مربون ينفخون كباش العيد بأغذية الدواجن و الهرمونات و حبوب منع الحمل كلما اقترب عيد الأضحى يجتهد المربون و خاصة التجار في البحث عن أفضل الوسائل لتسمين الخرفان و الكباش لكي يتمكنوا من بيعها بأعلى الأسعار في سوق تطغى عليه المنافسة و المضاربة... المواطنون العاديون يلاحظون ذلك و المختصون يؤكدونه بالأدلة محذرين من عواقب «نفخ» هذه الأنعام بمواد قد تلحق أضرارا بها أو بمن يستهلكها أو على الأقل تفقد اللحوم قيمتها الغذائية و مذاقها الطيب في غياب الرقابة الصارمة و المتابعة الدائمة على مستوى العديد من نقاط البيع و المزارع و الإسطبلات و المرائب. و من بين المواد التي تستعمل لهذا الغرض ذكر هؤلاء المختصين الأدوية التي تحتوي على مضادات حيوية و جرعات كبيرة من الفيتامينات و المقويات و الهرمونات أو أغذية الدواجن و خمائر البيرة إلى جانب الوصفة الاستعجالية السريعة الفعالية التي يلجأ إليها بعض التجار و تتمثل في إعطاء الخرفان كميات كبيرة من الماء مباشرة بعد تناولها للشعير لتنتفخ أحشاؤها بسرعة قياسية ،فتبدو أضخم و أكثر جاذبية و إغراء للزبائن عندما تعرض للبيع و تصاب بعد زوال الانتفاخ بالكثير من المضاعفات و الأعراض الجانبية و يحدث هذا بعد شرائها في أغلب الحالات. الملاحظ أن الحديث عن أضحية العيد هذا الموسم لم يعد يرتبط بالوقاية من الكيس المائي و الأمراض الطفيلية المعروفة التي يمكن أن تصيب الأنعام فقط ،فقد تجاوزها إلى جوانب برزت في الواجهة بعد أن أحيطت طويلا بهالة من الصمت أو اللامبالاة و تتمثل في لجوء بعض التجار إلى حيل و ممارسات لا أخلاقية و مضرة بالصحة أحيانا لتسمين خرفانهم قبيل بيعها لتحقيق المزيد من الأرباح . هذه الجوانب تميط عنها «النصر» اللثام من خلال اتصالها بأطباء بياطرة و مهندس في الزراعة و تقنيات تربية المواشي و أيضا إطارات بمديرية الفلاحة و التجارة بولاية قسنطينة. أدوية منع الحمل النسائية و أغذية الدجاج مطلوبة قال الدكتور بن مخلوف أستاذ جامعي و مدير مخبر أمراض الحيوانات و تسيير تكاثرها بمعهد العلوم البيطرية بجامعة منتوري بأنه شاهد شخصا يشتري صندوقا من أدوية منع الحمل من إحدى الصيدليات، مما أثار فضوله و عندما ذهب هذا الشخص سأل الصيدلي إذا كان يعرفه فرد بأنه مرب للدواجن و الأنعام فأدرك بحكم تجربته بأنه سيخلط تلك الأدوية مع الأغذية فالمعروف أنها تحتوي على هرمون الأستروجين الذي يزيد وزنها بسرعة.و استدرك قائلا بأن هذا لا يعني بأن كافة المربين يستخدمون الهرمونات ،لكن العديد منهم يجتهدون في العثور على طرق و وسائل ووصفات سرية أخرى للتسمين أو بالأحرى النفخ خاصة و أن أعدادا هائلة من الكباش و الخرفان التي تعرض للبيع في الأسواق و الطرقات و المزارع و المرائب تفلت من الرقابة البيطرية. و أضاف بأن بعض المربين و التجار يشترون في هذه الفترة كميات من خميرة البيرة التي تقتنيها عادة السيدات من الصيدليات على شكل أقراص لأغراض تجميلية مثل الحصول على شعر قوي و صحي لامع و أظافر لا تتكسر .