تتواصل النقاشات على أكثر من صعيد بخصوص الاتفاقية الأمنية التي تسعى واشنطن إبرامها مع بغداد لتحديد طبيعة التواجد العسكري الأمريكي في العراق بعد انتهاء التفويض الأممي المحدد لهذا التواجد نهاية ديسمبر المقبل. ففي الوقت الذي تركزت فيه المفاوضات بين الجانبين الأمريكي والعراقي في الأسابيع الماضية حول مسألة حصانة الجنود الأمريكيين في العراق شرع وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس نهاية الأسبوع في مشاورات مع الكونغرس بشأن هذه الاتفاقية. وأوضح وزير الدفاع الأمريكي أن نص الاتفاقية يحمي قوات بلاده "بطريقة ملائمة" ويتضمن موعدا لانسحاب القوات الأمريكية من العراق لكنه شدد بالمقابل على عبارة تحسن الوضع الأمني بما يؤكد الرغبة الأمريكية في بقاء قواتها لمدة أطول في العراق. من جانبه قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جيف موريل ان وزير الدفاع الأمريكي "ما كان سيجري هذه الاتصالات لو لم ير أن هذه الوثيقة تحمي قواتنا في العراق بطريقة ملائمة". وأضاف أن غيتس الذي أعلن الأسبوع الماضي أن الولاياتالمتحدة قريبة جدا من إبرام اتفاق مع العراق "مرتاح" لهذا المشروع وبدأ الاتصال برؤساء اللجان البرلمانية في الكونغرس المعنية لمناقشة نص المعاهدة. وكان رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الديمقراطي كارل ليفين عبر عن "تشكيكه في صلاحية أي اتفاق يخضع الجنود الأمريكيين لإجراءات المحاكم العراقية في أوج حرب فوضوية وفي غياب نظام قضائي معروف بعدالته". وبالتوازي مع ذلك شكل موضوع هذه الاتفاقية الامنية موضوع نقاش جمع الرئيس العراقي جلال طالباني ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي ورئيس وزرائه نوري المالكي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني. واكد بيان اصدرته الرئاسة العراقية أن الاجتماع الخماسي الذي جمع القادة العراقيين ناقش بنود الاتفاقية بالتفصيل قبل عرضها على اجتماع المجلس السياسي للأمن الوطني ومناقشتها من قبل ممثلي الكتل السياسية والبرلمانية. للإشارة فإن القادة العراقيين الخمس يجب أن يوقعوا على الاتفاقية الإستراتيجية بين العراق والولاياتالمتحدة قبل أن تكون نافذة المفعول في حال إقرارها من قبل البرلمان العراقي. ويتفاوض الجانبان العراقي والأمريكي منذ شهر فيفري الماضي على إبرام اتفاقية أمنية يتم من خلالها تحديد طبيعة التواجد العسكري الأمريكي في العراق بعد انتهاء التفويض الممنوح للقوات الأمريكية من قبل مجلس الأمن الدولي بنهاية العام الحالي 2008 . وشهدت المفاوضات بين الجانبين تعثرا بسبب الجدل الذي أثاره مضمون الاتفاقية بين مختلف القوى السياسية العراقية مما حال دون توقيعها في موعدها المحدد بنهاية شهر جويلية الماضي. وكانت البنود ذات الصلة بسيادة الدولة العراقية فوق أراضيها ومصالح الشعب العراقي وحصانة الجنود الأمريكيين من بين النقاط التي شكلت خلافات حادة بين الجانبين العراقي والأمريكي. وتحاول الولاياتالمتحدةالأمريكية إقناع مختلف القوى السياسية العراقية بحسن نواياها من وراء سعيها إلى إبرام هذا الاتفاق وبأنها لا تهدف إلى إقامة قواعد عسكرية دائمة في العراق.