تعيش مجموعة كبيرة من الشباب الجزائري حالة هوس امتلاك هواتف نقالة ذكية، فثورة التكنولوجيا جعلت من هؤلاء ضحية تدفعهم إلى المسارعة في اقتناء أحدث الهواتف النقالة بآخر التقنيات، حتى وإن كانت أسعارها تفوق كامل راتبهم الشهري! يضع العديد من المواطنين أنفسهم في ضيق حقيقي، بسبب رغبتهم في اقتناء هواتف نقالة يصل سعر أغلاها إلى 150000 دينار جزائري، وهو خمس مرات ضعف الراتب الشهري للموظف العادي البسيط، هذا ما يدفع بهؤلاء إلى ادخار ما يفوق نصف ماهيتهم للتمكن من اقتناء ذلك الجهاز بعد ستة أو سبعة أشهر. حول هذا الموضوع، انتقلت "المساء" إلى بعض المحلات المختصة في بيع الهواتف الذكية، كانت وجهتنا الأساسية شارع "بلفور" ببلدية الحراش المشهور بتمركز محلات بيع الهواتف الذكية، حيث تعد سوق البيع بالجملة لمختلف الأجهزة الإلكترونية الذكية. عند وصولنا إلى الشارع، صادفتنا الحركة الكبيرة للمواطنين المتنقلين بين المحلات، عدد من الباعة العارضين لبضاعتهم "المستعملة" على قارعة الطريق وأخرى على الأرصفة، في حين تيختبئ بعضهم ليبدو شخصا عاديا، إلا أنه في حقيقة الأمر بائع يترصد كل مواطن يرغب في بيع هاتفه أو لوحته الذكية، حركة مرورية مختنقة، سيارات تبحث على مساحة صغيرة لركنها والذهاب في رحلة البحث عن الهاتف النقال الذي يتوافق والمعايير التي يطلبها كل واحد. انتقلنا بين العديد من المحلات بالشارع لاستطلاع آراء التجار حول مدى هوس الشاب الجزائري باقتناء الهاتف الذكي الأحدث، حيث أجمع الأغلبية على أن تلك الحمى تمس بشكل عام الشباب من الذكور والإناث، بخلاف الكهول وكبار السن الذين لا يعيرون أي اهتمام للهواتف الذكية، بل بالعكس يبحثون عن الهواتف النقالة البسيطة، حيث يكتفون باستعمالها لإجراء اتصالات هاتفية أو معرفة الساعة فقط. تحدثنا إلى أسامة، بائع هواتف، أكد لنا أنه تم تصنيف الجزائر في المرتبة الثانية مغاربيا من حيث إقبال مواطنيها الكبير على الهواتف الذكية، الأمر الذي يترجم حسبه مدى هوس الشباب بآخر التكنولوجيات الهواتف النقالة الذكية. من جهة أخرى، أشار نبيل، بائع آخر بمحل "آبل نبيل" مختص في بيع علامة "آبل" للهواتف الذكية، إلى أن عالم الهواتف الذكية بات يخطف اهتمام الشباب بشكل كبير، مضيفا أن البعض يولي اهتماما يصل به إلى متابعة مستجدات هذا العالم بشكل دقيق، لاسيما أن تلك الشركات العالمية هي الأخرى نجحت في استمالة فضول الشباب عبر العالم، بتوفير تقنيات حديثة لهم سواء من حيث نوعية آلة التصوير أو التطبيقات المتوفرة فيها، دون تهميش الجانب الجمالي لتلك الأجهزة. وعلى صعيد آخر، قال عمار صاحب محل: "إن سوق الهواتف الذكية أصبح عالما قائما بحد ذاته، له عشاق ومتتبعون، لكن بدرجات متفاوتة، وتبقى الجزائر من بين تلك الدول التي يعشق شبابها اقتناء آخر هاتف ذكي متوفر في السوق، يتواجد في الجزائر مباشرة بعدما تطلقه الشركة المصنعة في الأسواق، وتتم تلك العملية في المرحلة الأولى باقتنائه تحت الطلب، حيث يقوم بعض التجار المختصين في تجارة ما يعرف ب«الكابة" في ضمان توفره في السوق، باقتناء وحدات محدودة وإدخاله السوق الوطنية. كما أضاف نفس المتحدث أن ولع المواطنين بالهواتف النقالة يدفع بهم إلى دفع الكثير مقابل هاتف نقال، قد يصل سعره إلى 650 يورو، والأكثر يتم طلبه من الباعة. وأكد المتحدث أن هؤلاء الزبائن يسعون لاكتسابه قبل البقية، حيث أصبح ذلك نوع من الموضة في الحصول على أحدث الهواتف، مضيفا أن كل شخص له دافع سواء للتباهي بالنسبة للبعض أو كنوع من البرستيج، في حين يراه آخرون وسيلة فعالة لمواكبة آخر التقنيات الحديثة للتكنولوجيا. وأجمع العديد من الشباب الذين اقتربنا منهم لإثراء استطلاعنا على أنهم يرغبون دائما في اقتناء هاتف ذكي، يخضع لمجموعة من المعايير، والأكثر طلبا وأهمية بالنسبة إليهم هو الجانب الجمالي، تليه نوعية آلة التصوير.