يتم حماية التراث الثقافي من خلال استرجاعه وإعادة تبنّيه من طرف المجتمع، حسبما أكد مدير المركز الوطني للبحث ما قبل التاريخ والأنثروبولوجيا والتاريخ البروفيسور سليمان حاشي، الذي أوضح كذلك خلال نزوله ضيفا على الطبعة الأولى للمنتدى الاجتماعي الثقافي لإذاعة تيزي وزو، أنّ استرجاع التراث الثقافي من طرف المجتمع يُعدّ «أحسن وأنجع حماية لهذا الموروث الذي يكوّن هوية الشعب الجزائري». وأضاف البروفيسور: «بما أنّ المجتمع لا يسترجع تراثه فإنّ إجراءات الحفاظ عليه من طرف الدولة، لا يكون لها جدوى، وعليه يتوجب ترسيخ ثقافة استرجاع التراث في المجتمع». وقال إنّ حماية التراث هي «عمل يدلّ على سيادة الدولة»، مؤكّدا على ضرورة اتخاذ السلطات المحلية التدابير اللازمة لضمان المحافظة عليه. وأشار في هذا الصدد إلى حماية المواقع التاريخية التي تكون عن طريق تصنيفها؛ من خلال اقتراح ملفاتها من طرف اللجنة الولائية المكلفة بهذه المهمة؛ مما يجبر الدولة على اتخاذ إجراءات لحمايتها بوضع سياج وحارس، كما يُعدّ القيام بعمليات الجرد إجراء آخر هاما «لإنقاذ» التراث وحمايته. وبخصوص الإجراءات التي اتّخذتها الجزائر لحماية تراثها الثقافي، لفت البروفيسور حاشي إلى أنه مع نهاية العشرية السوداء «وبعد أن حادت البلاد عن هويتها، تمّ اتّخاذ إجراءات لإعادة استرجاع هذه الهوية»، مضيفا أن في سنة 1998 أصدرت وزارة الثقافة قانونا حول حماية التراث المادي وغير المادي والمحافظة عليه». أما فيما يتعلق بالأحداث المصنفة أو المقترحة للتصنيف ضمن تراث البشرية من طرف منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، فكشف سليمان حاشي عن تحضير ثلاثة ملفات في هذا الصدد لاقتراح تصنيفها، أولها الكسكسي الذي يُعد تراثا في مجال الطبخ، والذي يجمع جميع سكان شمال إفريقيا ويعود لآلاف السنين. ويتمحور الملف الثاني الذي مازال بصدد التحضير، حول الغناء القروي القبائلي الذي يتنوع ما بين أشويق وتيفوغرين وأغاني الأعراس والختان وغيرها. أما الملف الثالث فيدور حول الحليّ الفضية. وتضاف هذه الملفات إلى ثلاثة ملفات أخرى أودعتها الجزائر ومازالت قيد الدراسة، تتعلق بتقطير ماء الزهر بقسنطينة وموسيقى الراي (نوع غنائي نبع من الفن البدوي) وصنعة «كيالين الماء». كما شرع المركز الوطني للبحث في ما قبل التاريخ والأنثروبولوجيا والتاريخ، في جمع معلومات حول موقع أزرو نثور (تيزي وزو) الذي تحتفل به أربعة قرى، ويجمع كل شهر أوت آلاف المواطنين من مختلف مناطق الوطن. وستسمح هذه الأعمال وغيرها والتي تجري عبر التراب الوطني، بتزويد بنك المعلومات حول التراث الوطني.