كشف وزير العدل، حافظ الأختام الطيب لوح عن فتح تحقيقات في 38 إخطارا رفعتها الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات للنواب العامين، وشكاوى تلقتها من بعض الأحزاب السياسية حول تجاوزات تم تسجيلها خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، مشددا من جانب آخر على ضرورة مراجعة مسألة الحصانة البرلمانية، من خلال فتح نقاش واسع يسمح بالتوصل إلى توازن تشريعي يضمن للنائب التمتع بالحصانة، دون تقييد صلاحيات القضاء في النظر في التجاوزات التي قد يرتكبها. الوزير أوضح خلال ندوة صحفية عقدها بمقر وزارته لتقييم دور القضاء خلال التشريعيات الأخيرة، بأن التحقيقات التي فتحتها المصالح القضائية ستحدد في البداية إن كانت الإخطارات التي تم تلقيها ذات طابع جزائي، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه «في حال تم تأكيد طابعها الجزائي، تأخذ هذه الإخطارات مجراها في المحكمة الجزائية، بينما إن كانت ذات طابع مدني أو إداري تبقى في هذا الإطار». حسب السيد لوح، فإن النيابة العامة فتحت أيضا تحقيقات في الشكاوى التي رفعتها بعض الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات التشريعية، حول التجاوزات التي تم تسجيلها يوم الاقتراع، وخاصة تلك التي حدثت بولايتي البويرة والشلف، حيث كشف هذا الإطار أن النيابة «بدأت تحقيقها واستمعت إلى المعنيين بالمقاطع المصورة التي تم تقديمها كدليل إثبات عن التجاوزات، غير أنه حرص بالمقابل على الإشارة إلى أن التجاوزات التي تم تسجيلها تظل «أحداثا معزولة، ليست بالخطيرة ولا تمس بمصداقية الانتخابات». وذكر الوزير بالمناسبة بالطعون التي تلقتها المحاكم الإدارية قبل انطلاق الحملة الانتخابية، لاسيما منها تلك المرتبطة بملفات الترشح، حيث بلغ عددها 263 طعنا، قبل منها 70 طعنا، فيما تم رفض 239 طعنا نتيجة عدم استيفائها للشروط القانونية. وردا عن تصريح رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال بخصوص عدم تحرك بعض النواب العامين، على الرغم من تلقيهم إخطارات من قبل الهيئة، اكتفى لوح بالقول بأن «القضاء قام بواجبه كاملا..». ضرورة فتح نقاش حول الحصانة البرلمانية من جانب آخر، شدّد وزير العدل، حافظ الأختام على ضرورة مراجعة مسألة الحصانة البرلمانية من خلال فتح نقاش يسمح بالتوصل إلى توازن تشريعي يضمن للنائب التمتع بالحصانة وعدم تقييد صلاحيات القضاء للنظر في التجاوزات التي قد تحصل في هذا المجال. وإذ ذكر في هذا الخصوص بأنه من حيث المبدأ، فإن الهدف من الحصانة «هو تمكين النائب من العمل بمنأى عن أي ضغط أو تأثير قد يمس بمهمته أو صلاحياته»، اعتبر لوح عدم حرمان القانون للمتابع قضائيا من الترشح لعهدة نيابية واستفادته من الحصانة في حال فوزه بمقعد في البرلمان، «مسألة من ضمن أخرى تقتضي فتح نقاش على غرار ما هو حاصل في بعض الدول التي وجدت الحل لهذه الإشكالات ضمن تشريعاتها». ولفت الوزير في سياق متصل إلى أن إجراء رفع الحصانة عن ممثلي الشعب، منصوص عليه فعليا في القانون، غير أن إجراءات تطبيقه تبقى «طويلة ومعقدة». في حين أوضح بشأن ترشح بعض المسبوقين قضائيا للانتخابات التشريعية، بأن هذا الشق يندرج ضمن الشروط الواجب توفرها لقبول المترشح، مشيرا إلى أنه «في حال تغاضت الإدارة عن هذا النوع من الحالات، فإن المادة 68 من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري، تسمح لهذا الأخير بمراقبة مدى توفر المترشحين بما فيهم الفائزين منهم على الشروط القانونية لتولي المنصب النيابي». الدعوة إلى تحليل معمّق لظاهرة العزوف في تعليقه على نسبة المشاركة المنخفضة في تشريعيات الرابع ماي الجاري، لفت لوح إلى أن نسبة المشاركة تختلف حسب طبيعة المواعيد الانتخابية، حيث يشهد هذا النوع من الاستحقاقات (التشريعيات) أقل نسبة مشاركة بالنظر إلى الانتخابات المحلية والرئاسية، داعيا بالمناسبة إلى إجراء دراسة معمّقة تجمع الحكومة والأحزاب السياسية لتحليل هذا الوضع، وتحديد الآليات الكفيلة بدفع الناخبين إلى الإدلاء بأصواتهم يوم الاقتراع. وتطرق الوزير أيضا إلى تراجع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الشعبي الوطني، مقارنة بالتشريعيات الماضية، حيث أرجع ذلك إلى وجود 39 قائمة لم تتحصل سوى على مقعد واحد، عاد إلى متصدر القائمة، مما قلص حسبه من حظوظ النساء اللواتي توجد أسمائهن في بقية الترتيب. وخلص السيد لوح إلى التأكيد على أن الانتخابات التشريعية الأخيرة، تعد خطوة جديدة تقطعها الجزائر في مسارها الديمقراطي ومؤشرا على استقرارها السياسي والاجتماعي في ظل الظروف الإقليمية التي تحيط بالبلاد»، مذكرا بكون هذه الانتخابات تعد الأولى التي تجري في ظل الدستور المعدل والقوانين التي انبثقت عنه، والتي جاءت حسبه بضمانات جديدة تعزز من شفافية ونزاهة الانتخابات، «في مقدمتها إنشاء هيئة عليا مستقلة دائمة لمراقبة الانتخابات، تؤدي دورها جنبا إلى جنب مع السلطة القضائية».