يطرح إضراب نقابات التربية والصحة وبعض الإدارات والمؤسسات أمس ومن قبل إضراب سيترام (ميترو العاصمة ) وبعض فروع سوناطراك وغيرها من الذين توقفوا عن العمل حتى دون إشعار مسبق أي دون تقيد بشروط الإضراب... يطرح هذا القرار سؤالا جديا يمكن بلورته على النحو التالي : أولا لماذا تزامنت كل الإضرابات في نفس التوقيت ؟. قد لا يحتاج الأمر إلى علم السماوات والأرض لفهم أن الأمر تم بتنسيق كبير بين كل النقابات التي دخلت الإضراب في مختلف القطاعات في توقيت واحد ومن ثمة فإن « التعنت النقابي « والإصرار على الذهاب إلى الإضراب أمر مفصول فيه مسبقا. وما جرى من كلام عن الحوار والاستعداد للحوار ليس أكثر من « تماطل « وربح للوقت . بل لإعطاء صورة على أن الانسداد لم يكن من طرف النقابات المضربة بل الطرف الآخر على قياس : « لست أنا بل هو «. أولا لماذا تزامنت كل الإضرابات في نفس التوقيت؟. قد لا يحتاج الأمر إلى علم السماوات والأرض لفهم أن الأمر تم بتنسيق كبير بين كل النقابات التي دخلت الإضراب في مختلف القطاعات في توقيت واحد ومن ثمة فإن «التعنت النقابي» والإصرار على الذهاب إلى الإضراب أمر مفصول فيه مسبقا. وما جرى من كلام عن الحوار والاستعداد للحوار ليس أكثر من «تماطل» وربح للوقت. بل لإعطاء صورة على أن الانسداد لم يكن من طرف النقابات المضربة بل الطرف الآخر على قياس: «لست أنا بل هو». ثانيا . إن كلام المضربين عن القوانين والتمسك بما جاء به الدستور وتشريعات العمل ومختلف القوانين كلام لم يعد يعتد به أو يؤخذ مأخذ الجد إذا كانت النقابات نفسها أول من تدوس على تلك القوانين وعلى أبسط تشريعات العمل من خلال عدم التقيد بالإشعار المسبق الذي ينص عليه قانون العمل وجوبا ثم عدم الالتزام بتوفير الحد الأدنى للخدمات كما تعمل كل النقابات المضربة في العالم وليس في بلادنا فقط ؟!. أولياء التلاميذ والمواطنون الذين استجوبتهم «المساء» والفضائيات سيما قناة «النهار» وكذا وسائل إعلام عديدة، أمس، أجمعوا على أن هذه الإضرابات لم تعد مقبولة. وأنها أصبحت أقرب إلى الفوضى والمزايدات منها إلى مطالب مشروعة أو غير مشروعة. أولياء التلاميذ عبروا عن امتعاضهم حتى من برمجة الإضراب في هذا التوقيت بالذات الذي يتزامن مع إجراء الفروض في مختلف أطوار التعليم. إن هذا التوقيت يلحق «الأذى» بالتلاميذ من حيث التركيز والتحضير وتشتيت ذاكرتهم. هذا ليس صدفة ولا يمكن أن يكون صدفة كما يؤكد بعض الذين تحدثوا للمساء ولعديد المؤسسات الإعلامية. واستدلوا على هذا «الاتهام» بأن النقابات اختارت العام الماضي الاستعداد لامتحانات البكالوريا والبيام والسانكيام في التهديد بالإضراب وعلى الخصوص فيما كان متعلقا بأزمة المتعاقدين. إن تفكيرا جديا بدأ يشق طريقه في أوساط المجتمع المدني والفعاليات التربوية وبعض السياسيين الذين لا يعطون أولوية للتموقع الحزبي أو يربطون مواقفهم بإرضاء النقابات ليوم الانتخابات والتشريعيات على الأبواب. مفاد هذا التفكير الجدي الذي بدأ يشق طريقه فعلا في قناعات الكثيرين هو أن يطالبوا الحكومة والبرلمان بإعادة النظر في «أحقية» الإضراب نفسه وهذا من خلال تحديد قطاعات إستراتيجية بذاتها يمنع فيها الإضراب أو على الأقل مراجعة شروطه بإلزامية دقيقة. وذكر هؤلاء في تصريحاتهم للمساء القطاع التربوي والأمني والصحة وعلى الخصوص فيما يرتبط بالأقسام الإستعجالية والجراحة والنقل والبنوك ومصالح البريد... كل هذه المصالح وربما أخرى لم يرد ذكرها يجب أن تراعى فيها «الخصوصية» والعلاقة المتلازمة مع مصالح المواطنين اليومية والمتداخلة . صحيح أن الإضراب حق دستوري مضمون وشرعي. لكن عديد الدول المتقدمة والمتحضرة والأكثر تمسكا بالحرية النقابية تمنع الإضراب في بعض المصالح الإستراتيجية. إذن كما يقول الذين تحدثوا إلى المساء أن ما سنرفعه كمطلب إلى الحكومة وإلى البرلمانيين ليس بدعة أو استحداثا. الجميع يعلم أن اليابانيين يكتفون بوضع شارات سوداء يربطون بها أذرعهم استجابة للإضراب. وأمم أخرى كثيرة تفعل ذلك كما هو شأن الفنلنديين والنرويجيين وغيرهم. بلدان أخرى تمنع الإضراب في زمن الأزمات الاقتصادية والمالية والحروب. وبلدان أخرى تمنع الإضراب أصلا وتدرجه في خانة الجرائم الاقتصادية حتى لا نقول الوطنية. إن الإضراب في حد ذاته «ثقافة» وليس موضة أو استعراض قوة. القوة هي التي تفرض وتنتزع حقوقها في التفاوض . لم يعد مقبولا أن تؤخذ قطاعات بأسرها «رهائن» لتلبية مطالب حلها ومخرجها الوحيد هو الحوار والحوار وحده. إن قوة النقابات ليست في استعراض مدى استجابة أتباعها إلى الإضراب. لقد أصبح الجزائريون ميالين بطبعهم إلى الراحة والخمول ورفض العمل. يكفي أن نذكر بالملف الذي نشرته جريدة «المساء» هذا الصيف حول العطل المرضية لندرك حجم الغيابات والخسائر التي يلحقها المتحايلون أو «المتمارضون» بصندوق الضمان الاجتماعي من تعويضات وتكاليف مالية. إذن دعوة النقابات إلى الإضراب يمكن اعتبارها «ناجحة مسبقا» لأنها في نهاية المطاف تستجيب إلى عقلية واستعداد ورغبة من المهيئين مسبقا أيضا للاستجابة. لذلك يقول مفتش في التعليم الثانوي بالعاصمة في تصريح للمساء: «على النقابات إذا أرادت أن تختبر قوتها أن تدعو إلى العمل. أما الدعوة للإضراب أو التوقف عن العمل فهي دعوة مستجابة مسبقا». بالتأكيد أن كل ما سبق لا يسقط الحق المشروع في مطلب الإضراب. لكن المبالغة في «استعمال» هذا الحق هو الذي يخرجه من الحق والشرعية إلى المزايدة والشعبوية. بن غبريط ل«المساء» ... 21 % نسبة الاستجابة للإضراب بالنسبة للأساتذة و2.7 % للإداريين كشفت وزيرة التربية الوطنية السيدة نورية بن غبريط في تصريح ل«المساء» أمس أن نسبة الاستجابة للإضراب الذي دعت إليه بعض نقابات القطاع بلغت في يومه الأول 21 بالمائة على المستوى الوطني بالنسبة للأساتذة، فيما لم تتجاوز نسبة الإداريين 2.7 بالمائة. وشكلت وزارة التربية أمس لجنة متابعة لحيثيات الإضراب الذي شنته بعض نقابات القطاع في إطار دعوة تكتل 17 نقابة مستقلة لحركة احتجاجية يومي 17 و18 أكتوبر قابلة للتجديد يومي 24 و25 في نفس الشهر مع رفع جملة من المطالب وعلى رأسها مطلب إلغاء قرار الثلاثية القاضي بإلغاء التقاعد المسبق والنسبي واشتراط