تضاربت المواقف بشأن حقيقة المفاوضات الجارية بين الحكومة العراقية ونظيرتها الأمريكية حول الاتفاقية الأمنية التي تعتزم واشنطن إبرامها مع بغداد لتحديد طبيعة التواجد العسكري الأمريكي في العراق بعد انتهاء تفويض الأممالمتحدة نهاية العام الجاري. وفي الوقت الذي أكد فيه عدد من المسؤولين العراقيين وجود خلافات حول بنود الاتفاقية خاصة ما يتعلق بالمسائل ذات الصلة بسيادة الدولة العراقية فوق أراضيها وحماية مصالح الشعب العراقي، أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ونظيرته الأمريكية كوندوليزا رايس قرب التوصل إلى اتفاق بشأن إبرام المعاهدة الأمنية. وجاء هذا الإعلان خلال لقاء جمع رايس وزيباري في نيويورك على هامش أشغال الجمعية العامة الأممية المنعقدة منذ نهاية الأسبوع الماضي. وقال رئيس الدبلوماسية العراقية انه أعلن مرات عديدة "أن الاتفاق في مراحله النهائية وانه بحاجة إلى دعم جميع القادة السياسيين". وأكدت وزيرة الخارجية الأمريكية بعد اللقاء "تحقيق تقدم جيد بين الجانبين وان الاتفاق مهم لأنه ليس من السهل التعامل مع دولة ذات سيادة" . وأضافت أن بلادها تعتزم احترام سيادة العراق بشكل تام في مسعى إلى تقديم تطمينات باتجاه القوى السياسية والدينية العراقية الرافضة لهذا الاتفاق من منطلق التخوف بالمساس بسيادة الدولة العراقية. غير أن رئيسة الدبلوماسية الأمريكية أكدت على ضرورة أن يتضمن الاتفاق حماية معينة لقوات بلادها في العراق بحجة الاستمرار في تحقيق مكاسب أمنية في هذا البلد المحتل منذ خمس سنوات. وقالت أن الطرفان الأمريكي والعراقي يعملان ضمن إطار استراتيجي طويل الأمد يسفر عن بقائهما حليفين وصديقين لفترة طويلة قادمة. والواضح من تصريحات الوزيرة الأمريكية أن الإدارة الأمريكية التي سبق وربطت انسحابها من الأراضي العراقية بعبارة "تحسن الوضع الأمني" تسعى للبقاء اطول مدة ممكنة في العراق ضمن مخططاتها لبسط سيطرتها على منابع النفط في هذا البلد. وكانت مسألة انسحاب القوات الأمريكية من بين أهم النقاط التي شكلت عائقا أمام التوصل إلى الاتفاق الأمني فبينما يريد العراق سحب جميع القوات الأمريكية من أراضيه بحلول عام2011 يصر البيت الأبيض أن يتضمن الاتفاق أفقا زمنيا يتم خلاله تقييم الوضع قبل أي انسحاب وهو ما يعني إمكانية استمرار التواجد العسكري الأمريكي إلى ما بعد 2011 . ورفضت عديد القوى السياسية والدينية العراقية النوايا الأمريكية من وراء إصرارها على ربط انسحاب قواتها بتحسن الوضع الأمني في البلاد وطالبت بعرض بنود الاتفاقية الأمنية على الشعب العراقي للاستفتاء فيها. ويأتي ذلك في الوقت الذي أشارت فيه مصادر إعلامية عراقية أمس إلى أن الحكومة العراقية لا تزال بصدد مناقشة الرد الأمريكي على الاعتراضات التي وضعتها الحكومة العراقية والمتعلقة بالنقاط الخلافية التي مازالت تعيق توقيع الاتفاقية الأمنية مع الولاياتالمتحدة . وقالت صحيفة "الصباح" الحكومية أن الحكومة العراقية التي تسلمت رد واشنطن أول أمس، بحوزتها عدة خيارات سيتم اعتمادها في حال وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود مع التمسك بستة ثوابت وطنية. وقال الشيخ حميد معلة عضو البرلمان العراقية عن قائمة الائتلاف الحاكم أن الوفد الأمريكي العائد إلى بغداد حمل معه بعض الأفكار الجديدة بشأن مقترحات الحكومة العراقية تتميز بنوع من الإدراك والتفهم لبعض النقاط الخلافية مما يعني أن الإدارة الأمريكية تكون قد أبدت بعض الليونة بشأن المسائل التي شكلت نقاط خلافية وحالت دون التوقيع على المعاهدة الأمنية لمرتين على التوالي في مسعى إلى إبرامه في اقرب وقت ممكن. وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قد أشار أول أمس إلى أن العراق قد يطلب من مجلس الأمن الدولي تمديد التفويض الممنوح للقوات الأمريكية في حال عدم التوقيع على الاتفاقية الأمنية مع واشنطن. للإشارة فإن الجانبين كانا باشرا منذ فيفري الماضي مفاوضات للتوصل إلى اتفاق أمني يتم من خلاله تحديد طبيعة التواجد العسكري الأمريكي في العراق بعد انتهاء تفويض الأممالمتحدة الذي ينظم هذا التواجد في ال31 ديسمبر المقبل.