بحضور عمالقة الموسيقى الجزائرية يتقدّمهم الأساتذة شريف قرطبي، نوبلي فاضل، عبد الله كريو، وألمع نجوم الأغنية السطايفية، وضيوف شرف قدموا من الجهات الأربع من تراب الوطن من بينهم ابن عميد أغنية المالوف سليم فرقاني وأسماء أخرى، انطلقت سهرة أوّل أمس، بدار الثقافة "هواري بومدين" بسطيف فعاليات المهرجان الثقافي المحلي للموسيقى الأغنية السطايفية الذي اكتسى هذه السنة حلة جديدة بعد ترسيمه من قبل وزارة الثقافة شهر مارس المنقضي، وسيعرف مشاركة واسعة لأسماء عديدة لها باع في مجال طابع الأغنية السطايفية التي تضرب في أعماق التراث المحلي... كعادتها لم تخالف مدينة عين الفوارة العادات والطقوس في مثل هذه المناسبات، ففي جوّ بهيج صنعته الزغاريد المنبعثة من حناجر العمريات، وعلى أنغام الزرنة والطبلة زادها رونقا دوي البارود والخيالة أمام ساحة دار الثقافة، فضّل القائمون على هذه التظاهرة أن تكون انطلاقة العرس الكبير، كبر الجمهور من عشاق ومتذوّقي الأغنية السطايفية الذين لم تتسع لهم مقاعد القاعة الكبرى، مما أجبر عددا كبيرا من العائلات التي لم يسعفها الحظ لحضور الحفل على العودة إلى الديار.. حفل الافتتاح جرى على مرحلتين، مشهد أوّل استهلته الفرقة الموسيقية البوليفونية بقيادة الأستاذ يوسف زهواني التي قدّمت باقة من الأغاني من عمق التراث السطايفي المحلي تجاوب معها الجمهور الكثيف، قبل أن يفسح المجال لمطرب الأغنية البدوية الفنان كمال النمري، الذي أطلق العنان لحنجرته القوية أبدع فيها بمجموعة من المواويل أوكما يعرف محليا ب"الصراوي"، ليعرّج بعد ذلك إلى الأغنية الخفيفة بالقصبة والبندير التي هزت القاعة بأغنيته الشهيرة "رمانة يا رمانة" التي ألهبت الحضور بالرقص والترديد، وأغنية "راعي المنجوم" التي أداها عدد كبير من فناني الأغنية السطايفية.. الزرنة التي تعدّ نغمتها إحدى رموز الأفراح بسطيف والمناطق المجاورة لها، كانت حاضرة بقوّة في حفل الافتتاح مع فرقة محلية أدّت مجموعة من أغاني التراث السطايفي، تلتها بعدها الفرقة الفولكلورية لمدينة بني فودة التي قدّمت لوحات فنية رائعة بالرقص الشعبي دائما على أنغام الزرنة.. وبعد كلمة افتتاحية قدّمها مدير الثقافة بالولاية الأستاذ محمد زتيلي بصفته محافظ المهرجان، حملت نبذة مختصرة حول مهرجان الأغنية السطايفية وإعادة بعثه من جديد هذه السنة بعد غياب طويل، وجاء في حلّة جديدة مغايرة تماما عن الطبعات السابقة، حيث كانت المشاركة تقتصر على المطربين المحليين، فسح المجال للمرحلة الثانية من حفل الافتتاح، والتي عرفت تعاقب أكبر الأسماء في مجال الأغنية السطايفية رافقهم فيها الجوق الموسيقي للمهرجان بقيادة الأستاذ يوسف زهواني، دشّنها بلبل الهضاب المطرب سمير سطايفي الذي أطرب الحضور بباقة من أغانيه بداية من الأغنية الشهيرة "حارة زمور" التي تردّد كثيرا في الأفراح المحلية، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من أغانيه الراقصة المميزة لأعراس سطيف. تلاه بعد ذلك القادم من ديار الغربة الفنان بكاكشي الخير الذي انتظره الجمهور بشغف كبير، حيث استقبل بالهتافات والزغاريد اللامنقطعة، بكاكشي عاد بالحضور إلى سنوات الستينيات بأدائه أغنية "بنت الطلبة" التي تروي حكاية المرأة التي هجرها زوجها إلى فرنسا تاركا لها ولدين دون مال ولا زاد، وبقيت على ذلك الحال بين أهلها تنتظر الزوج الذي طال غيابه لسنوات، كما أطرب بكاكشي الحضور بمجموعة أخرى من أغانيه قبل أن يفسح المجال إلى ابن مدينة الجسور المعلقة قسنطينة الشاب خلاص الذي اختتم الحفل بتأديته لمجموعة كبيرة من أغانيه القديمة والجديدة على غرار أغنية "يا الرايس" التي ألهب بها القاعة.. تجدر الإشارة إلى أن الأيام الخمسة للمهرجان ستعرف مشاركة 20 فنانا تمّ انتقائهم خلال مرحلة التصفيات التي جرت شهر أوت المنصرم، سيتنافسون على مراتب الأولى خصّصت لها محافظة المهرجان جوائز مالية معتبرة، تشرف عليها لجنة تحكيم تتكوّن من عمالقة الموسيقى الجزائرية يترأسها الأساتذة شريف قرطبي بعضوية كل من نوبلي فاضل، عبد الله كريو، عمر بوخادم وعمار قمجي..