بلوغ سن 60 سنة للتقاعد بالنسبة للرجل و55 سنة بالنسبة للمرأة إذا رغبت في ذلك. وتباينت الإستجابة لنداء الإضراب في يومه الأول أمس حيث شلت بعض المؤسسات التربوية بالجزائر العاصمة ولم يتم بها متابعة الدراسة على غرار ثانويتي الإدريسي وعيسات إيدير بساحة أول ماي ومتوسطات ميناني1 وأبو القاسم الشابي وسلمان الفارسي بسيدي امحمد، إلى جانب متوسطة يحيى معزيز ومخلوف زناتي ببلوزداد والرايس بسيدي موسى. كما تمت الإستجابة للإضراب على مستوى المؤسسات التربوية ببلدية حسين داي على غرار مؤسسة الكاهنة، في حين أغلقت أبواب ثانوية بلكين وابتدائية 17 جوان وثانوية الثعالبية، فيما تمت متابعة الدراسة بأغلب المؤسسات التربوية بحي لاكونكورد ببئر مراد رايس. أما بباقي ولايات الوطن، فقد تفاوتت النسبة من ولاية إلى أخرى ومن طور إلى آخر، كما تباينت النسب المقدمة من مديريات التربية الولائية من جهة وممثلي النقابات المشاركة في الإضراب من جهة أخرى، علما أن بعض النقابات انسحبت في آخر لحظة من تكتل النقابات المستقلة وأعلنت تعليقها الإضراب إلى ما بعد عطلة الخريف وإعطاء وقت للتفاوض من بينها نقابة الأسلاك المشتركة والعمال المهنيين لقطاع التربية. "المساء" تابعت أمس أطوار الإضراب بشرق العاصمة ... تفاوت في الاستجابة والمديرية ترفض التعامل مع الصحافة استنفرت مديرية التربية لشرق ولاية الجزائر أمس، كل وسائلها وإمكانياتها المادية والبشرية لمتابعة أطوار الإضراب الذي شنه مستخدمو القطاع إلى جانب قطاعات أخرى كالصحة، الإدارة والشؤون الدينية التابعة للوظيف العمومي، استجابة لنداء النقابات الخاصة، حيث كانت نسبة الاستجابة متفاوتة من مؤسسة إلى أخرى. «المساء" أطلعت صباح أمس بأول متوسطة بالكاليتوس التي اصطف فيها التلاميذ كالعادة بساحة المؤسسة ينتظرون إشارة مديرة المؤسسة بدخول الأقسام أومغادرة المكان. وبعد لحظات قرر الأساتذة عدم العمل. أما بمدينة الحراش، فكانت مؤسسات تربوية تعمل بصفة عادية غير آبهة بالإضراب فالمؤطرون فضلوا العمل، خاصة تلك المؤسسات التربوية القريبة من محيط مديرية التربية. وكذلك الحال بالنسبة لمدارس أخرى بالرغاية والرويبة. مفتشو التربية تم أيضا تجنيدهم لمتابعة أطوار الإضراب، إذا كانوا يمدون الأمانة العامة للمديرية بين الحين والآخر بنسب الإضراب، أما بالخلية التي شكلتها المديرية أمس، فكانت المرجع المعلوماتي بالنسبة لمختلف الهيئات الإدارية والأمنية إلا الصحافيين. ورغم أن الأمين العام لمديرية التربية الذي تحدثنا إليه وطلبنا منه معلومات عن الإضراب، وعدنا في الصبيحة، إلا أن مدير التربية رفض في آخر لحظة إعطاءنا المعلومات، ونصحنا بالتوجه إلى الوزارة الوصية. وحسبما تم تبليغنا عن طريق المكلفة بالإعلام التي تزودنا بلغة الأرقام فيما يخص عدد الهياكل التربوية والمؤطرين وغير ذلك من المعلومات التي يفترض أن تكون في متناول المواطن العادي. وظننا أن مدير التربية لشرق ولاية الجزائر السيد ليامين ميخالدي الذي قطع "عملية الاستقبال" المخصص للمواطنين كل اثنين، وتفرغ لمتابعة الحدث، أنه سيولي بعض الاهتمام