و هذه الخمائر تؤثر على انقسام الخلايا و تكاثرها فتوقفها و تؤدي إلى زيادة حجم و انتفاخ هذه الخلايا فيبدو الخروف سمينا و هو في الواقع منتفخا و لدى ذبحه و طهي لحمه يفاجأ المواطن بأن لحمه قاس و ينكمش و يتقلص حجمه بشكل غير طبيعي.كما أن طعمه يصبح مشبعا بالماء بدل البروتينات. و بالتالي تتأثر كثيرا نوعية اللحوم من حيث شكلها و قوامها و مذاقها لكنها لا تلحق أضرارا تذكر على صحة المستهلكين لكن الأضرار جلية على الجيوب و الميزانيات و أيضا على درجة الاستمتاع بفرحة العيد. و أشار زميله المهندس الزراعي ديب وهو أحد الأعضاء النشطين في المخبر إلى أن المربين الحقيقيين يعتمدون في فترة التسمين بعد بلوغ القطيع مرحلة معينة في دورة نموه على مادة الشعير بنسبة 80 بالمائة و باقي الأغذية عبارة عن خليط من الذرة و الخروب و مواد أخرى تسوق من طرف المنتجين . و لا يتردد البعض في استعمال أغذية الدواجن و مزج مضادات حيوية خاصة بعلاج الدجاج و هرمونات في الماء الذي يشرب منه الخرفان للحصول على مفعول سريع جدا. و أشار من جهة أخرى بحكم احتكاكه بالمربين و الوسط الفلاحي بالمنطقة، بأن المواد التي يسمح القانون باستعمالها ضمن أغذية الدجاج هي الذرة و السوجا أساسا، لكن يعمد المنتجون إلى استعمال مكملات غذائية بنسب و تركيبات سرية حيث يكتبون في الأكياس التي تعبأ بها هذه الأغذية التركيبة الأساسية المعروفة و لا يوضحون أنواع الاضافات و المكملات و الفيتامينات و حتى الأحماض الأمينية و المواد المعدنية و الطاقوية المستعملة،و يتراوح سعر الكيس الواحد منها بين 2500 و 3000 دج. و المؤكد أن هذه الأغذية التي يقبل على اقتنائها عدد معتبر من مربيي المواشي خاصة الخرفان مع اقتراب العيد تسرع بانتفاخ شكلها فتبدو سمينة لكن لا أحد يعلم ما يحدث في أحشائها من تفاعلات و أعراض مرضية.و قد أثبتت الدراسات العلمية بأن استهلاك البشر للدواجن التي تمزج في أغذيتها الهرمونات تؤدي إلى ظهور اضطرابات في افرازات الغدة الدرقية و ظهور أعراض مثل الشعر الزائد في الوجه و مختلف مناطق الجسم و خشونة الصوت بالنسبة للنساء لكن ماذا يحدث لمن يتناول لحوم العيد المشبعة بالهرمونات؟!!تساءل محدثنا مؤكدا بأن الشكوك قائمة خاصة مع اقتراب عيد الأضحى، متمنيا أن يقوم المختصون بالمخبر الجهوي للطب البيطري بتحليل عينات من دماء الكباش و الخرفان «المشبوهة»التي لا يخضعها أصحابها للمتابعة و الرقابة البيطرية وتعرض للبيع في «السوق السوداء»خاصة في هذه الفترة التي يزداد فيها الغش و التحايل في أوساط التجار إلا من رحم ربك. و أشار من جهته الدكتور بن مخلوف إلى أن احتياج الدواجن للبروتينات و المواد الكلسية يختلف عن احتياجات الأنعام فإذا كانت مفيدة للأولى فإنها تتسبب في مشاكل في الكلى و عملية الأيض