بدأت أجهزة القمع المغربية تنفيذ تهديدات الملك محمد السادس التي ضمنها خطابه الأخير بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لاحتلال الصحراء الغربية بتنفيذ أوسع عملية انتهاك حقوق الإنسان بدعوى أن الوطنية لا تقبل القسمة بين المواطنة والخيانة. وكانت المناضلة الصحراوية المعروفة في مجال حقوق الإنسان اميناتو حيدر أولى ضحايا هذه الإجراءات التعسفية حيث تعرضت للاعتقال أول أمس بمجرد نزولها في مطار مدينة العيونالمحتلة قادمة من جزر الكناري الإسبانية في طريق عودتها من زيارة إلى الولاياتالمتحدة. وقامت القوات المغربية بتطويق المطار قبل وصول الطائرة بتعزيزات من قوات الشرطة والدرك والمخابرات بينما كان ينتظر الحقوقية أعوان آخرون عند مصعد الطائرة حيث أكد شهود عيان أنه تم "وضع السيدة حيدر في شاحنة صغيرة انطلقت نحو اتجاه مجهول". وكانت المعتقلة السياسية الصحراوية سابقا قادمة من نيويورك حيث تسلمت جائزة الشجاعة المدنية لعام 2009 التي منحتها إياها "مؤسسة جون تراين" من أجل "مقاومتها السلمية بالصحراء الغربية" لتكون بذلك أول امرأة عربية تنال هذه الجائزة. للإشارة فإن اميناتو حيدر كانت أعربت خلال تواجدها في إسبانيا عن تخوفها في أن تلقى نفس مصير زملائها السبعة الذين تم اعتقالهم مؤخرا في مطار الدارالبيضاء ولم يخب ظنها في تكهنها الذي تحول إلى حقيقة. ولم يسلم صحافيان إسبانيان كانا رفقة المناضلة الحقوقية الصحراوية من تلك الإجراءات التعسفية حيث تم توقيفهما بحجة أنهما خرقا القوانين المعمول بها بعدما بدءا في التصوير داخل المطار. ورغم إخلاء سبيلهما فقد أقدمت أجهزة الأمن المغربية على تخريب الشريط المصور بقرار من المدعي العام ويتعلق الأمر بكل من الصحافي بيدرو برباديلو والمصور بيدرو غيلان. وتعد اميناتو حيدر البالغة من العمر 42 سنة والتي تلقب ب"غاندي الصحراوية" من بين المدافعين عن حقوق الإنسان الصحراويين المشهورين بالصحراء الغربية حيث عرفت بحملتها الشجاعة من أجل تقرير مصير الصحراء الغربيةالمحتلة وضد عمليات الاختطاف والتجاوزات التي ارتكبت في حق سجناء الرأي. وواصلت قوات الاحتلال حملاتها المسعورة ضد الصحراويين حيث قامت بعدة اعتقالات في صفوف المواطنين والطلبة الصحراويين سواء في المدن المحتلة أو في المغرب. وشنت الأجهزة الاستخباراتية المغربية بمدينة أغادير حملة واسعة من الاعتقالات في صفوف الطلبة الصحراويين المعروفين بمواقفهم السياسية الداعمة لتقرير مصير الشعب الصحراوي وبنضالهم السلمي في الساحة الطلابية. وأكدت مصادر صحراوية أن "عناصر من الشرطة المغربية قاموا باعتقال طالبين صحراويين الأسبوع الماضي قبل أن تقدم في اليوم الموالي على اعتقال طالبين آخرين". كما تم اعتقال الثلاثاء الأخير أربعة شبان من بينهم قصر بمدينة السمارةالمحتلة. وفي نفس السياق اعتقل الجيش المغربي قرب "جدار العار" مجموعة من الأطفال القصر على خلفية محاولتهم الالتحاق بجبهة البوليزاريو على الطرف الآخر من الجدار. وأشارت مصادر حقوقية صحراوية أن "الاعتقالات الأخيرة تضاعفت وأصبحت تشكل جوا من الترهيب اليومي بعد أن أصبحت منازل الطلبة الصحراويين محل مداهمات دائمة في وقت تتم فيه محاصرة الكليات والجامعات والأحياء بحثا عن مجموعة من الطلبة الصحراويين المعروفين بمواقفهم السياسية من قضية الصحراء الغربية". كما اعتبرت نفس المصادر أن "الخطاب الذي ألقاء الملك المغربي مؤخرا ينم على مخططات خطيرة لمصادرة حرية المواطنين الصحراويين العزل بما فيهم الطلبة الذين يطالبون علانية باستقلال الصحراء الغربية". ونفس حالة التوتر شهدتها مدينة بوجدور المحتلة حيث أقدمت السلطات المغربية على طرد المحامي الإسباني لويس مانغراني بسبب محاولته مقابلة الناشطة الحقوقية الصحراوية سلطانة خية التي تم محاصرة منزلها في محاولة "للضغط عليها ومنعها من استقبال المحامي". يأتي ذلك في الوقت الذي من المنتظر أن يحضر فيه خمسة ملاحظين من مدينة ايفري سور سان الفرنسية جلسة محاكمة المناضل الصحراوي نعمة اسفاري المرتقبة يوم غد بمحكمة تيزنيت الواقعة على بعد 100 كلم من مدينة أغادير. ويريد هؤلاء الملاحظون التعبير مجددا عن تضامنهم مع المناضلين الصحراويين وتأكيد عزمهم للسلطات المغربية والفرنسية على مواصلة تجندهم في سبيل احترام حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة وممارسة الشعب الصحراوي لحقه في تقرير المصير. ومعروف عن بلدية ايفري سور سان مساندتها للشعب الصحراوي بحيث احتضنت عبر السنوات الماضية العديد من النشاطات الداعمة لكفاح ونضال هذا الشعب في تقرير مصيره.