للصحافيين، كون الحدث متعلق بالإضراب ولايمكن أن يمر دون أن تشارك فيه الصحافة بتغطياتها، لكن هذا لم يحدث لأن مدير التربية لم يرخص له بمدنا المعلومات إلا لعدة مصالح محلية وأمنية وهي: ولاية الجزائر، دائرة الحراش، الدرك الوطني، وطبعا "الخلية المركزية" بالوزارة. للإشارة، فقد اتصلنا بممثلي النقابات لشرق العاصمة وكذا جمعية أولياء التلاميذ لأخذ انطباعاتهم حول الإضراب، إلا أننا لم نتحصل على أية معلومة. فيما دعت أصوات لتغليب الحوار ومراعاة مستقبل المتمدرسين ...استجابة متباينة بالجزائر وسط استجابت المؤسسات التربوية على مستوى العاصمة بأطوارها الثلاثة (الابتدائي والأساسي والثانوي)، لنداء إضراب الأساتذة الذي دعت إليه نقابات القطاع أمس بنسبة متباينة، حيث لم يلتحق التلاميذ والطلبة بمقاعد الدراسة طيلة اليوم ما عدا بعض الابتدائيات التي كسرت الإضراب وزاولت التدريس؛ احتكاما للضمير المهني ومراعاة لمصير ومستقبل التلاميذ. ويتزامن هذا وسط أصوات تنادي إلى التعقّل وفتح المجال للحوار البنّاء وجعل مصلحة الأسرة التربوية فوق كل اعتبار، وإبعادها عن التسييس والصراعات الشخصية الضيّقة. وسجّلت المؤسسات التربوية بالجزائر العاصمة وسط بما فيها الإكماليات والثانويات والابتدائيات، توقّفا نسبيا عن الدراسة؛ استجابة منها للإضراب الذي دعت إليه نقابات قطاع التربية الوطنية، حيث لم يلتحق العديد من المتمدرسين بأقسام التدريس وسط تساؤلات عديدة من قبل التلاميذ وأوليائهم عن الهدف من وراء هذا الإضراب الذي يتزامن مع الظرف الحسّاس الذي يميّز الساحة الوطنية والمشهد السياسي العام للبلاد، داعين الأساتذة والنقابات المضربة إلى عدم التلاعب بمصيرهم ومستقبلهم وإخراج المنظومة التربوية من دائرة التسييس. وفي جولة استطلاعية ل "المساء" للوقوف على مدى الاستجابة لهذا الإضراب ومعرفة رأي الأسرة التربوية في ذلك، وقفنا على حقيقة الاستجابة المتفاوتة للمؤسسات التربوية ببلدية الجزائر الوسطى لهذا النداء، حيث توقّفت أمس متوسطة "باستور" بوسط العاصمة، عن الدراسة ورفض جل الأساتذة المشتغلين بها مزاولة عملهم تضامنا مع النداء الذي أطلقته نقابات القطاع، في إطار الاستجابة لأرضية مطالبهم المرفوعة إلى الوصاية، ومن أبرزها التمسّك بعدم إلغاء نظام التقاعد المسبق الذي أسال الكثير من الحبر منذ اتخاذ الحكومة قرار إلغائه. وأوضحت نائبة مدير المتوسطة السيدة زغماتي، أن أغلب الأساتذة استجابوا للإضراب ورفضوا التدريس، ما عدا بعض الأساتذة، الذين قاموا بضمان حد أدنى من التعليم، داعية كافة المعنيين بقطاع التربية الوطنية بما فيها النقابات، إلى التعقّل وتحكيم ضميرهم المهني وجعل أولوية التلميذ فوق كل اعتبار، في وقت أكدت تأييد موقف الأساتذة في المطالبة بالإبقاء على نظام التقاعد المسبق، الذي تعتبره أمرا غير قابل للنقاش، لكن شريطة ألا يكون ذلك على حساب مصلحة التلاميذ والأسرة التربوية ككل. وأكدت السيدة زغماتي في السياق، أنّ قضية الإضراب والتوقّف عن الدراسة لا تُعد حلا مثاليا أو مخرجا لأزمة مطالب منتسبي القطاع، حيث سينعكس ذلك سلبا على