كشف اللواء بوعلام مادي، مدير الاتصال والإعلام والتوجيه لأركان الجيش الشعبي الوطني أمس عن إزالة وتدمير قرابة تسعة ملايين لغم منذ الاستقلال، مكنت من تطهير واسترجاع أكثر من 62 ألف هكتار من الأراضي كانت ملوثة عبر الأشرطة الحدودية «شال» و«موريس». أعلن اللواء مادي باسم، نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي في ندوة صحفية عقدها أمس، بمقر المتحف المركزي للجيش عن انتهاء الجيش الوطني رسميا في الفاتح ديسمبر الماضي من عملية التطهير الشامل لكل المناطق الملغمة أو المشتبه فيها، وذلك بتحرير آخر المناطق التي كانت ببلدية وادي فراغة التابعة إقليميا لولاية قالمة وأيضا بلدية شيحاني بشير التابعة لولاية الطارف. وقد تسببت الألغام المضادة للأفراد التي زرعها المستعمر الفرنسي إبان ثورة التحرير عبر خطي «موريس» و«شال» وتجاوز عددها حسب التقديرات الجزائرية 10 ملايين لغم في إصابة 2830 ضحية مدنية منذ الاستقلال و4830 ضحية مدنية خلال حرب التحرير. وقال اللواء إن النتائج المحققة في هذا المجال هي ثمرة أربعين سنة كاملة من المجهودات المبذولة على مرحلتين الأولى انطلقت منذ عام 1963 إلى غاية 1988 تم خلالها نزع وتدمير أكثر من 7 ملايين لغم مضاد للأفراد، سمحت بتطهير أكثر من 50 ألف هكتار من الأراضي الملوثة. ثم استئناف العملية في مرحلة ثانية من 2004 إلى 2016 تم خلالها تدمير أكثر من 850 ألف لغم واسترجاع وتطهير أكثر من 12 ألف هكتار. وفي هذا السياق، أوضح العقيد أحسن غرابي المكلف بملف «الألغام المضادة للأفراد» أن هذه العملية شملت أيضا تدمير مخزون الجيش الجزائري من الألغام المقدر ب 150050 لغم، تم الاحتفاظ ب 15030 لغم لأغراض تدريبية قبل أن يتقرر تخفيض هذا الرقم الأخير إلى 6 آلاف لغم. وبذلك تكون الجزائر قد أوفت بالتزامها الدولي في هذا المجال بموجب اتفاقية «أوتاوا» الخاصة بحظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدميرها، والتي وقعت عليها في الثالث ديسمبر 1997 وتمت المصادقة عليها في 17 ديسمبر 2001 ودخلت حيز التنفيذ يوم 30 أفريل 2002. وفي هذا السياق، أشار نفس المسؤول إلى أن الجيش دمر 15907 ألغام كان قد زرعها في إطار عمليات مكافحة الإرهاب خلال سنتي 1994 و1995 وذلك قبل ظهور اتفاقية أوتاوا» على الساحة الدولية. وقال إنه ومن أجل تحقيق هذا الالتزام الدولي، كلف الجيش الوطني الشعبي بتطبيقه حيث قام بإعداد وتطوير مخطط وطني خاص يكمن في تحديد كل المناطق الملغمة أو التي يعرف أو يشتبه أنها مزروعة بالألغام. وأكد أن وحدات الجيش تمكنت من الإيفاء بالتزاماتها حتى قبل المدة المحددة سواء بالنسبة لتدمير مخزون الألغام الذي انطلق في 2004 تحت إشراف رئيس الجمهورية وانتهى في 2005، أو بالنسبة لتلك التي زرعها الاستعمار وحتى الإرهاب، حيث انتهت في الفاتح ديسمبر 2016 قبل الموعد المحدد بشهر أفريل القادم. من جانبه، قدم المقدم وهاب بن عثمان من قسم هندسة القتال بقيادة القوات البرية نبذة تاريخية عن تشييد الاستعمار الفرنسي لخطي «شال» و«موريس» الإجراميين، إضافة إلى عرض مختصر حول سير عملية نزع الألغام وتطهير الأراضي الملوثة. وفي الأخير أكد اللواء بوعلام مادي أن هذا البرنامج طبق بسواعد جزائرية محضة باستثناء عمليات التكوين المختصين والضباط التي تمت في الأردن وأوكرانيا، لافتا إلى أنه خلال المرحلة الثانية من العملية لم يتم تسجيل أي حادث في صفوف أفراد الجيش المكلفين بهذه المهمة الأمنية والإنسانية. كما أشار إلى أن الخرائط التي قدمتها فرنسا عام 2007 لتحديد مواقع الألغام لم تفد الجيش الوطني كونها جاءت متأخرة بعشرات السنيين بعد أن لعبت التضاريس والظروف الطبيعية والمناخية دورها البالغ في تغيير أماكنها. للإشارة، فإن هذا البرنامج الذي أكد اللواء مادي على ضرورة تثمينه ومنحه حقه التاريخي، مكن من إعادة الحياة والأمل بمناطق كانت تعتبر لوقت ليس بالبعيد محظورة ومميتة من خلال إقامة عدة مشاريع تنموية بها.