قرار رئيس الجمهورية بإجراء تعديل جزئي على الدستور لا يمكن أن يدرج إلا في إطار الارتقاء بالممارسة الديمقراطية وضمان انسجام صلاحيات السلطة التنفيذية ذلك ما لخصه الرئيس في أربعة محاور أساسية يستهدفها التعديل القادم وهي: حماية رموز الثورة المجيدة، إعادة تنظيم الصلاحيات والعلاقات بين مكونات السلطة التنفيذية، تمكين الشعب من ممارسة حقه المشروع في اختيار من يقود مصيره، وأخيرا إضافة مادة جديدة ترقية للحقوق السياسية للمرأة الجزائرية. وليس صدفة أن يعلن الرئيس بوتفليقة عن تعديل الدستور المنتظر خلال افتتاحه السنة القضائية 2009/2008 ومن داخل صرح العدالة، في إشارة واضحة إلى حرص الرئيس على أن تكون كل القرارات المتخذة دستورية وفي إطار الشرعية ودولة القانون التي يحرص على استكمال أسسها من خلال ورشات إصلاح العدالة التي بدأت تعطي ثمارها. وإذا كان من شعار يجسد هذا التعديل الجزئي فلن يكون إلا "الاستقرار، الفعالية والاستمرارية" لبناء دولة ديمقراطية تكون فيها السلطة التنفيذية قوية ومنسجمة، ويحترم فيها حق المواطن في اختيار ممثليه بكل حرية وتكون فيها الممارسة الديمقراطية مفتوحة أيضا للمرأة لتلعب دورا يكون في مستوى المرحلة الراهنة. وليس صدفة أيضا أن يعلن رئيس الجمهورية بأن من بين المحاور التي سيشملها التعديل صون رموز الثورة في دستور البلاد، عشية الاحتفال بالذكرى الرابعة والخمسين لثورة نوفمبر الخالدة، ليجدد التمسك بمبادئ أول نوفمبر والعمل على ترجمتها، ومما يؤكد أهمية حماية رموز الثورة المجيدة بمادة دستورية، هو ما نعيشه اليوم من حملة تكالب على ثورتنا المباركة وشهدائها، الأبرار يقودها أولئك الذين لازالوا يحملون حقدا لكل ما يرمز لهذه الثورة، مستغلين الثغرات الدستورية التي تجعلهم في منأى عن أي عقاب. إن التعديل الجزئي للدستور سيصحح الكثير من الاختلالات بهدف الارتقاء بالمكتسبات الديمقراطية واستكمال دعم مسار البناء الوطني، وسيكون صمام أمان لوحدة البلاد وتماسكها.