التحصيل العلمي والمعرفي للمتمدرسين بصفة عامة، مشددة على أهمية الحوار والتشاور مع الجهات الوصية بغية التوصّل إلى قرارات وتوصيات وحلول ترضي الجميع وتحفظ مصالح كل طرف. ونفس الأوضاع عاشتها أمس ثانوية عروج وخير الدين بربروس الواقعة بجنب الجامعة المركزية (بن يوسف بن خدة)، حيث أوصدت هذه الأخيرة أبوابها في وجه الطلبة طيلة اليوم، في خطوة من الأساتذة والمعلمين المشتغلين بها لتأكيد تضامنهم ووقوفهم مع الإضراب الذي دعت إليه النقابات المستقلة، حيث تجمّع العديد من الطلبة رغم ذلك أمام البوابة الرئيسة للثانوية للاستفسار عن هذا الموضوع أكثر، متسائلين عن مستقبلهم في ظل مثل هذه الصراعات المفتوحة بين نقابات التربية والجهات الوصية. وعبّر العديد من الطلبة والطالبات ل "المساء" عن استيائهم الكبير من تكرار الإضرابات بالمؤسسات التربوية بدون تفكير الأساتذة أو النقابات في مصيرهم وما قد تؤول إليه أوضاع التمدرس فيما بعد، خاصة فيما يتعلّق بتراكم الدروس وضغط الامتحانات، لاسيما امتحانات شهادة البكالوريا التي تُعتبر اختبارات مصيرية بالنسبة لهم؛ لكونها الجسر الذي يربطهم بالجامعة، مشدّدين على ضرورة عدم الزج بمستقبلهم والمغامرة به في إطار مطالبهم المرفوعة، التي أكدوا شرعيتها والتضامن معها لكن ليس بطريقة الإضرابات، كما أوضحوا. كما أبدت بعض الطالبات تخوفهن الكبير من الانعكاسات السلبية لهذا الإضراب على مشوارهن الدراسي وامتحانات نهاية السنة، معتبرين أن التوقّف عن الدراسة سينجرّ عنه تراكم الدروس والتأخر في استكمال المقرّر الدراسي، ما قد يستدعي دورات استدراكية أخرى لتعويض ما فات من دروس، وهو ما سيرهقهن ويرهن حظوظهن في الانتقال وتحقيق نتائج مرضية، لاسيما بالنسبة لطلبة النهائي المقبلين على امتحانات البكالوريا. وأكد بعض الأساتذة الذين قدموا إلى الثانوية ورفضوا التدريس، استجابتهم للإضراب، معتبرين أن الوصاية مطلوبة أكثر من أي وقت مضى للتدخل والاستجابة لمطالب منتسبي القطاع، بما فيها مطلب الإبقاء على نظام التقاعد المسبق، وعدم التزام الصمت أمام هذا الانشغال المصيري الذي يهدد المستقبل التربوي للمتمدرسين، معتبرين أن كل المبادرات الرامية إلى إيجاد حلول نهائية لهذه الانشغالات لم تؤخذ بعين الاعتبار من قبل الهيئات المعنية التي تواصل تجاهلها لذلك بدون مراعاة الانعكاسات السلبية لذلك على القطاع ككل. معلّمون تضامنوا مع الإضراب لكن لم يتوقفوا عن التدريس ومن جهة أخرى، انتقلت عدوى إضراب الأساتذة إلى المدارس والابتدائيات بالعاصمة، حيث خرجت ابتدائية "الاستقلال" المتواجدة بشارع الحرية عن الخدمة، وتوقّف أساتذتها عن التدريس معبّرين عن تضامنهم مع نقابات القطاع المضربة. أولياء التلاميذ تساءلوا عن مستقبل أبنائهم، لا سيما في هذه المرحلة الحساسة جدا من التعليم الابتدائي، معتبرين ذلك تهديدا كبيرا لمصيرهم. كما دعوا إلى إبعاد المدرسة عن المساومة في تلبية المطالب وتحقيق مكاسب القطاع، وذكّروا بأن المطالبة بتحقيق المطالب المرفوعة لن تأتي بأكلها بعيدا عن الحوار والنقاش المفتوح مع كل الأطراف بدون استثناء