يتواصل النزاع القائم بين وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي ورئيس اللجنة الأولمبية الرياضية الجزائرية مصطفى براف، واتسعت الهوة بينهما في الفترة الأخيرة، في مسلسل لا تبدو نهايته وشيكة في ظل تمسّك كل طرف بموقفه. فصول وحيثيات الانسداد الموجود بين "الكوا" ووزارة الشباب والرياضة ليست وليدة اليوم، حيث تعود بدايته إلى المشاركة الأخيرة للرياضيين الجزائريين في الألعاب الأولمبية بمدينة ريو بالبرازيل، خاصة عقب النتائج السلبية التي سجلتها الرياضة الجزائرية في تلك الدورة والضجة التي سادت على الساحة الرياضية حينها، والأموال التي خصصتها الوزارة لتحضير النخبة الوطنية لتحقيق نتائج في المستوى، إذ طالب الهادي ولد علي بتبريرها قبل أن تطفو بعدها على السطح قضية إعادة انتخاب مصطفى براف على رأس "الكوا" خلال الجمعية العامة الانتخابية التي أجريت شهر أفريل الماضي، والتي زادت من حدة توتر العلاقة بينهما. قرار المحكمة الرياضية لم يُنه الصراع رئيس اللجنة الأولمبية الرياضية الجزائرية مصطفى براف كان قد جدد أول أمس دعوته إلى التعقل خدمة للرياضة الوطنية، على خلفية الخلاف الناشب بينه وبين عدة اتحاديات وطنية التي تعارض إعادة انتخابه على رأس الهيئة الأولمبية، معترفا في نفس الوقت بأن العلاقات السائدة حاليا بين "الكوا" ورؤساء الاتحاديات الرياضية المعنية تبقى محتشمة. كما تمنى براف عقد اجتماع مع وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي لإعادة الأمور إلى نصابها، غير أن الوزير لا يبدو على استعداد للاجتماع حاليا به، إذ تجلى ذلك خلال تصريحه الأخير على هامش البطولة الوطنية المفتوحة للسباحة، التي أكد فيها أن الصلح غير وارد حاليا مادام الرجل الأول على مستوى "الكوا"، مازال يتخذ قرارات انفرادية، بدليل عقد اجتماع تنفيذي للهيئة يوم الخميس الفارط بدون رؤساء الاتحاديات الأولمبية. وصرح وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي في العديد من المرات، بأنه يتوجب على رئيس اللجنة الأولمبية والرياضية الجزائرية مصطفى براف تقديم مصلحة الرياضة قبل مصلحته الشخصية فيما يتعلق بالصراع القائم بين مسؤول اللجنة وعدة رؤساء اتحاديات رياضية، مطالبا إياه بالانسحاب من الوسط الرياضي على خلفية ما حدث في الجمعية الانتخابية "الكوا"، وكيف رفض بعض رؤساء الاتحاديات الانضمام للمكتب التنفيذي للجنة الأولمبية ولجأوا إلى المحكمة الرياضية آنذاك. وكانت محكمة التحكيم الرياضي قد رفضت طعن عدد من رؤساء الاتحاديات الرياضية الذين انتقدوا الظروف التي أحاطت بالجمعية العامة الانتخابية للجنة الأولمبية الجزائرية، التي انتهت بإعادة انتخاب براف على رأسها لعهدة جديدة (2017-2020) في ماي الفارط. هل من حلول في الأفق؟ رغم أن الجميع ظن أن الوصاية ستضع حدا لخلافها مع مصطفى براف بعد الاعتراف الرسمي الصادر عن اللجنة الدولية الأولمبية بخصوص شرعية انتخاب هذا الأخير على رأس "الكوا" وقرار المحكمة الرياضية، إلا أن حالة الانسداد تلقي بظلالها على الحركة الرياضية الجزائرية في الوقت الراهن، خاصة أن الوزير الهادي ولد علي قد جدد في العديد من المناسبات مطالبته براف بالرحيل. وفي ظل تواصل الخلاف وغياب الحوار منذ فترة بين وزير الشباب والرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية مصطفى براف، تبقى الرياضة الجزائرية رهينة هذا الصراع الذي لا تبدو نهايته قريبة، فيما يتطلع المهتمون بالرياضة الوطنية لحلول مستعجلة تنهي أطوار هذه القبضة الحديدية بين الطرفين. بعد رفض الوصاية الصلح مع "الكوا" براف يرد: الوزير حر ومسؤول عن قراراته