تنصيب لجنة وزارية مشتركة للدراسة و المتابعة سيكون لقرار فرض رخص الاستيراد تأثير كبير على التجارة الخارجية ببلادنا حيث سيساهم في تنظيم قطاع الواردات الذي لم تضبطه قيود طيلة السنوات الماضية عملا بمبدأ حرية التجارة فكان متاحا للمتعاملين الاقتصاديين توريد ما رغبوا من سلع و من شتى أنحاء العالم ،فكان من تبعات هذا الوضع إغراق الأسواق المحلية ببضاعة ذات نوعية رديئة أو ضّارة في غالب الأحيان فكانت أسواقنا مفتوحة على كل أنواع السّلع الاستهلاكية و بكميات كبيرة تتجاوز الاحتياجات ،و كانت النتيجة تضاعف فاتورة الاستيراد التي أثقلت كاهل الخزينة العمومية . و أمام هذا الوضع الذي ألحق أضرارا وخيمة بالاقتصاد الوطني و الصّناعة المحلية بشكل خاص دعت عدّة جهات إلى وضع حدّ لهذا النزيف بخفض قيمة الفاتورة و وضع ضوابط و ميكانزمات للواردات فتحددها كمّا و نوعا و بدخول الإجراء حيز التنفيذ سيفسح المجال لانعاش الصّناعة المحلية و إعادة الاعتبار للسّلع الجزائرية التي عانت طويلا من منافسة المنتجات الأجنبية و خاصّة الصينة منها، فلسنوات طويلة ظل المستهلك الجزائري يلهث وراء كل ما هو مستورد ظانّا منه أنه يتميّز بالجودة العالية عازفا عن استهلاك المنتوج المحلي الذي لا يرقى حسبه إلى نفس الجودة و في ظل الظروف الاقتصادية المتأزّمة على الصّعيد العالمي بسبب انهيار أسعار برميل النفط اضطرت العديد من البلدان إعادة جدولة ميزانياتها لكي لا يتضرر اقتصادها كثيرا و بالنسبة للجزائر فقد أخدت الاحتياطات الاّزمة لترشيد ميزانيتها و نفقاتها فكان لزاما إعادة النظر في عدّة قطاعات و منها التجارة الخارجية و هذا عن طريق تقليص فاتورة الواردات وفق ما يتلاءم و مداخيل الخزينة العمومية . المرسوم التنفيذي رقم 15-306 ينظم رخص الاستيراد و التصدير و يعتبر المرسوم التنفيذي رقم 15-306 المؤرخ في 6 ديسمبر 2015 و الصادر في الجريدة الرسمية المحدد لشروط و كيفيات تطبيق نظام رخص الاستيراد أو التصدير من بين القرارات الحاسمة و الجريئة التي اتخذتها الحكومة الجزائرية لوضع حدّ للنزيف الحاد الذي أصاب الخزينة العمومية لسنوات طويلة بسبب الاستيراد المكثف لكل أنواع السلع الاستهلاكية رغم أن الكثير منها يصنع مثله ببلادنا و تحدد المواد رقم 1 و 2 و 3 و 4 من المرسوم التنفيذي نوع الرخص التي ستمنح للمتعاملين الاقتصاديين الناشطين بقطاعي التصدير و الاستيراد و اللذان تم الفصل بينهما بموجب ذات المرسوم و بالجزائر يفوق عدد المستوردين عدد المصدّرين بمئات أو آلاف الأضعاف لذلك سيكون لقرار فرض نظام الرّخص فوائد كبيرة في تنظيم الواردات و نشاط الموردين ،حيث توضّح المادّة رقم 3 من نفس المرسوم بأن الحصول على رخصة لممارسة النشاط لا يتم إلاّ بموافقة وزارة التجارة و هذا بعدما يتقدم المتعامل بطلب مسبق على مستوى المصالح الإدارية التابعة لمنطقة النشاط و بعد دراسة الطلب و التأكد من أهلية صاحبه يمنح المتعامل وثيقة ترخص له ممارسة نشاط الاستيراد في حدود و شروط معينة إذ تسلم الرخصة على أساس طلب مرفوق بوثائق تحدد مدى مطابقة نشاط المتعامل الاقتصادي للمعايير المنصوص عليها في قانون الاستيراد ،و يمكن له بموجب هذه الرخصة استيراد السّلع و المنتجات وفق نظام حصص محدّدة الاجراء ساري المفعول بداية من 10 جانفي الجاري و لمتابعة سير العملية و مراقبتها تم بموجب المادة رقم 6 من نفس المرسوم التنفيذي قبل أيام تنصيب لجنة وزارية