نفت سعيدة بن حبيلس، رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، بشكل قطعي الاتهامات التي أطلقتها أطراف تعمل لصالح الخارج والتي مفادها استعمال القوة خلال عملية ترحيل مهاجرين من غرب إفريقيا من الجزائر إلى النيجر الأسبوع الماضي، مؤكدة في تصريح ل«المساء» أنه تم استغلال المناوشات التي أثارها بعض المهاجرين الذين تبين تورطهم في أنشطة غير شرعية، على غرار الدعارة وتجارة المخدرات في أحياء بالعاصمة مثل دالي ابراهيم، لتضخيم الأمور وتشويه سمعة الجزائر المعروفة بتعاملها الإنساني مع المهاجرين. بن حبيلس تساءلت حول مغزى هذه الحملة المسعورة ضد الجهود التي تبذلها الجزائر في الوقت الذي ترشحت فيه للانضمام إلى اللجنة الدولية لتقصي الحقائق الإنسانية بالعاصمة السويسرية بيرن وإنتخابها ب 50 صوتا من ضمن 63 صوتا في هذه اللجنة. كما أشارت إلى أنه ليس من الصدفة أن تبدأ هذه الحملة مع بدء عملية الانتخابات الخاصة بهذه اللجنة الأسبوع الفارط، إذ تم اتهام الجزائريين بالعنصرية، مع التشكيك في عدم احترام الدولة لكرامة اللاجئين لتشويه سمعتها. كما أوضحت أن هذه الأبواق التي تعمل بإيعاز من أطراف في الخارج، تذكرنا بفترة التسعينيات عندما روجت مقولة «من يقتل من» في عزّ الأزمة العصيبة التي مرت بها الجزائر في محاولة التشكيك في واقعها ونجاحاتها، لتستطرد في هذا السياق «لكن الحقيقة ظهرت والرأي العام أكد تقديره لجهود الجزائر في هذا المجال والدليل على ذلك انتخابها بجدارة في هذه اللجنة». السيدة بن حبيلس أكدت أن المنظمات الدولية الإنسانية أقرت بالمجهودات المبذولة من قبل الجزائر في مجال التعاطي مع مسألة اللاجئين، من منطلق أن القيم الإنسانية مستمدة من عمقها الحضاري وسبقت في ذلك بكثير مواثيق الأممالمتحدة، منوهة في هذا الصدد بحنكة رجال الأمن الذين نجحوا في التدخل لوضع حد للوضع الخطير في حي دالي ابراهيم، ولولا ذلك لصارت الأمور إلى ما لا يحمد عقباها على حد قولها، قبل أن تضيف في هذا الصدد «باستثناء هذه المجموعة التي أثارت الفوضى، فإن الباقي قبلوا السفر إلى تمنراست بصفة طوعية وبإرادتهم، كما أبدى أغلبهم رغبة في العودة إلى بلدانهم، في حين فضل البعض الآخر البقاء في مركز تمنراست دون إكراه». وبررت عملية الترحيل من العاصمة كون هذه الأخيرة لا تتوفر كثيرا على مراكز استقبال للمهاجرين. المتحدثة أوضحت أن ذلك تم في ظروف إنسانية حفاظا على أمنهم و كرامتهم بالدرجة الأولى، لتستطرد بالقول «لقد رأينا العديد من الأفارقة في الطريق السيار يتسولون وكثيرا ما نتساءل ماذا لو حدث أي مكروه لأحد منهم، حتما ستكون المسؤولية كبيرة على عاتقنا». رئيسة الهلال الأحمر الجزائري ذكّرت في هذا الصدد بعملية الترحيل التي طالت الرعايا النيجريين منذ سنة 2014 بطلب من حكومتهم، في حين بقي بعضهم فقط في الجزائر. وذكرت في هذا الصدد برسالة الشكر التي بعثت بها السيدة الأولى في دولة النيجر نظير العمل الإنساني النوعي الذي قدمته الجزائر من أجل إنجاح عملية ترحيل الرعايا النيجريين إلى بلدانهم في ظروف جيدة، مضيفة أن عقيلة الرئيس النيجري تنقلت شخصيا إلى مقر الهلال الأحمر للاطلاع على الملفات المتعلقة بهذا الموضوع منذ بدايته. للإشارة، ذكرت تقارير أنه تم ترحيل 1500 مهاجر غير شرعي ينحدرون من إفريقيا إلى بلدانهم الأصلية الأسبوع الماضي بعد جمعهم من شوارع الجزائر العاصمة يومي الخميس والجمعة الموافق ل 1 و2 ديسمبر 2016. وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين بدوي كان قد أشار مؤخرا إلى أن عدد الرعايا النيجريين المرحلين «طوعيا» من الجزائر إلى بلدهم الأم، بلغ أزيد من 17 ألف مهاجر غير شرعي منهم 580 تشاديا و550 ماليا، مع مواصلة العملية لتشمل الرعايا السنيغاليين والغينيين مستقبلا بطلب من بلدانهم.كما كشفت السيدة بن حبيلس شهر أكتوبر الماضي أن نجاح عملية ترحيل الرعايا النيجريين والعمليات التحسيسية للهلال كان لها الأثر الإيجابي على الأفارقة اللاجئين الآخرين وجعلتهم يفكرون في الاستفادة من المساعدات الجزائرية للعودة إلى بلدانهم الأصلية، مضيفة أن السلطات السينغالية طلبت من السلطات الجزائرية مساعدتهم على الترحيل الطوعي للاجئيها. الهلال الأحمر الجزائري يعمل أيضا بالتنسيق مع الحكومات والسفارات الأوروبية للمساعدة على عودة الرعايا الأفارقة إلى بلدانهم وتحقيق الاستقرار من خلال مشاريع مصغرة، كما كان الحال مع الحكومة السويسرية من خلال سفارتها، إذ وافقت على تمويل مشاريع مصغرة لفائدة الرعايا النيجريين المرحلين إلى بلدهم بمبلغ 500 ألف فرنك سويسري، كما تعهد الاتحاد الأوروبي بمساعدة الجزائر على تأسيس هذه المشاريع ببلدان المهاجرين الأفارقة قصد تحقيق الاستقرار.