مقاربة وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، لتنظيم نشاط بيع أضاحي العيد عبر استحداث نقاط بين مباشرة من الموال إلى المواطن أظهرت العديد من النقائص، فرغم ضمان توفير خرفان بأسعار تنافسية إلا أن الموالين غير راضين عن الإجراءات التي وجب عليهم احترامها، والتي وصفوا الكثير منها بالتعجيزية، بعد أن تمت مطالبتهم بتحديد عتبة الأسعار التي لا تزيد عن 50 ألف دج، مع غياب التحفيزات لتنظيم أسواق بيع المواشي وتشجيع الشباب على تطوير المهنة، على غرار بيع الشعير بسعر 2750 دج وغياب كل المرافق الضرورية في هذه النقاط، وهو ما من شأنه أن يدفع الموالين مستقبلا إلى التخلّي عن هذه التدابير. سمحت لنا الزيارة الميدانية التي قادتنا أمس، إلى نقطة البيع المباشر لأضاحي العيد بنادي الصنوبر البحري، بالوقوف على مشاكل شعبة تربية المواشي التي رغم أنها أصحبت تشكل محل اهتمام العديد من الشباب إلا أنها تحولت إلى مهنة منفّرة للاستثمار الخاص في مجال تربية وتسمين الخرفان والأبقار، وذلك بسبب ارتفاع التكاليف من جهة وغياب الدعم من جهة أخرى. وحسب الموال أحمد من ولاية تيارت، فإن الشروط التعجيزية التي فرضتها عليهم وزارة الفلاحة، والمتعلقة بضرورة تحديد سعر الأغنام ما بين 30 آلفا و45 ألف دج جعلتهم يعيدون حساباتهم، خاصة وأن هذا الشرط لم يقابله تشجيع بعد أن قرر الديوان المهني للحبوب تسويق مادة الشعير ب2750 دج للقنطار، وهو ما أثقل كاهل الموال المشارك في هذه النقاط، علما أنهم مطالبون بتوفير الأكل والشرب لقطعانهم مع ترك الأضاحي المباعة بمكان البيع إلى غاية عشية عيد الأضحى من دون دفع سنتيم إضافي. وقال هذا الموال «أنا أفضّل الاعتناء بالأغنام وضمان مكان ملائم لمبيتهم، عوض التفكير في مكان مبيتي أنا»، في إشارة منه لغياب مرافق الحياة في موقع البيع، فلا مكان ملائم لمبيت الموالين ولا محلات ولا دورة مياه، هي النقائص التي جعلت الموالين يفكرون في عدم العودة مجددا للبيع في مثل هذه النقاط. ولضمان توفير أعلاف القطعان يقول محمد يتم في كل مرة جلبها من مكان تربيتهم بولاية تيارت لربح بعض المال، مشيرا إلى أن ضيق المكان المخصص لكل موال جعل الأغنام تعاني الاختناق خاصة بعد ارتفاع درجات الحرارة، ما استلزم إعادتها إلى الإسطبل بتيارت، وفي هذه الحالة يجب طلب ترخيص جديد من المصالح المحلية بولاية تيارت، مع دفع إتاوة ضريبية بقيمة 1000 دج، علما أن الترخيص صالح لمدة 48 ساعة فقط، مؤكدا أن هذا الشرط تعجيزي للموال، خاصة وأن مهنة تربية الأغنام تتم عبر الولايات الداخلية والجنوبية وهو ما يؤثر سلبا على عملية البيع خاصة عندما يتطلب الأمر جلب رؤوس إضافية بالنظر إلى ضيق المساحة المخصصة لكل موال، ما يجعله يحدد عدد الأغنام المخصصة للبيع في كل أسبوع. لم نطالب برفع الدعم عن الشعير والمواطن يدفع الفارق أكد موال آخر من سيدي عيسى (المسيلة)، أن رفع الدعم عن منتوج الشعير رفع تكاليف تربية الأغنام بكل أنواعها، مشيرا إلى أن الموال البسيط لم يتم إشراكه في اتخاذ هذا القرار الذي يخدم اليوم طبقة معينة من الموالين وهم أنفسهم الذين يقومون بالمضاربة بالمنتوج من خلال اقتناء كميات كبيرة منه بغرض