لضبط تركيبات المواد الغذائية المصنّعة على غرار ضبط كمية مادة السكر والمواد الدسمة، كما أشار من جانب آخر إلى أن العراقيل التي تعترض الجزائر في إطار المنظمة العربية للتبادل الحر، ترتبط أساسا بإجراءاتها لحماية الاقتصاد الوطني والتي تطلب بعض الدول العربية التنازل عنها، معتبرا أهم منطقة اقتصادية وتجارية ينبغي على الجزائر التفكير فيها حاليا، هي المنطقة الإفريقية التي تتيح العديد من الفرص، على حد تعبيره. وتأسف بلعايب في الأخير للانتقادات التي تم توجيهها للإجراء المتعلق بفرض المداومة على التجار في عيد الأضحى المبارك، وإذ أقر بضعف عدد التجار الذين حملتهم القائمة والذي لم يتجاوز 32 ألف تاجر من أصل أزيد من 1,8 مليون تاجر، مشيرا إلى أن المخالفين وعددهم "قليل جدا" سيتم معاقبتهم، اعتبر بأن "الصحافة الوطنية بما فيها الصحافة العمومية، قامت بتهويل الأمر". أما بخصوص ارتفاع أسعار بعض المواد الاستهلاكية فعاد السيد بلعايب، للتذكير بأن السبب هو التعامل خارج الفضاءات التجارية الرسمية، متوقعا تنظيما أكبر للأسعار مع استلام مشاريع أسواق الجملة ال10 الجاري إنجازها ومنها سوقان بعين الدفلى وسطيف سيتم استلامهما مع نهاية العام الجاري.