أكد الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى أمس، أن الرئيس بوتفليقة يسيّر البلاد بشكل عاديٍّ، معتبرا ما وقع بخصوص تعيين ثم إقالة وزير السياحة في ظرف 48 ساعة، خللا حصل من منطلق الثقة قبل تداركه من قبل مؤسسات الدولة المكلفة بالتدقيق في ملف الشخص المعني. ورافع أويحيى عند تطرقه لتصورات الحزب لإصلاح الوضع الاقتصادي الحالي، من أجل لا مركزية قرار الاستثمار وخوصصة المؤسسات العمومية التي تعاني من صعوبات مالية. وأوضح أويحيى خلال الندوة الصحفية التي نشطها أمس بمقر الحزب بالعاصمة في أعقاب اجتماع المجلس الوطني للأرندي، أن مطالبته بالكف عن الشعبوية والديماغوجدية لا يقصد بها الحكومة، كما لا يريد من خلالها القذف أو شتم أيّ كان، لافتا إلى أن مطالبته بالابتعاد عن الشعبوية تأتي من منطلق تجنيب البلاد الوقوع في انحرافات وأزمات أعمق. واعتبر مدير ديوان رئيس الجمهورية الرهان بالنسبة للجزائر اليوم، رهانا اقتصاديا، تحتاج معه البلاد إلى تحول، يرتكز بالأساس على رد الاعتبار للعمل وليس على انتظار نتائج ما يتقرر في اجتماع فيينا (أوبك)، مجددا بالمناسبة التزام حزبه بالاستمرار في التوعية والتحسيس حول التصور الذي يشارك فيه. كما شدد في هذا الصدد على ضرورة إسهام جميع الفعاليات الوطنية في إطار نقاش وطني واسع، لإخراج البلاد من الأزمة التي تواجهها اليوم، وتجنيبها إملاءات وضغوطات صندوق النقد الدولي. ويرى أويحيى أن النجاح في تسيير مرحلة التحول يستدعي الابتعاد عن الخطاب الشعبوي، وإطلاع الرأي العام على الحقائق التي ينبغي اتباعها بشكل ناجع، مذكرا في هذا الصدد بما حدث من «تهويل» من أطراف المعارضة داخل البرلمان بخصوص قانون المالية لسنة 2016، وبعدها أثناء الإعلان عن تعديل قانون التقاعد. وإذ أشار إلى أن «قانون المالية تم تمريره ولم نسجل موت أي جزائري»، أبرز المتحدث ضرورة إصلاح نظام التقاعد لتفادي وقوع الصندوق في وضعية عدم القدرة على دفع منح المتقاعدين. تسريع الإصلاحات الاقتصادية في سياق متصل، أكد أويحيى على ضرورة تسريع وتيرة إصلاح الوضع الاقتصادي، وأشار إلى أن حزبه يرافع ضمن تصوره لهذه الإصلاحات من أجل خوصصة المؤسسات العمومية، على غرار الفنادق والمطاحن. وحرص على توضيح أن هذا التصور يتبناه الحزب «ليس حبا في الخوصصة، وإنما بسبب تردي وضعية هذه المؤسسات»، معتبرا في نفس الصدد أن هذه الخوصصة ينبغي أن تتم «عندما تكون وضعية المؤسسة قابلة للتحسين وليس بعد الإفلاس». كما يرافع الأرندي ضمن نفس التصور، لصالح لا مركزية قرار الاستثمار وإصلاح النظام الجبائي، والتدقيق في سياسة الدعم المعتمدة في إطار التضامن الوطني مع الفئات الهشة، «حتى يذهب هذا الدعم إلى مستحقيه». قضية بن عقون: «خلل من منطلق ثقة» بخصوص قضية تعيين مسعود بن عقون وزيرا للسياحة ثم تنحيته بعد 48 ساعة، اعتبر الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أن ما وقع كان خللا من منطلق الثقة، وتم معالجته في ظرف 48 ساعة، لافتا إلى أن مثل هذه الحالات تحدث في مختلف دول العالم، «وكان آخرها في فرنسا، حيث تم دفع وزير الداخلية برونو لو رو إلى الاستقالة بعد 3 أشهر من توليه المنصب