ندد المحامي الفرنسي الكسندر زورابيشفيلي عضو هيئة المحامين الباريسيين في تقرير أعده بعد مهمة قام بها الى المغرب بوجود عدة "نقاط غامضة" ميزت محاكمة المناضلين الصحراويين التسعة الذين أصدرت في حقهم محكمة مدينة اغادير المغربية في ال 9 أكتوبر الماضي أحكاما متفاوتة بالسجن النافذ. وانتقل هذا المحامي الى المغرب بعد أن انتدب من طرف الجمعية الدولية للقانونيين الديمقراطيين وجمعية "قانون تضامن" لحضور أجواء محاكمة المناضلين الصحراويين التسعة الذين تم ايقافهم يوم 28 فيفري الماضي بعد مظاهرة لمناضلين صحراويين بمدينة طان طان في جنوب المغرب. وشهدت المشادات التي وقعت بين المتظاهرين الصحراويين وقوات الامن المغربية مقتل شرطي اثر تلقيه ضربات بالحجارة لم يتم تحديد مصدرها. وتوبع هؤلاء الموقوفين حسب العدالة المغربية بتهمة "الانتماء الى جمعية أشرار والعنف وشتم موظف عمومي" بينما وجهت للمناضل الصحراوي يحيى محمد تهمة القتل في حق شرطي. وأشار المحامي الفرنسي في تقريره الى السرعة التي تمت فيها هذه المحاكمة حيث "تم جمع المتهمين وهم واقفون أمام ثلاثة قضاة ليردوا على تصريحات وكيل الملك أو رئيس المحكمة" . وقد لاحظ المحامي "أن المحاكمة أعطت انطباعا بأن الأمر يتعلق بوقائع محاكمة جماعية، حيث تم تجاهل الطابع الخاص للمتهمين وخصوصية ظروف توقيف كل واحد منهم ". وقال ان هيئة المحكمة تجاهلت ايضا وعن قصد "الخلفية السياسية التي ارتبطت بالوقائع المنسوبة إليهم" في خرق واضح لمجريات مثل هذه المحاكمات في تلميح الى القناعات السياسية للمتهمين المدافعين عن استقلال الصحراء الغربية. وأكد المحامي ضمن تقريره ان "نقاطا غامضة في التحقيق المادي للوقائع رافقت كل اطوار المحاكمة من بدايتها الى غاية اصدار الحكم" النهائي. وأشار الى أن ملفات المتهمين لم تتضمن اية ادلة اثبات ضدهم وركز الادعاء العام في مرافعته على المحاضر القضائية للشرطة وتصريحات اعوانها والشهود الذين سجل الدفاع تناقضات في شهاداتهم" . وقال المحامي الفرنسي ان الخلفيات السياسية طغت على المحاكمة وأكد ان القضاة كان من الصعب عليهم تجريد أنفسهم من الدور الذي يمكن أن يلعبه الانتماء السياسي ونوعية نضال المتهمين على الأحكام التي أصدروها ضدهم. وكتب المحامي في تقريره "ان الحكم الصادر في حق يحيى محمد المتهم بقتل الشرطي (15 سنة سجنا نافذا) مبالغ فيه خاصة وأن تهمة القتل لم تكن متعمدة" مؤكدا أن "تصريحات بعض المتهمين حول أعمال التعذيب والاعتداءات الجنسية التي تعرضوا لها وكذا رفض اخضاعهم للمعاينة والعلاج الطبي لم تأخذ بعين الاعتبار من طرف المحكمة. وأشار المحامي الفرنسي الى الجو الخاص الذي ميز المحاكمة وقال ان "القضية تم تناولها عند منتصف النهار وأن فارقا واضحا في هذه المحاكمة مقارنة بالقضايا السابقة التي درست في الصباح مما يؤكد أن الأمر لم يكن يتعلق بقضية "قانون عام" مثلما هو الشأن بالنسبة للقضايا الأخرى . واشار في هذا المجال الى الجو السياسي الذي طغى على القاعة" وحضور متميز لجمهور معظمه من عائلات وأصدقاء المتهمين ومناضلين متعاطفين مع القضية الصحراوية بدليل تعزيزات عناصر الشرطة الذين تم تعيينهم لمراقبة محيط وداخل المحكمة. وأضاف المحامي في تقريره أن "المتهمين دخلوا وهم يهتفون بشعارات صحراوية عندما ناداهم رئيس المحكمة في نفس الوقت الذي نهض فيه العديد من الحضور وبدأوا يهتفون بأناشيد وشعارات كفاحية صحراوية. ولم يجد رئيس المحكمة في سياق تلك الاجواء من حل سوى طرد المتهمين وهدد بطرد كل الحاضرين قبل ان يغير رأيه، حيث استدعى المتهمين من جديد ودخل هؤلاء في صمت وهم يقومون بإشارة بأيديهم تعبر عن الانتصار". كما أشار المحامي زورابيشفيلي إلى محاولات الدفاع وهم محامون مغربيون متطوعون التطرق إلى الخروقات التي ميزت اجراءات التحقيق والمحاكمة "ويتعلق الأمر بواجبات الشرطة في وقت القيام بالمحضر الشفوي. حيث ينص القانون المغربي أن أفراد الشرطة عليهم أن يسجلوا يوم وساعة التوقيف، كما ينص على أن العائلات يجب أن تحاط علما بعملية التوقيف فور وقوعها لكن هذا لم يحدث" .. وأضاف أن "أحد المحامين اثار مسألة شرعية حبس المتهمين قبل المحاكمة خاصة وأن توقيفهم لم يتم في إطار تلبس بالجريمة ولكنه تم أياما عديدة بعد وقوع الأحداث".. بالاضافة الى اثارته لقضية تعذيب بعض المتهمين بعد توقيفهم والاعتداء عليهم جنسيا. وتطرق السيد زورابيشفيلي إلى التناقضات العديدة التي لاحظها الدفاع خلال المداولات والتي شابت تصريحات الشهود من بين أفراد الشرطة، التي أدلوا بها أمام قاضي التحقيق وتصريحات نفس الشهود أمام المحكمة وغياب الأدلة الكافية والطابع السياسي للمتهمين، حيث أن جميعهم مناضلين للقضية الصحراوية والعديد منهم أبناء مناضلين لضحايا اختفاءات قسرية رغم محاولة هيئة المحكمة تجريد المحاكمة من طابعها السياسي. وعلى الرغم من حالات التعذيب والتوقيفات القسرية والاعترافات التي تم توقيعها تحت ضغط الشرطة التي ندد بها الدفاع والشباب الصحراويون فإن محكمة أغادير أصدرت أحكاما قاسية في حق هؤلاء الشباب، حيث حكم على يحيى محمد الذي لم يتم إثبات تهمة القتل التي وجهت إليه ب 15 سنة سجنا نافذا بتهمة تجميع مناضلين صحراويين في مظاهرة أدت إلى مقتل شرطي. وحكم على المتهمين الآخرين بأربع سنوات سجنا نافذا لكل واحد باستثناء واحد حكم عليه بالحبس مدة سنة مع وقف التنفيذ.