و وظائف أخرى إلى جانب التسممات بالنسبة للأنعام بشكل عام لهذا فهو يحذر من تقديم أغذية الدواجن لكل الأنعام ومن ضمنها الخرفان. خصائص الخرفان التي تم «نفخها» بأغذية الدجاج شرح الأستاذ المتخصص في العلوم البيطرية بأن أول علامة يمكن أن تدل بأن الخروف كان يتناول أغذية الدجاج بهدف تسمينه أو بالأحرى نفخه قبل عرضه للبيع بمناسبة اقتراب عيد الأضحى لون ذيله فلدى قلبه من الداخل إذا ظهر الجلد الذي يغطي اللحم بلون أبيض فاتح فهذا أول دليل على ذلك و إذا كان أحمر اللون فهو لم يتناول الأغذية المذكورة بل الشعير. و الدليل الثاني هو رائحته المزعجة و الثالث يظهر بعد ذبح الأضحية.و يتمثل في لون لحمه الذي يميل إلى البياض بدل الاحمرار.و الدليل الثالث يرتبط بالشحم فهو يكون على شكل كريات «كعابش»و ليس متماسكا في كتلة واحدة. كما أن طعمه ليس لذيذا مقارنة بباقي اللحوم.و الأهم من كل ذلك الرائحة حسب محدثنا - فمن يتوجه إلى اسطبل أو مرآب يعرض صاحبه خرفانا للبيع،يصدم إذا كان يطعمها بأغذية الدجاج بانبعاث روائح كريهة جدا لا تطاق قد تتسبب في الشعور بالغثيان و الانزعاج الشديد.كما أن من يخلط في أغذية خرفانه أدوية و مضادات حيوية تفضحها الروائح المنبعثة منها لدى الاقتراب منها.و أضاف ضاحكا بأنه من الضروري شحذ حاسة الشم لدى التوجه لشراء الأضحية و كذا البصر. الخبز يزيد من وزن الأضحية و قد يتسبب في قتلها بين المهندس الزراعي الخبير في تربية المواشي و الفلاحة السيد ديب من جهته، بأن بعض المربين يلجأون إلى تسمين خرفانهم بتقديم كميات كبيرة من الخبز لهم بشكل منتظم مما يتسبب في إصابتها بالسمنة المفرطة و يكون طعم لحومها غير لذيذ و مادة الحديد ناقصة في تركيبها و بالتالي نوعيتها و قيمتها الغذائية ضعيفة. و شددت الدكتورة البيطرية جنة من مديرية الفلاحة بأن تناول الخرفان لخبز قديم متعفن بالطفيليات التي تضفي عليه لونا أزرق أو أخضر و رائحة كريهة يمكن أن يتسبب في موتها متسممة قبل ذبحها في العيد . وبخصوص سؤالنا إذا كانت مصالح المديرية قد اكتشفت لدى قيامها بمراقبة القطاع عينات من الكباش تم تسمينها بالهرمونات ردت بالنفي و بينت بأن ذلك ليس لكون المربيين يتمتعون بالوعي الكافي لإدراك خطورة ذلك على صحة الأنعام و البشر، بل لأن الأدوية التي تحتوي على هرمونات غالية الثمن و لا يستطيعون أن يطلبوا من البيطري وصفها لمواشيهم لأنها محظورة الاستعمال. و اعترفت من جهة أخرى بأن مصالح المديرية و كل الجهات المعنية عاجزة عن مراقبة و متابعة أكثر من ثلث الكباش و الخرفان الموجودة على التراب الوطني لأن البقية تهرب إلى خارج الحدود أو تهرب إلى الداخل محملة بمختلف الأمراض و المشاكل. عنوان الخروف في حافره ينصح الأستاذ بن مخلوف الراغبين في اقتناء أضحية العيد بالتعرف على المكان الذي عاش و تربى و نشأ فيه الخروف قبل بيعه بطرح أسئلة على البائع حول ما يعرف باللهجة العامية المتداولة في وسط الفلاحين و الموالين «مرقدو» أو استخدام دقة الملاحظة في اكتشاف «عنوانه»من حافره.