أعاب وزير الثقافة، عز الدين ميهوبي، أمس، على مديري الثقافة الاكتفاء بالعمل الإداري دون تنشيط الفعل الثقافي، وقال أمس خلال لقاء جمعه بإطارات القطاع «ما جدوى مدير ثقافة لا ينجح في تنظيم فعالية ثقافية»، مشددا على ضرورة طرق جميع الأبواب للحصول على الدعم المالي وبذل جهد حقيقي لإيجاد الحلول المالية على الصعيد المحلي، وأشار إلى أنّه لا توجد استجابة كبيرة على الصعيد المحلي للفعل الثقافي. ميهوبي وهو يتحدث عن الاستثمار الثقافي، لم يتوان في توجيه عدد من الانتقادات لمديري الثقافة، من بينها الابتعاد عن العمل الميداني وتنشيط الساحة الثقافية المحلية، وعدم متابعة المشاريع الثقافية ناهيك عن عرقلة المشاريع التنموية- في ولايات الجنوب خاصة حيث الحظائر الوطنية- وفي هذا السياق، تحدّث الوزير عن ورود عدد من الشكاوى من الولاة حول عرقلة عدد من المشاريع، وقال «لا نريد أن نكون سببا في توقّف المشاريع التنموية، ونريد أن نستخلص الدروس من التجارب الناجحة حيث تتعايش الآثار مع الاقتصاد، نريد المرونة في تمكين القطاعات الأخرى من إنجاز مشاريعها تماشيا مع الموجود مع المرافقة التقنية بالاستعانة بالخبراء والمختصين». المسؤول الأوّل عن قطاع الثقافة، دعا المديرين المحليين المجتمعين بقصر الثقافة «مفدي زكريا» للتحلي بالجرأة في التعامل مع الموجود والشجاعة اللازمة خدمة للمشاريع الثقافية، موجها عددا من التوصيات من بينها تغيير النظرة السائدة عن الثقافة، من خلال خلق الديناميكية التي تجعل الثقافة مهيمنة على الحياة اليومية للجزائريين، وقال «الحياة الثقافية ليست عبئا إداريا بل ديناميكية ببدائل وأفكار جديدة»، مشدّدا على أنّ الظرف الاقتصادي الحالي يفرض الحفاظ على ما هو متاح في القطاع وتحسين استغلاله وفق ما يقتضيه القانون. من بين ما دعا إليه ميهوبي، التنسيق بين المؤسسات الثقافية المحلية بعيدا عن الصراعات والحسابات الضيقة، والعمل الجاد للصالح الثقافي مع فتح النقاش ودعم المبادرات المشتركة، إلى جانب التفتح على المحيط الخارجي والمجتمع المدني ودعمه واحتضان المبادرات التي تصب في الفعل الإيجابي وفق برنامج مضبوط وحضور فعلي وجاد. وتحدّث ميهوبي عن مكانة وسائل الإعلام في دعم الفعل الثقافي، داعيا لإسقاط التحفظات تجاه وسائل الإعلام وخلق شبكة علاقات مع مختلف أطياف الساحة الإعلامية لأنّ بهم –حسب الوزير- يكسب الرهان، فالتواصل يضمن نجاح أي فعالية ثقافية، مشيرا إلى أنّ 50 بالمائة من الحضور في الساحة يكمن في الاتصال، ولا يمكن تحقيق أي شيء بالتعامل الإداري. اللقاء الذي تلاه نقاش في جلسة مغلقة على غير العادة كان فرصة للتذكير بالسياق الاقتصادي الذي تمرّ به الجزائر والتحسيس بأهمية المرحلة والحاجة لصرامة أكبر وتدبّر مرتبط بالحفاظ على ديمومة العمل الثقافي وإدارة المال العام بطريقة اقتصادية وبراغماتية بحتة، وفي هذا الشأن أعلن ميهوبي عن إنشاء ثلاثة أفواج عمل تتداول في القضايا المطروحة للتفكير، الفوج الأوّل يعنى بإيجاد بدائل التمويل أو البحث عن مصادر تمويل جديدة، حيث دعا مديري الثقافة لتقديم مقترحات حول أساليب تحصيل موارد مالية جديدة لدعم العمل الثقافي بغض النظر عن الوضع الاقتصادي الراهن لتعويد المجتمع على الانخراط في العمل الثقافي، أما الفوج الثاني فيدرس سبل التنسيق بين مختلف المؤسسات الثقافية وأطياف المجتمع المدني، وأفرد الفوج الثالث لوضع تصور يساهم في الترويج للمواقع الثقافية عبر وسائل الاتصال. وفي نفس السياق، أكّد ميهوبي أنّ مديري الثقافة ملزمون بتقديم الاقتراحات في كلّ فوج من الأفواج الثلاثة للوصول إلى اعتماد وثيقة لرؤية جديدة يبني عليها التصوّرات المستقبلية، وأوضح أنّ هذا اللقاء هو ضمن سلسلة من اللقاءات ستشمل مختلف الإطارات في كلّ المجالات لتثمين ما تمّ تحقيقه ومعالجة الاختلالات وإعادة النظر فيها وهو التقييم الذي يستدعي إيجاد منهجية معيّنة للعمل، مذكرا بأنّ وزارة الثقافة اتّخذت قرار ترشيد النفقات بإعادة هيكلة القطاع على غرار تقليص عدد المهرجانات ومراجعة إدارتها المالية. وعن المهرجانات الثقافية، أوضح ميهوبي أنّه تمّ الحفاظ على أهم المهرجانات المنظمة وحتى تلك المؤجلة للعام المقبل وجدت تمويلا جزئيا لقيمتها ونجاعتها الثقافية ومراميها، وأضاف أنّ هناك من المهرجانات ما يعتبر من ثوابت العمل الثقافي خاصة الدولية منها. اللقاء هذا عرف تقديم السيد بوزغاية مدير الإدارة والوسائل بالوزارة لمداخلة حول ميزانية التسيير، وذكّر بالأرقام على حجم تطوّر ميزانية القطاع، وهو الذي وصفه ب»جدّ معتبر»، وعرض الوضع الحالي للميزانية وآفاق ميزانية 2017، مع التذكير بالتعليمات الموجّهة لترشيد النفقات العمومية والتحكّم فيها، والمغزى منه التعريف بوضعية القطاع المالية والتحسين بضرورة التأقلم وترشيد النفقات. وأشار السيد بوزغاية إلى أنّ ميزانية التسيير عرفت تطوّرا ب800 بالمائة من 2005- 2015، وبعدما قدّرت عام 2005 بأكثر من 2 مليار دج، تضاعفت لتصل عام 2015 إلى 25 مليار دج، وهي الأرقام التي تعكس تطوّر القطاع، وتوقف المتحدّث عند ميزانية 2016 وقال أنّها تراجعت ب8 بالمائة، وانخفضت إلى أكثر من 19 مليار دج، وأضاف أنّه رغم التقليص لم يتم مراجعة الميزانيات الموجهة لمديريات الثقافة وتحملت الإدارة المركزية العبء الأكبر.