لايزال ملف توسع مناطق البنايات الفوضوية بولاية وهران يصنع الحدث بالرغم من الإجراءات العديدة التي اتخذتها السلطات الولائية بوهران خلال السنوات الأخيرة، والخاصة بعمليات الترحيل التي مست العائلات المقيمة بعدة تجمعات فوضوية، حيث تعرف عدة مناطق انتشارا كبيرا للبنايات الفوضوية في غياب الصرامة والتدخل الفوري لوضع حد لهذه التجاوزات. يُجمع المتتبعون لملف محاربة البنايات والتجمعات الفوضوية بولاية وهران، على أن الإجراءات المتخذة من طرف السلطات الولائية لاتزال بعيدة عن تحقيق الهدف الخاص بالقضاء على السكن غير اللائق، كما يصفه المسؤولون، أمام الغياب التام للتنسيق بين مختلف الفاعلين في ميدان محاربة الظاهرة، وعلى رأسها البلديات التي تبقى المتهم الأول في انتشار الظاهرة وتوسعها، حيث سبق أن قال الوالي السابق لوهران عبد الغني زعلان، بأن وجود تواطؤ من مسؤولي البلديات ساعد على تنامي الظاهرة التي أخذت أبعادا خطيرة، خاصة مع تأكد سكان المواقع الفوضوية أنه سيتم ترحيلهم بعد أن ركزت السلطات الولائية على ملف القضاء على السكن الفوضوي. وبلغة الأرقام، أحصت اللجنة الولائية للسكن بالمجلس الشعبي الولائي، ما لا يقل عن 155 موقعا لتجمعات فوضوية كبيرة يتراوح عدد سكانها ما بين 350 و4000 عائلة سنة 2016، كما هي الحال بمنطقة شطيبو وببلدية سيدي الشحمي ومنطقة الحاسي ببلدية وهران، ومنطقة خروبة ببلدية حاسي بونيف، فيما أكد التقرير أن بلدية وهران لوحدها تضم 32 موقعا فوضويا، التهمت مساحات كبيرة من العقارات التي كان بالإمكان استغلالها في إنجاز السكنات أو المشاريع التنموية، خاصة بمنطقة الحاسي والبلانتير وكوشة الجير. وتشير الإحصاءات التي حصلت "المساء" على تقارير بشأنها، إلى ارتفاع في عدد المواقع الفوضوية بولاية وهران خلال سنتي 2014 و2015، حيث أحصت اللجنة الولائية للتعمير 9987 بناء فوضويا موزعة على 23 بلدية بالولاية، بمساحة إجمالية تقدّر ب 105 هكتارات. وحسبما أشارت إليه تقارير عن اللجنة الولائية، فإن هذه البنايات القصديرية منتشرة ب 149 موقعا، ويقطنها 11652 عائلة. وتتصدر بلدية السانيا المرتبة الأولى من حيث عدد البناءات الفوضوية المشيّدة على ترابها؛ حيث بلغ عددها، حسب الإحصاء، نحو 4254 بناية آهلة ب 5160 عائلة، موزعة على 60 موقعا، لتليها في المرتبة الثانية بلدية وهران ب 3661 بناية، وفي المرتبة الثالثة دائرة بئر الجير ب 854 بناء فوضويا. وكشف مصدر من المجلس الشعبي الولائي لولاية وهران، أن الولاية بحاجة إلى "استراتيجية عاجلة" للحد من الظاهرة، خاصة أن عمليات الترحيل التي لاتزال تقتصر على سكان هذه المناطق، ساهمت في تنامي الظاهرة في مواقع أخرى؛ من منطلق أن بعض الانتهازيين تأكدوا من أن عمليات الترحيل ستطالهم عاجلا أم أجلا، حسب المتحدث، الذي قال إن مصالح الولاية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تمكنت من ترحيل عدد كبير من العائلات التي كانت تقيم بمواقع فوضوية كبيرة والتي يتجاوز عددها 3200 عائلة، كانت تتواجد بمناطق دوار الفيراج بالعين البيضاء ودوار شكلاوة ببلدية وهران ومنطقة الحياة ريجنسي ببلدية سيدي الشحمي ورأس العين ببلدية وهران، إلى جانب عائلات كانت تقيم ببلدية عين الترك ومنطقة الجرف بكناستيل، وهو ما عُدّ إنجازا هاما للولاية ضمن برنامج القضاء على السكن الفوضوي. وبالمقابل توسعت الظاهرة بمناطق أخرى على غرار منطقة البلانتير، وبالضبط بمحاذاة جبل المرجاجو، حيث مست المنطقة الغابية بقيام عدد من المواطنين بالبناء داخل الغابات، وهو ما تعرفه كذالك منطقة "كوكا" ببلدية وهران، إذ قام مواطنون بقطع الأشجار وبالبناء على حافة الطريق أمام مرأى الجميع، وهو نفس المشكل المطروح بمنطقة "الكيمو" ببلدية السانيا، والتي تجاوز عدد سكانها 500 عائلة بعد أن كانت العائلات الموجودة بداخل المنطقة، لا تتجاوز 100 عائلة تم إحصاؤها مند سنوات، غير أن تأخر عملية الترحيل أدى إلى ارتفاع عدد العائلات، مما أوقف العملية بالكامل أمام مشكل خروج المواطنين إلى الشارع في حال إقصائهم بالرغم من كونهم لا يملكون الحق في السكن. ويشار إلى أن الوالي الأسبق لولاية وهران عبد المالك بوضياف، كان أعلن عن صيغة خاصة للقضاء على مشكل تنامي الظاهرة؛ من خلال تسليم العائلات لمقررات التخصيص المسبق من السكن، والتي تحدد العدد الفعلي للعائلات المستفيدة وتمنع العائلات الانتهازية من الحصول على السكن في حال تأخر برامج التوزيع، وهي العملية التي تمت لصالح سكان منطقة البلانتير في إطار مشروع 9000 مسكن المعلن عنها منذ سنة 2006. وقد أعطت العملية ثمارها من خلال الحد من ظاهرة استغلال الأوضاع من طرف بعض الانتهازيين، ليتم توقيف العمل بهذا البرنامج.