تخزينه وإعادة بيعه بأكثر من 3500 دج في أوقات الذروة، مقترحين على الوزارة تطهير قوائم الموالين وتخصيص بطاقات بيومترية تسمح للموالين الشرعيين خاصة الصغار منهم، بالاستفادة من الدعم المباشر حسب عدد رؤوس القطيع. ودعا الموالون المشاركون في نقاط البيع المباشر مصالح الوزارة إلى اقتراح نفس آليات الدعم المخصصة للفلاحين على غرار القروض المخصصة لعدة نشاطات، مؤكدين أنهم شركاء في القطاع الفلاحي وبحاجة إلى مرافقة الدولة لتطوير نشاط تربية المواشي بمختلف أنواعها، خاصة وأنهم يساهمون في رفع قدرات إنتاج اللحوم الحمراء والحليب الطازج. كما أعاب الموالون على عمل الفرق البيطرية التي تجوب حاليا عددا من نقاط البيع المباشر، وذلك لرفضهم التدخل لمعاينة رؤوس الماشية المصابة بسبب الازدحام داخل المكان المخصص للبيع، وتلك التي تعرضت لحالات الاختناق بسبب ارتفاع درجات الحرارة مؤخرا، مشيرا إلى أنهم حصروا مهمتهم في معاينة الوثائق الصحية فقط، الأمر الذي دفع بالموالين إلى تسريع عملية ترحيل الرؤوس المصابة للإسطبلات بولايتهم الداخلية للاعتناء بها خوفا من نفوقها. وردا على سؤال ل»المساء» حول عمل البياطرة بمواقع تربية الأغنام، أجمع الموالون أنهم مجبرون في كل مرة على التعامل مع بياطرة القطاع الخاص لمعالجة الأغنام المريضة، ونظرا لخبرتهم الطويلة في مجال التربية والتسمين فهم يقومون بمعاجلة القطعان وتلقيحها بأنفسهم، علما أن لقاح «7 أمراض» يتم اقتناءه بمبلغ 5000 دج، كما يتم سنويا شراء دواء آخر في شكل مشروب بقيمة تتراوح بين 4000 و7000 دج لمعاجلة باقي الأمراض المعدية. وأما عدد الموالين المشاركين في نقاط البيع المباشر فقد قارب عددهم 100 موال أغلبهم من أبناء الموالين لا يزيد سنّهم عن 30 سنة قرروا الحفاظ على مهنة الأجداد للاسترزاق منها، مع إدخال تعديلات لعصرنة نشاط الموال، على غرار اقتناء معدات حديثة لتحسين ظروف التسمين، الاعتناء أكثر بالنعاج لضمان سلالات جيدة من الخرفان مع اللجوء إلى الشعير لاستخلاف نقص المراعي. مساحات عمومية يؤجرها خواص لتجار الكباش ب2000 دج لليلة الواحدة وكشفت لنا الزيارة الميدانية التي قادتنا لمقر بيع الأغنام التابعة لفرع «لاتراكو» التابع للشركة الجزائرية للحوم الحمراء «الفيار»، إلى منافسة غير شرعية للتجار الخواص لنقطة البيع التابعة للقطاع العمومي، حيث يؤكد المدير التجاري حاجي بلال ل»المساء» أنه وقع منذ أكثر من أسبوع اجتياح لتجار المناسبات لمساحات تابعة للشركة لبيع كباش العيد، ليتم التأكد من إقدام سكان الحوش المقابل لمقر فرع « لاتراكو» بتأجير مساحات عمومية بقيمة 2000 دج لليوم الواحد لهؤلاء التجار، وهي معاملة غير قانونية دون تدخل من أي جهة بحجة أن عملية بيع الكباش ذات طابع مناسباتي ولا يمكن طرد هؤلاء التجار. أما فيما يخص عملية بيع أضاحي العيد، فقد تم ككل سنة تخصيص 3 آلاف رأس تمت تربيتها وتسمينها عبر أربع مزارع نموذجية تابعة لوزارة الفلاحة، وتراوحت أسعار البيع الذي شرع فيه يوم 17 أوت الفارط، ما بين 32 ألفا و56 ألف دج، وذلك حسب سن وحجم الكبش. ولتسهيل عملية البيع تم تخصيص 8 ألوان تتدرج ما بين الأخضر، الأزرق، الأحمر، الأسود، والبني، لتحديد