أي طرف على حساب الآخر. كما فضّل بعض المعلمين تأدية واجبهم المهني ولو بنسبة ضئيلة، معتبرين أن التضامن مع مطالب النقابات لا يعني التوقّف عن التدريس وإهمال مصير التلاميذ، وبالتالي لا يمكن التوقّف عن تأدية هذه الخدمة النبيلة على حساب هذه الفئة التي تتطلّع إلى مستقبل علمي زاهر. وفي السياق، دعت مديرية التربية للوسط كافة نقابات القطاع التي أعلنت عن الإضراب، إلى التراجع عن هذا القرار والتفكير مليا في مصلحة ومستقبل المتمدرسين، والالتزام بالحوار والنقاش الذي يبقى الحل الوحيد لفض النزاعات وحل المشاكل وتلبية المطالب وفق مصلحة كل طرف، مشيرة إلى أن هذا الإضراب شهد استجابة نسبية، تفاوتت بين مؤسسة تربوية وأخرى بالجزائر الوسطى، بدون أن تعطي نسبة مئوية معيّنة لذلك. كما أشارت إلى عدم استجابة بعض الإكماليات والابتدائيات لنداء الإضراب، وهو ما يشير إلى عدم توافق الرؤى حول قرار نقابات التربية. وأكدت مصادر من الأمانة العامة بالمديرية رفضت الكشف عن أسمائها، مشروعية مطالب النقابات والأساتذة، ولكن تلبيتها لا تكون بمثل هذه الطرق التي ترهن مصير القطاع التربوي ككل، وترهن مسار الإصلاحات التي بوشرت من قبل الحكومة والوزارة في هذا الإطار. النقابات تصرح ل«المساء»:... الإضراب نجح والاستجابة واسعة بوعلام عمورة «ساتاف»: مستعدون لتعويض يومي الإضراب اعتبر الأمين العام للنقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين «ساتاف» بوعلام عمورة، في تصريح ل«المساء»، أن الإضراب شهد استجابة واسعة في يومه الأول، رغم وجود ما أسماها ضغوطات من طرف المفتشين والإدارة تجاه الأساتذة المتربصين، الذين من حقهم التوقف عن العمل، موضحا أن نقابته التي تقر بنجاح الإضراب ليست مسرورة بذلك، كونها كانت مرغمة على اللجوء للاحتجاج بتوقيف الدراسة، لعدم استجابة السلطات لدعوات الحوار وإشراك الشريك الاجتماعي في النقاش حول ملف التقاعد النسبي. وثمن المتحدث مساعي وزيرة التربية نورية بن غبريط، والمجهودات التي قامت بها من أجل عدم شن الإضراب، ومحاولتها فتح الحوار مع الشريك الاجتماعي، غير أن ذلك كان - حسبه - خارج عن نطاقها، حيث لم تجد النقابات بديلا عن الإضراب الذي يعتبر وسيلة حتمية، نتيجة لرفض السلطات الحوار مع الشركاء الاجتماعيين، وإعطائها الفرصة لتقديم اقتراحاتها حول ملف التقاعد النسبي، الذي أحدث نزيفا حادا في قطاع التربية، بعد إعلان الحكومة التخلي عنه مطلع السنة القادمة. وحسب أمين عام «ساتاف»، فإن النقابات تقترح حلولا عديدة للحفاظ على الكفاءات في قطاع التربية، وأنها مستعدة لتعويض يومي الإضراب أيام السبت في حالة الاستجابة لمطالبها، «لشعورنا بالمسؤولية وتأثير ذلك على مستقبل التلاميذ»، مؤكدا على ضرورة فتح حوار مع الحكومة بخصوص المطالب المرفوعة «لأن التعنت لا يخدم مصلحة التلميذ ولا الأستاذ». مزيان مريان «سناباست»: الإضراب نتيجة لعدم الحوار اعتبر رئيس النقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني «سناباست» مزيان مريان، ل«المساء» أن نقابات التربية لجأت للإضراب مجبرة، وأن لجوءها لهذا