فإذا كانا حافراه في حالة جيدة نظيفين و طويلين فهذا يعني حسبه أن هذا الخروف لا يمشي كثيرا و لا يخرج إلى المراعي و تكون تغذيته ضعيفة و محدودة أساسها الخبز الذي يقدمه له صاحبه و ربما أغذية الدجاج . أما إذا كان حافراه متآكلين فهذا يعني أنه يستخدمهما كثيرا و يخرج باستمرار و هنا على الزبون أن يركز على الجلد فإذا لاحظ أنه ذي لون بني فهذا يعني أنه يتوجه إلى الحقول و يرعى الأعشاب و النباتات الطبيعية و إذا كان صوف جلده مختلطا بفضلاته فهذا يعني أنه عاش في اسطبل و لا يعرف المراعي أما إذا كان جلده نظيف أبيض فهذا يدل على أنه استقدم من الجنوب من بين أحضان الصحارى و الواحات.و في كل الحالات فإن من أفضل الأغذية الطبيعية التي تقدم للخرفان الشوفان «الخرطال»و مزيج التبن و القش و لابد من الحذر لدى تقديم الشعير لها . مشيرا إلى أن قنطارا واحدا من الشعير يتراوح سعره بين 2500 و 3000 دج .و يلجأ بعض التجار إلى وصفة استعجالية لبيع الخروف العادي بسعر الكبش السمين و تتمثل في تقديم 500 أو 600 غرام من الشعير له قبل ساعات من عرضه للبيع في السوق و بعد أن يستهلكها يضعوا أمامه كميات كبيرة من الماء فيشربها ...عندئذ تنتفخ أحشاؤه و يبدو أضخم من حجمه الحقيقي بكثير فيغري الزبائن الذين لا يدركون أن حياته في خطر.ففي اليوم الموالي على أقصى حد يتقلص حجمه و تظهر عليه أعراض الاسهال و الجفاف و المغص و المرض. أغذية المواشي تحضر بشكل عشوائي المكلف بالاتصال على مستوى مديرية التجارة لولاية قسنطينة أوضح بدوره بأن المديرية لا تتوفر على مخابر بإمكانها تحليل دماء الكباش للتأكد من عدم تناولها لأدوية بها هرمونات لتضخيم حجمها فهذه من صلاحيات المخابر البيطرية لكن أعوانها يقومون بتدخلات في الأسواق و المذابح و مختلف نقاط البيع المحددة و كذا مراقبة الأغذية المخصصة لها . وأشار إلى تحقيق بدأته المصالح المعنية بالمديرية في جويلية 2011 واستغرق ستة أشهر على مستوى وحدات انتاج أغذية الأنعام .حيث بلغ عدد التدخلات 30 تدخلا لأخذ 24 عينة من أجل إخضاعها للتحاليل الفيزيوكيميائية و سجلت عندئذ 9 مخالفات تمت مقاضاة مرتكبيها . فقد بينت نتائج التحاليل بأن هذه الأغذية غير مطابقة للمعايير المحددة. و الجدير بالذكر أن ولاية قسنطينة تضم 32 وحدة لانتاج أعلاف الأنعام و الدجاج يملك أصحابها سجلات تجارية .تنشط 12 وحدة منها بشكل دائم و 20 بشكل غير دائم و بينت نتائج التحقيق المذكور أعلاه بأن منتجة فقط تملك رخصة معتمدة من المفتشية البيطرية و تنتج الأغذية وفق طريقة تكنولوجية عصرية أما باقي زملائها في القطاع فينشطون دون رخصة و ينتجون هذه الأغذية بطريقة عشوائية وفق معايير و خبرات تقليدية متوارثة في غياب تعريفات و تصنيفات علمية مدروسة . إلهام.ط