رفض رئيس اللجنة الأولمبية الرياضية الجزائرية مصطفى براف، التعليق على قرار وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي الذي استبعد فكرة الصلح والتفاهم مع "الكوا"، مقتصرا على القول بأنه حر ومسؤول. وقال الرجل الأول على "الكوا" في اتصال هاتفي مع "المساء"، إنه يحترم قرار الوزير مادام هذا الأخير يتكلم باسم الحكومة، كاشفا في الوقت نفسه أن تبنّي مبدأ الحكمة والتعقل سيخدم لا محالة الحركة الرياضية الجزائرية التي تنتظرها رهانات كبيرة في مقدمتها ألعاب إفريقيا للشباب المقررة بالجزائر شهر جويلية 2018، وألعاب البحر الأبيض المتوسط المرتقبة بوهران 2021. وواصل يقول إن المواعيد المذكورة آنفا تتطلب تكاتف جهود كافة الأطراف الفاعلة في الحقل الرياضي الجزائري خاصة أنها تعد أولى أولويات البلد خلال العهدة الأولمبية 2017 2020، وعليه فإن هذه الأزمة لا بد من حلها بعقد اجتماع مع المسؤول الأول عن القطاع الهادي ولد علي، لإعادة الأمور إلى نصابها، على حد قوله. وعن اعتراض عدة اتحاديات رياضية على إعادة انتخابه على رأس الهيئة الأولمبية قال براف: "لقد تم انتخابنا بطريقة ديمقراطية وعلى المباشر أمام كل القنوات التلفزيونية الوطنية.. لقد حان الوقت للشروع في العمل والتفكير أولا في صالح الرياضة الوطنية قبل كل شيء.. علينا التفكير في مستقبل الشبان الآمال قبل التفكير فيمن سيكون أم لا رئيس اللجنة الأولمبية". وأضاف: "الذين يريدون رحيلي عليهم أولا أن ينشغلوا بنشاطاتهم، البعض عُيّنوا حديثا على رأس اتحادياتهم ولم يفرضوا أنفسهم.. أظن أنه حان الوقت لضبط الأمور، كل على مستواه ودرجة احترامه.. إني أكنّ الاحترام للجميع، وأتمنى أن يعاملوني بنفس الاحترام". وفي سياق متصل قال مصطفى براف: "الذين لجأوا لمحكمة التحكيم الرياضي "تاس" لم تؤخذ شكواهم بعين الاعتبار، واللجوء إلى المحكمة الرياضية عبارة، حسب رأيي، عن فوضى؛ لأن هؤلاء الأشخاص شاركوا في أشغال الجمعية الانتخابية وهنّأوا الفائزين قبل تقديم شكواهم لأسباب يعلمها الجميع". ولمح رئيس "الكوا" في ختام حديثه إلى المناورات التي تقوم بها جهات وأطراف مناوئة قصد ضرب استقرار اللجنة الأولمبية، متوعدا في ذلك هذه الجهات برد صارم. — الاتحاديات مصرّة على استعادة "الكوا" مصداقيتها: موقفنا غير قابل للنقاش جدد رؤساء الاتحاديات الرياضية الوطنية أول أمس (السبت)، موقفهم غير القابل للنقاش والذي لا رجعة فيه حول إعادة انتخاب مصطفى براف على رأس اللجنة الأولمبية والرياضية الجزائرية للعهدة الأولمبية 2017 2020، مطالبين بإعادة المصداقية والطمأنينة لهذه الهيئة. وحسب بيان أمضى فيه هؤلاء من بينهم محمد جواج رئيس اتحادية الفوفينام فيات فو داو المتواجد حاليا بالهند في البطولة العالمية، جاء فيه: "موقفنا غير قابل للنقاش ولا رجعة فيه إلى غاية توقف هذا النزيف وحتى تستعيد اللجنة الأولمبية شرعيتها من خلال انتخابات حرة وشفافة لفائدة الرياضة الوطنية". ويأتي هذا بعد 15 يوما عن القرار الصادر عن محكمة التحكيم الرياضية التي رفضت احتجاج هذه الهيئات، والتي نددت بظروف سيرورة الجمعية العامة الانتخابية للهيئة الأولمبية الجزائرية. وأضاف البيان: "قرار المحكمة يدفعنا إلى اتخاذ كل الإجراءات لإعادة المصداقية والطمأنينة للجنة الأولمبية التي تتكون منا نحن... ورفضت الاتحاديات المحتجة قرار المحكمة الذي كان منتظرا بالنظر إلى تركيبة المحكمة الرياضة، والتي تحكم لفائدة اللجنة الأولمبية". للاشارة، جاء هذا البيان عقب النداء الذي وجهه رئيس اللجنة الأولمبية مصطفى براف لهذه الاتحاديات بضرورة التعقل لفائدة الرياضة الوطنية.