لا تزال المعاهدة الأمنية التي تسعى واشنطن إلى توقيعها مع بغداد بهدف تحديد طبيعة التواجد العسكري الأمريكي في العراق بعد انتهاء التفويض الاممي الممنوح لها نهاية العام الجاري محل نقاش بين مختلف القوى السياسية العراقية. وشكل نص الاتفاقية أمس موضوع نقاش بين أعضاء مجلس الوزراء العراقي الذي صادق على التعديلات التي أدخلتها الحكومة العراقية على النص المقترح من قبل الإدارة الأمريكية. وقالت وزيرة البيئة العراقية نرمين عثمان أمس بعد مصادقة أعضاء الحكومة على نص الاتفاقية المعدل انه تم تكليف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بعرض مسودة الاتفاقية على الإدارة الأمريكية بنصها المعدل. وأضافت انه تم مناقشة كل بنود الاتفاقية المزمع توقيعها مع الولاياتالمتحدة بحيث تم إدخال تعديلات طفيفة على نصها. وتتعلق هذه التعديلات بمسألتين هامتين تخص الأولى قضية منح الحصانة للجنود الأمريكيين فوق الأراضي العراقية في حين تتعلق النقطة الثانية بتحديد موعد لانسحاب القوات الأمريكية من العراق بشكل نهائي. وتنص التعديلات التي تطالب بها الحكومة العراقية على ضرورة إجلاء كل القوات الأمريكية بحلول نهاية عام 2011، إضافة إلى السماح للقضاء العراقي بمحاكمة الجنود الأمريكيين الذين يقترفون جرائم خارج قواعدهم العسكرية وخارج المهام الموكلة لهم. واجتمع مجلس الوزراء العراقي أمس على مدار ساعتين ناقش أثناءها التعديلات التي أدخلت على نص مشروع الاتفاقية الأمنية التي من المفروض أن يتم من خلالها تحديد طبيعة التواجد العسكري الأمريكي في العراق بعد ال31 ديسمبر المقبل تاريخ انتهاء تفويض الأممالمتحدة المنظم لتواجد القوات الأمريكية فوق الأراضي العراقية. وكان نص مشروع نص هذه الاتفاقية بين بغداد وواشنطن أثار جدلا كبيرا بين مختلف القوى السياسية والدينية العراقية التي أجمعت في معظمها على رفض الاتفاق بعدما لمسوا فيه رغبة أمريكية لفرض السيطرة على العراق بطريقة أكثر شرعية واعتبرتها جهات شيعية وأخرى سنية بمثابة تشريع للاحتلال الأمريكي للعراق . الأمر الذي دفع بالحكومة العراقية إلى التريث وطالبت نظيرتها الأمريكية بإدخال تعديلات على نص المعاهدة بما يخدم مصلحة العراق وشعبه. وشكلت مسألتا منح الحصانة للجنود الأمريكيين وتحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية نقطة خلاف حادة بين واشنطن وبغداد وصلت إلى درجة استخدام الولاياتالمتحدةالأمريكية للغة التهديد والوعيد اتجاه الحكومة العراقية لإرغامها على التوقيع على المعاهدة بنصها الأول. وهو الأمر الذي أثار استنكار السلطات العراقية التي اعتبرت انه من غير اللائق أن تلجأ الولاياتالمتحدةالأمريكية لتهديدها بهدف إرغامها على التوقيع على أي اتفاق لم ينل رضى الشعب العراقي. ولكن التساؤل الذي يطرح هل ستوافق واشنطن على التعديلات المدرجة من قبل الحكومة العراقية خاصة وأن كاتبة الدولة الأمريكية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس كان أشار في تصريحات سابقة إلى رفض الإدارة الأمريكية لأي تعديلات محتملة وأنها تصر على المعاهدة بنصها الحالي. ولكن وبالرغم من الموقف الأمريكي الواضح بخصوص هذه الاتفاقية فإن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أعلن أن واشنطن موافقة مبدئيا على إدخال تعديلات على بنود الاتفاقية. وعلى الصعيد الميداني لقي ما لا يقل عن تسعة عراقيين مصرعهم في حين أصيب أزيد من عشرين آخرين بجروح متفاوتة الخطورة في عمليات هجومية استهدفت أمس العاصمة بغداد ومدينة الموصل في شمال البلاد. وذكرت مصادر أمنية عراقية أن أربعة عناصر من أفراد الشرطة العراقية لقوا مصرعهم اثر هجوم مسلح من قبل مجهولين استهدفهم في مدينة الموصل التي يعتبرها الجيش الأمريكي كآخر معقل لعناصر تنظيم القاعدة في العراق. وقال مسؤول أمني في مدينة الموصل أن مسلحين مجهولين أطلقوا النار على عربات الشرطة العراقية التي كانت بصدد إجراء دورية بالمدينة، مما تسبب أيضا في إصابة أربعة عناصر من رجال الأمن في حي غرب مدينة الموصل. ولم يتوقف مسلسل العنف في العراق عند هذا الحد فقط، حيث لقي خمسة عراقيين مصرعهم وأصيب 15 آخرين بجروح في انفجار سيارة مفخخة وسط حي الجهاد ذو الأغلبية الشيعية بالعاصمة بغداد. ولم تحدد أجهزة الأمن العراقية ما إذا كان التفجير قد استهدف عناصر للشرطة او الجيش العراقيين أو انه استهدف مدنيين.