بحضور عمالقة الأغنية والموسيقى السطايفية الضاربة في أعماق التراث الجزائري العميق، وبقدوم ضيوف من الجهات الأربع من تراب الوطن، انطلقت سهرة أوّل أمس، بدار الثقافة "هواري بومدين" بسطيف فعاليات المهرجان الثقافي المحلي للموسيقى والأغنية السطايفية في طبعته الثانية الذي اكتسى هذه السنة حلة جديدة أضيف إليها جمال المدينة إلى جمال المهرجان فأعطت لوحة جمالية ولا أروع في تلك السهرة الفنية العامرية، وسيعرف مشاركة واسعة لأسماء عديدة لها باع في مجال طابع الأغنية السطايفية التي تضرب في أعماق التراث المحلي. كعادتها لم تخالف مدينة عين الفوارة العادات والطقوس في مثل هذه المناسبات، ففي جوّ بهيج صنعته الزغاريد المنبعثة من حناجر العمريات، وعلى أنغام الزرنة والطبلة زادها رونقا دوي البارود والخيالة أمام ساحة دار الثقافة، فضّل القائمون على هذه التظاهرة أن تكون انطلاقة العرس الكبير، كبر الجمهور من عشاق ومتذوّقي الأغنية السطايفية الذين لم تتسع لهم مقاعد القاعة الكبرى، مما أجبر عددا كبيرا من العائلات التي لم يسعفها الحظ لحضور الحفل على العودة إلى الديار. وبعد كلمة افتتاحية قدّمها مدير الثقافة بالولاية الأستاذ محمد زتيلي بصفته محافظ المهرجان، حملت نبذة مختصرة حول مهرجان الأغنية السطايفية وجديد الطبعة الثانية التي أشار فيها إلى الإجراءات التنظيمية الجديدة، أهمها الفصل بين الهواة والمحترفين، وتخصيص مكافآت مالية متساوية، إلى جانب الإجراءات التنظيمية لأيام المهرجان، ولعل أهم ميزة عرفتها الطبعة هي توزيع الحفلات على المراكز الثقافية بالعلمة، بوقاعة وعين آزال التي ستحتضن طيلة أيام المهرجان حفلات يحييها باقة من ألمع الفنانين على المستوى الوطني منهم الشاب خلاص، الشابة يمينة، نصر الدين حرة، الشابة بريزة، الشاب عزيز، الشاب زينو، بكاكشي الخير، سمير السطايفي و غيرهم من الفنانين المميزين في هذا الطباع الغنائي السطايفي على أن يكون حفلي الافتتاح والاختتام بدار الثقافة هواري بومدين. حفل الافتتاح جرى على مرحلتين، مشهد أوّل أبرز عادات وتقاليد عاصمة الهضاب العليا في مراسيم اختتان رمزية أرادها القائمون على العرس السطايفي مقدمة تنوب عن أي حطاب مباشر فكل من حضر القاعة عرف أنه يحضر مهرجان سطايفي مئة بالمائة ميزته الحناجر القوية للعامرية والعامريات مرددين للمواويل أوكما يعرف محليا ب"الصراوي"، مرفوقة برقصات فولكلورية قدّمت لوحات فنية رائعة بالرقص الشعبي على أنغام الزرنة. المشهد الثاني كان للموسيقى والغناء استهلته الفرقة الموسيقية البوليفونية بقيادة الأستاذ يوسف زهواني التي قدّمت باقة انطلقت من روائع الأغاني العالمية التي أبحر فيها المايسترو كل الحضور قبل أن يصل بنا إلى عمق التراث السطايفي المحلي تجاوب معها الجمهور الكثيف، وللإشادة بنجاح الطبعة الأولى فضلت محافظة المهرجان بث شريط قصير عن أبرز اللحظات القوية التي عاشتها ولاية سطيف خلال الطبعة الأولى من المهرجان، ليفسح بعدها مباشرة المجال واسعا للأغنية السطايفية التي دشّنها بلبل الهضاب المطرب سمير سطايفي الذي أطرب الحضور بباقة من أغانيه بداية من الأغنية الشهيرة "حارة زمور" التي تردّد كثيرا في الأفراح المحلية، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من أغانيه الراقصة المميزة لأعراس سطيف، كرائعة "وين راهم ناس سطيف" والتي أطلق فيها العنان لحنجرته القوية المتوازنة مع إيقاعات الزرنة التي تعدّ نغمتها إحدى رموز الأفراح بسطيف والمناطق المجاورة لها، تلاه بعد ذلك القادم أحد أعمدة الفن السطايفي الأصيل عبد القادر سحنون الذي عاد بالجمهور إلى الوراء وبالتحديد إلى سنة 82 بأغنيته الشهيرة "محبوبي نساني" التي لاتزال نبرتها على ألسن كل السطايفية، ممهدا الطريق لرفيقه العائد من ديار الغربة الفنان بكاكشي الخير الذي انتظره الجمهور بشغف كبير، حيث استقبل بالهتافات والزغاريد اللامنقطعة، بكاكشي عاد بالحضور إلى سنوات الستينيات بأدائه أغنية "بنت الطلبة" التي تروي حكاية المرأة التي هجرها زوجها إلى فرنسا تاركا لها ولدين دون مال ولا زاد، وبقيت على ذلك الحال بين أهلها تنتظر الزوج الذي طال غيابه لسنوات، كما أطرب بكاكشي الحضور بمجموعة أخرى من أغانيه، ولأن حفل افتتاح المهرجان أريد به سطايفيا خالصا كان مسك ختامه الفنان القدير تشير عبد الغاني صاحب أقدم الأغاني الرياضية التي ساندت أبناء لاياص ولعريبي أيام الخمسينات والستينات مساهمة في أفراح السطايفية المتوالية مرددا مع جمهوره للأغنية المشهورة" ياسيد الخير عمار لحرار، ترباح الكحلة ونهدي ليزار" قبل أن ينهي الحفل بأغنية سطايفية خالصة بعنوان"حبك كواني"التي ألهب بها القاعة التي اكتضت بجمهورها.. وحسب السيد زوبير ذويبي عضو بمحافظة المهرجان المكلف بالاتصال فإن الأيام الخمسة للمهرجان ستعرف مشاركة 56 فنان، مقسمين إلى هواة ومحترفين حيث بلغ عدد الهواة 20 شاب، فيما سيتنافس 36 مطرب محترف قبل انسحاب الشاب عراس من المنافسة بسبب وفاة والده أول أمس، حيث يتنافسون على ثلاثة جوائز بلغت قيمة الجائزة الاولى 25 سنتيم، الجائزة الثانية ب20 مليون سنتيم والجائزة الثالثة ب15 مليون سنتيم فيما خصصت جائزة لجنة التحكيم بقيمة 5 مليون سنتيم، وقد أطلق على جائزة الهواة اسم الفنانة السطايفية "مريان فوزية"، أما جائزة المحترفين فقد أطلق عليها اسم الفنان السطايفي الراحل "السعيد مهنتل". كما تم تخصيص جوق موسيقي محترف بقيادة الفنان القدير يوسف الزهواني، سيرافق المتنافسين على خشبة المسرح طيلة عمر المهرجان.