الاحتجاج الشرعي في هذه الفترة، كان نتيجة لرفض الحكومة فتح حوار ومفاوضات مع الشركاء الاجتماعيين. وتساءل مريان عن سبب إقصاء نقابات التربية من مناقشة ملف التقاعد، رغم أنهم يشكلون عددا معتبرا من عمال الوظيف العمومي، مؤكدا أن الاستجابة للإضراب كانت واسعة، وأن الأخير يبقى الوسيلة الأنجع لحمل الحكومة على التراجع عن موقفها من هذا الملف، وإشراك النقابات في صياغة القانون الجديد للعمل، وإلزامها بفتح قنوات الحوار والتفاوض مع النقابات حول الملفات المطروحة، مضيفا أن اقتراح الوزيرة الخاص بارتداء مآزر سوداء لا يأتي بنتيجة للنقابات التي تنتظر حلولا ملموسة. بلخير جيلالي «أونباف»: نطالب بحوار حقيقي أشار مسؤول الإعلام بالاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين «أونباف» بلخير جيلالي، في تصريح ل«المساء»، أن الاستجابة للإضراب والتي قال إنها بلغت 90 بالمائة في كثير من الولايات، دليل على شرعية المطالب ورسالة قوية للحكومة والقائمين على قانون العمل، من أجل فتح النقاش والتراجع عن التقاعد النسبي وحماية القدرة الشرائية، موضحا أن النقابات المضربة تتفهم انشغال الأولياء لكنها كانت مجبرة، كونها في اتصال مع الحكومة منذ أفريل الماضي لفتح باب النقاش وإجراء حوار مسؤول، والخروج باستشارة واتفاق بين الطرفين، كما راسلت رئيس الجمهورية، ما جعلها تلجأ للإضراب الذي ستجدده حسب المتحدث يومي 24 و25 أكتوبر الجاري، والذي كان آخر خيار بالنسبة للنقابات المستقلة، بعد أن سدت جميع منافذ الحوار. بوجناح «اسنتيو»: تصعيد الاحتجاج إذا لم تتحقق المطالب أكد الأمين العام للنقابة الوطنية لعمال التربية «اسنتيو» عبد الكريم بوجناح، ل«المساء» أن الإضراب في قطاع التربية حقق استجابة واسعة، رغم الضغوطات التي فرضها بعض المفتشين والمديرين الذين ينتمون لنقابات أخرى، مشيرا في تعقيبه على تذمر أولياء التلاميذ من توقف الدراسة في فترة الاستعداد للفروض، أن النقابات لم تختر توقيتا معينا كون الإضراب يضر التلميذ في كل وقت. من جهة أخرى، أوضح بوجناح أن الإضراب سيتجدد يومي 24 و25 أكتوبر الجاري، وأنه سيتم تصعيد الاحتجاج في حالة عدم الاستجابة للمطالب، وأنه من الممكن الذهاب إلى إضراب مفتوح. مسعود بوديبة «كناباست»: حاولنا بكل الطرق تجنب الإضراب.. ذكر المكلف بالإعلام في المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني «كناباست» مسعود بوديبة ل«المساء»، أن نسبة الاستجابة للاضراب تراوحت بين 70 و80 بالمئة في قطاع التربية، و80 إلى 90 بالمائة وسط الأساتذة، مشيرا إلى أن النقابات حاولت تجنب الإضراب باستعمالها كل السبل الممكنة، منها توجيه رسالة مفتوحة للحكومة ولرئيس الجمهورية وعقد عدة ندوات في جويلية الماضي، حول مخاطر إلغاء التقاعد النسبي، غير أن الجهات المعنية يضيف المتحدث ، لم ترد على الشركاء الاجتماعيين من أجل الحوار . وفي هذا الصدد، أشار إلى تجديد الإضراب يومي 24 و25 أكتوبر، وعقد جلسة تقييمية للإضراب بعد أربعة أيام من شنّه وتحديد رزنامة حركات احتجاجية أخرى، إذا لم يتم التكفل بالمطالب المرفوعة.