سعر الأضحية، التي يسمح لكل مواطن بتركها في إسطبلات الشركة إلى غاية عشية عيد الأضحى مجانا، علمنا أن تجار المناسبات يقتطعون ما بين 100 و150 دج عن كل رأس لكل ليلة يبقى فيها عند البائع. وتبقى عملية البيع عبر الاتفاقيات المبرمة ما بين الشركة ومصالح الخدمات الاجتماعية لكل المؤسسات الخاصة و العمومية والهيئات الإدارية، النقطة الايجابية للشركة للتقرب أكثر من كل شرائح المجتمع والسماح لهم باقتناء أضحية العيد بالتقسيط المريح، علمنا أنه بالنسبة لهذه السنة تم إحصاء 30 اتفاقية، ما سمح ببيع غالبية القطيع المخصص لعيد الأضحي. وعن سبب تأخر الشركة في بيع الأضاحي، علمنا أن الوزارة قررت الشروع في تسويق الأغنام ابتداء من 12 أوت الفارط، وأشار مصدرنا إلى أن الأمر يتعلق بأمور تنظيمية، من منطلق أن كل الأغنام المخصصة لعيد الأضحي يجب تعليمها أولا ومعاينتها من طرف البياطرة قبل الشروع في تسويقها، مع العلم أن أكبر حصة منها يتم جلبها من الولايات الداخلية مكان وجود المزارع النموذجية. وبخصوص سبب ارتفاع أكبر سعر إلى 56 ألف دج، أكد حاجي بلال، أن الشركة رغم أنها تابعة للقطاع العام غير أنها مجبرة على اقتناء منتوج الشعير ب2750 دج للقنطار، وهو ما جعل تكاليف تسمين الخرفان ترتفع من سنة إلى أخرى، مؤكدا أن الشركة تكون خاسرة عند بيع الكبش ب30 ألف دج لذلك يتم استدراك العجز المالي في رؤوس الماشية كبيرة الحجم. ونحن بنقطة بيع «لاتراكو» قابلنا مجموعة من الأطفال لا يزيد عمرهم عن 13 سنة يقترحون خدماتهم على المواطنين الذين اقتنوا أضحية العيد، وذلك من خلال اقتراح الدخول إلى الإسطبل لجلب الأغنام بغرض اختيار أضحية العيد، ونقلها نحو المكان المخصص لتجميع الأغنام التي تم بيعها والتي فضل المشترى تركها بالإسطبل إلى غاية عشية العيد، وعن مداخيل الأطفال نظير هذه الخدمات أكدوا لنا أنها تتراوح ما بين 800 دج و1000 دج لليوم الواحد تماشيا وسخاء كل مواطن. رفع نقاط البيع المباشر إلى 638 قررت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، توسيع عدد نقاط البيع المباشر للأضاحي من 23 موقعا موزعا عبر 4 ولايات، إلى 638 نقطة عبر كامل التراب الوطني، وذلك في محاولة منها لدحر كل محاولات المضاربة بالأسعار والحد من نشاط نقاط البيع غير شرعية والتي انتشرت على قارعة الطرقات وعبر عدة أحياء. وتشير مصادرنا من مقر الوزارة إلى أن التخوف من تعفّن لحوم الأضاحي لهذه السنة لجأت الوزارة إلى الموالين لحثهم على البيع المباشر للمواطنين، وهو ما سيخلق توازنا في أسعار السوق بعد تسجيل ارتفاع جنوني في نقاط بيع الخواص تراوحت ما بين 45 و70 ألف دج. وأمام هذا الارتفاع في نقاط البيع فإن الموالين غير راضين عن ظروف تنظيم عمليات البيع وتحديد عتبة الأسعار، مؤكدين أن تكاليف الاعتناء بالنعجة تتراوح بين 25 ألفا و30 ألفا، وهي نفس القيمة التي تخصص لتسمين الخرفان. كما أن الموالين مطالبون بدفع 3000 دج لتوفير مياه الشرب بسبب حالة الجفاف التي تعاني منها المناطق الرعوية، مع إجبارهم على دفع ما بين 5000 دج و 1500 دج للفلاح بغرض السماح له برعي قطعانه بالأراضي التي تم حصدها مؤخرا وهي تكاليف تثقل كاهل الموال.