مشتركة دائمة مكلفة بدراسة طلبات رخص الاستيراد و التصدير و تتكون هذه اللّجنة من ممثلين تقنيين عن كل الوزارات المعنية بالعملية و منها التجارة و المالية و الصناعة و السّكن و غيرها ،و دورها دراسة الطلبات و منح الرخص على أساس دراسات ميدانية تحدد عدد الرخص الممنوحة و حصص السلع و المواد المستوردة وفق احتياجات كل قطاع و الامكانيات المتاحة بالخزينة العمومية ،فمثلا في استيراد السيارات سيكون دور مصالح المناجم هو تحديد الحصة المراد استيرادها حسب احتياجات السوق من جهة و طاقة استيعاب حظيرة السيارات في حدود الإمكانيات المالية الممكنة ،فلا يخفى على أي مواطن جزائري بأن مداخيل الخزينة العمومية تراجعت بأكثر من النصف منذ بداية أزمة أسعار النفط إلى اليوم و لا تزال الأسعار متذبذبة و تسير في منحى تنازلي و عليه فإن الغاية من دخول نظام رخص الاستيراد حيز التطبيق فذلك من أجل ترشيد النفقات ،فلا يمكننا في الظروف الاقتصادية الراهنة الاحتفاظ بوثيرة الاستيراد التي كانت تكلف حوالي 60 مليار دولار سنويا لدا كما أن النظام الجديد سيطبق فقط على المنتجات الاستهلاكية الغذائية و غير الغذائية التي كانت تحصد لوحدها ثلث 1/3 الفاتورة أي حوالي 20 مليار دولار و تقول مصادر مسؤولة من مديرية التجارة لولاية وهران بأن الهدف الرئيسي من تطبيق هذا النظام الجديد هو تنظيم نشاط الموردين و التحكم أكثر في القطاع عن طريق تحديد السلع المستوردة الخاضعة لنظام الحصص و المتعاملين الذين ستمنح لهم رخص لممارسة النشاط و حسب وزارة التجارة فإن البدء في تطبيق نظام الاستيراد بالرخص سيكون في 10 جانفي الجاري و ستنشر عبر وسائل الإعلام المكتوبة قوائم المواد و السلع المعنية بالعملية و الحصص المراد توريدها خلال فترة زمنية محددة ،و هذا يعني بداية عهد جديد في مجال الاستيراد الذي سيخضع لشروط و ضوابط جديدة و تحكم أكبر في الأسواق بشكل يسمح بتثمين المنتوج الجزائري و إعادة الاعتبار للصناعة المحلية و تقليص فاتورة الواردات مديريات التجارة مطالبة بمراقبة نشاط الموردين و سيكون لمديريات التجارة الولائية و الجهوية الدور الأكبر في التحكم في نشاط الاستيراد و فرض رقابة صارمة على سوق المنتجات المستوردة و نشاط الموردين و الأهم من ذلك تطهير القطاع عن طريق إزاحة المتعاملين الذين لا تتوفر فيهم الشروط القانونية أو الذين لا يحترمون قواعد التجارة الخارجية و المتهربين من الضرائب و الناشطين بدون سجلات تجارية و الموردين غير المنضبطين و المتلاعبين بالقوانين و يذكر بأن وزير التجارة بختي بلعايب قد اجتمع أمس بممثلي المديريات الولائية و الجهوية للتجارة و مسؤولي التجارة الخارجية لشرح و توضيح كيفيات تطبيق قانون رخص الاستيراد و استقبال طلبات المتعاملين المهتمين بالعملية و دراسة طلباتهم المرفوقة بملف إداري و تقني ،فدور المديريات هو استقبال هذه الملفات و جمع كل المعلومات المتعلقة بأصحاب الطلبات بإجراء تحقيقات ميدانية حول نشاطهم أما عمليات دراسة الملفات التي تسبق منح رخص الاستيراد فتتم على مستوى وزارة التجارة باعتبارها الجهة الوحيدة التي لها صلاحية منح هذه الرخص للمتعاملين و تكون قابلة للتجديد كل 6 شهور أو سنة حسب المدة التي تحددها ،و من يتلاعب بهذه الوثيقة أو يحاول بيعها لمتعاملين آخرين فيشطب نهائيا و بعد تحديد الموردين المرخصين تنشر قوائم أسمائهم على صفحات الجرائد و بالإدارات و المصالح المعنية .