الأحزاب والمرشحون أمس، في حملة الاتصال المباشر مع المواطنين عبر مختلف ولايات الوطن. حملة للإغراء واستقطاب الأصوات وتحريك الشارع السياسي سواء بعرض البرامج ورصد الانشغالات أو تقديم الوعود. بل حتى لجس نبض الناخبين وقياس توجهاتهم ومدى تفاعلهم مع الحدث الانتخابي الذي تقبل عليه البلاد. اختيار الأحزاب السياسية للولايات التي شكلت منطلقا لحملتها الانتخابية لم يكن عند الكثير منها اعتباطيا بل يرتبط بدلالات ورهانات سياسية خططت لها هذه التشكيلات عند ضبطها لبرنامج تنقلاتها خلال هذه الحملة التي تستمر إلى 30 أفريل الجاري. اختار حزب جبهة التحرير الوطني، انطلاقته في الحملة الانتخابية من ولايتي خنشلة وباتنة، لدلالات رمزية ترتبط بخصوصية هذه المنطقة الثورية، وحاجة الحزب إلى إعادة ربط جيل الاستقلال بجيل الثورة والتذكير بأمجاد الشهداء الأبرار الذين سقطوا بالأوراس الأشم. كما يرتبط اختيار الأفلان لولاية خنشلة، بمسألة ثأرية يريد من خلالها الحزب تدارك فشله في هذه الولاية بمناسبة تشريعيات 2012، حيث لم يحصل بها على أي مقعد. حزب التجمع الوطني الديمقراطي اختار الحدود الشرقية للوطن بتنشيط أمينه العام أحمد أويحيى، لتجمعين شعبيين بكل من الطارف وقالمة، مراهنا بذلك على خطاب تعبوي يبرز الدور الكبير الذي يتعين على هذه الولايات لعبه لدعم الاستقرار الأمني ومرافقة التنمية الوطنية. كما لا يستبعد أن يكون الحزب قد اختار الطارف للاستثمار في الوعاء الانتخابي لبعض الأحزاب التي عرفت بعض النزاعات في بعض مناطق الولاية كبلدية الذرعان، التي سجلت غضب مناضلي الغريم الأفلان على عملية ترتيب قائمة الطارف. حزب العمال اختار ولاية برج بوعريريج التي تتناسب أكثر مع خطابه السياسي المرافع لحماية الإنتاج الوطني ودعم التشغيل وفتح مناصب الشغل للشباب، لما تمثله هذه الولاية من قطب اقتصادي وصناعي واعد بما تحتضنه من مشاريع وشركات وطنية أثبتت نجاعتها في مختلف القطاعات ولا سيما في مجال الصناعة الإلكترونية والتكنولوجية. حزب تجمع أمل الجزائر «تاج» فرأى في الخطاب الدعم للتوازن الاقليمي في التنمية منطلقا لحملته الانتخابية التي بدأها من تيسمسيلت وتيارت، معلنا دعمه لسياسة تنمية مناطق الهضاب العليا، وتأييده الكامل لمخططات التنمية الإقتصاية التي أطرتها الدولة لفائدة هذه المناطق التي تراهن عليها في دعم التحول الاقتصادي في إطار المخطط الوطني للنمو الممتد إلى سنة 2019 والتقسيم الإداري القادم. جبهة القوى الاشتراكية، لم تتخلف من جهتها عن إبراز مواقفها التضامنية التي أعربت عنها مرارا مع مختلف مناطق الوطن التي عرفت «اهتزازت» في وقت سابق. هو ما يتجلى من اختيارها لبدء الحملة الانتخابية من ولاية غرداية، التي تعتبر من أبرز معاقل الافافاس على مستوى الوطن، تعرض الحزب بهذه الولاية سابقا لحملات تشويه بفعل الاتهامات التي حاولت إلصاق اسمه بالأزمة التي كانت قد عرفتها المنطقة في السنوات الأخيرة. تحالف حركة مجتمع السلم، الذي اختار العاصمة لبعث حملته الانتخابية لم يفوت فرصة الإعلان عن تمسكه بتاريخ الوطن ومبادئ الثورة التحريرية المجيدة، من خلال العمل الجزائري الذي قاده إلى البيت التاريخي الذي احتضن اجتماع اللجنة الثورية للوحدة والعمل التي قامت بتفجير الثورة التحريرية بمنطقة المدنية، قبل أن يشرف متصدر قائمته بالعاصمة عبد المجيد مناصرة، على تجمع شعبي بالمركز الثقافي ذبيح شريف بنفس البلدية. خلافا لهذه الأحزاب وغيرها ممن فضّلت التنقل خارج العاصمة لتنشيط التجمعات الشعبية، مثلما هو الحال أيضا بالنسبة لرئيس الحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس، الذي أشرف على لقاء جماهيري بولاية مستغانم، فضّلت عدة أحزاب أخرى إطلاق حملتها بلقاءات مع ممثلي الصحافة الوطنية للتعريف بالخطوط العريضة لبرنامجها الانتخابي وبرنامج حملتها الدعائية لتشريعيات 4 ماي القادم. هذا الخيار اعتمده كل من حزب الأرسيدي الذي ستتركز نشاطات أمينه العام محسن بلعباس، بشكل كبير في الجزائر العاصمة، حيث يتصدر قائمة حزبه علاوة على جبهة المستقبل لرئيسها عبد العزيز بلعيد وعهد 54، وحزب العدالة والتنمية الذي أخضع رئيسه محمد السعيد اوبلعيد على هامش الندوة الصحفية التي نشطها أمس، بنادي المجاهدين بالعاصمة، متصدري قوائمه عبر ال20 ولاية التي يشارك فيها إلى القسم، تأكيدا لالتزامهم ووفائهم للمبادئ التي حددها الحزب في إطار هذا الموعد الانتخابي. مما لا شك فيه أن اختيار استراتيجية الانطلاق في الحملة الانتخابية تحدده الإستراتيجية والخطط التواصلية التي يراها كل حزب أو قائمة انتخابية مناسبة أو «مربحة» بالنسبة له، غير أن طول الرحلة التي ستستغرق 22 يوما تضع المشاركين أمام رهان كبير يستدعي منهم الاستماتة والتحلي بنفس طويل والاستمرار على نفس الوتيرة والعزيمة، من أجل إيصال أصواتهم وخطاباتهم ورسالتهم إلى كافة ربوع الوطن، لكسب ثقة المواطن وإقناعه بأهمية وضرورة إسماع صوته في هذا الموعد المصيري.