إثر اكتشاف فضائح في ملفه». وأضاف المتحدث في هذا الإطار أن رئيس الجمهورية لديه مؤسسات تعمل تحت إشرافه، ومنها المؤسسات التي دققت في ملف الوزير المعيّن، ودفعته إلى إقرار إقالته، مشيرا إلى أنه كان بالإمكان السكوت عن الأمر والتريث لمدة 3 أشهر مثلا، ثم إقالة المعني، غير أنه لو تم اتباع هذه الطريقة وتم اكتشاف الأمر لكانت «الفضيحة»، على حد تعبيره. وبخصوص تراجع عدد وزراء الأرندي في الحكومة من 5 إلى 3 وزراء، اعتبر أويحيى أن ذلك لا يحرج الحزب؛ باعتباره يدعم الرئيس الذي عيّن الحكومة، وأكد أن ما يهم الحزب هو أن يكون الفريق الحكومي الذي اختاره الرئيس بوتفليقة فريقا ناجعا، ويوفَّق في تأدية مهامه. وإذ ذكّر بأن التجمع الوطني الديمقراطي الذي يربطه بالرئيس بوتفليقة عقد دعم سياسي لا يمكنه أن يتفاوض حول عدد الحقائب الوزارية، نفى أويحيى أن يكون رفض الالتقاء بالوزير الأول السابق عبد المالك سلال في إطار المشاورات التي قام بها هذا الأخير قبل تشكيل الحكومة الجديدة، مؤكدا أن اللقاء بينهما تم بالفعل بمقر الرئاسة بطلب من الوزير الأول السابق، الذي تجمعه به علاقة صداقة «منذ 1972». كما فنّد أويحيى أن يكون التغيير الحكومي الأخير تم من أجل إبعاد أشخاص معيّنين، مؤكدا في المقابل أنه لازال يحتفظ بمرتبة وزير الدولة، التي يشترك فيها مع مستشار رئيس الجمهورية الطيب بلعيز. ونفى في سياق متصل، تلقّيه عرضا لتولي منصب الوزير الأول، قائلا في هذا الخصوص: «يكفيني شرفا الخدمة التي أقدمها لرئيس الجمهورية من المنصب الذي أشغله حاليا». لا وجود لحالة طوارئ غير معلَنة أويحيى الذي تأسف للجوء البعض إلى الاستعمال السلبي لوسائل الإعلام والاتصال الحديثة، من خلال استغلالها في تشويه سمعة الأشخاص، كذّب ما أثير حول امتلاكه هو وزوجته وأبناؤه عدة مؤسسات اقتصادية، واستنكر حملات التشويه التي يتعرض لها عدد من المسؤولين ومنهم المدير العام ل «نفطال»، وعملية انتحال صفة وزير الطاقة مصطفى قيطوني، معتبرا كل ذلك من مخاطر التكنولوجيات الحديثة، «التي تُعتبر بالنسبة للجزائريين عالما جديدا وهشا». كما أوضح المتحدث من جانب آخر، أن الجزائر لا تعيش حالة طوارئ غير معلنة؛ في إشارة إلى منع المسيرات بالعاصمة، مشيرا إلى أن العاصمة تم استثناؤها لأسباب ترتبط بتفادي حالات العنف والتخريب التي حصلت في السابق، وكان آخرها في 14 جوان 2001 (مسيرة العروش). في المقابل برر المتحدث السماح بالوقفة الاحتجاجية الأخيرة للمثقفين والإعلاميين أمام مقر سلطة ضبط السمعي البصري تضامنا مع الكاتب رشيد بوجدرة، بكون تلك الوقفة «تجمعا وليس مسيرة، علاوة على أن من نظمها هم أناس يمثلون النخبة وفئة المثقفين». على الصعيد الدولي، أكد أويحيى أن موقف حزب التجمع الوطني الديمقراطي من أزمة دول الخليج كما غيرها من القضايا، تنسجم بشكل تام مع السياسة الخارجية للدولة. للإشارة، فقد تم خلال اجتماع المجلس الوطني للتجمع الوطني الديمقراطي، استخلاف 4 أعضاء، ويتعلق الأمر بالراحل مولود شرفي الذي حل مكانه الوزير طيب زيتوني، فيما خلف علي رزقي عمر فقارة بكير، وخلف حكيم بري منذر بودن، بينما تم استخلاف نادية لوجرتيني بنجاة عمامرة.